
ثلاثة حقائق ينبغي أن تعرفها عن سفر حبقّوق
۱۷ يونيو ۲۰۲۵ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة يهوذا

كثيرون اليوم مُجرَّبون بأن يتخلّوا عن الجهاد لأجل الحقّ المطلَق، وبالتنازل عن الإيمان بأنَّ يسوع هو الطريق الوحيد إلى السماء، وأنْ يقبلوا أن المعتقدات المتعدِّدة حول العالم طرقًا مشروعةً للخلاص. ومحزِن أنَّ الكنائس لم تسلم من تأثير هذا التعليم كثير الانتشار، بل إنّ البعض رضَخ تحتَ الضغط، تاركين الحقّ ومتجاهلين إياه ليقبلوا الكذب والضلال. وكثيرًا ما كانت رسالة يهوذا، التي تكلَّمتْ بالكثير عن هذه المسائل، محلَّ تجاهُل. ربّما يعود هذا إلى أنّ هذه الرسالة، برغم قِصَرها، تمتلئ بالإشارات الصعبة التي يمكن أن تحيِّر القارئ. ولكنّ رسالة يهوذا ضروريّة ولازمة بصورة خاصّة ليومنا، لأنَّها تذكِّر "...الْمَدْعُوِّينَ الْمُقَدَّسِينَ فِي اللهِ الآبِ، وَالْمَحْفُوظِينَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (يهوذا 1) بأن يجاهدوا لأجل الإيمان ويستمرّوا في الإيمان.
كان يهوذا، الذي تحمل هذه الرسالة اسمه، الأخَ الأصغر ليسوع ويعقوب، وقد كان يعقوب قائدًا مهمًّا في الكنيسة الأولى، وهو مَن كتب الرسالة التي تحمل اسمه (مرقس 6: 1-6؛ أعمال 15: 13-21؛ غلاطية 2: 9؛ يعقوب 1: 1). لافتٌ للنظر أنّ يهوذا لم يكن يتبع يسوع خلال حياته وخدمته الأرضيّتَين (يوحنا 7: 5)، ولكنّه اختبر الإيمان الخلاصي بعد قيامة يسوع (أعمال 1: 12-14). وبسبب تشابه محتوى هذه الرسالة مع محتوى رسالة بطرس الثانية، فالراجح أنْ تكون قد كُتِبت حول التاريخ نفسه، أي في منتصف ستينيّات القرن الميلادي الأول.
تعلِن رسالة يهوذا أنّه كان يكتب لكنيسة مُحدَّدة، أو مجموعة من الكنائس، التي إليها "...دَخَلَ خُلْسَةً أُنَاسٌ قَدْ كُتِبُوا مُنْذُ الْقَدِيمِ لِهذِهِ الدَّيْنُونَةِ، فُجَّارٌ، يُحَوِّلُونَ نِعْمَةَ إِلهِنَا إِلَى الدَّعَارَةِ، وَيُنْكِرُونَ السَّيِّدَ الْوَحِيدَ: اللهَ وَرَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ." (يهوذا 4). وبسبب الإشارات الكثيرة إلى العهد القديم والكتابات اليهوديّة، الراجح أنَّ قرّاء رسالة يهوذا كانوا مسيحيّين من أصلٍ يهوديّ، مع أنّ بعض العلماء يؤمنون أنَّ هذه الإشارات تتعلَّق بخلفيّة يهوذا أكثر ممّا تتعلَّق بخلفيّة قرّائه.
الأمر المهمّ هو أنّ يهوذا يبني دعوته إلى العمل على محبّة الله العهدية. أوّلًا، يُخبِر المؤمنين بمَن هم في ضوء مَن هو الله. ثم يدعو المؤمنين إلى الجهاد لأجل الإيمان والثبات فيه. يركِّز يهوذا أفكارَ قرّائه حول مجد الله الثالوث وجلاله وملكه وسلطانه حتّى يُؤهَّلوا ويُعَدُّوا للجهاد لأجل الإيمان والثبات فيه.
1. المؤمنون مدعوُّون من الله.
يوجِّه يهوذا رسالته إلى "الْمَدْعُوِّينَ" (يهوذا 1). حين يدعو الله الناس إليه، تنفتح عيونهم "...كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ، وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ..." (أعمال 26: 18). بفعل اتّحاد المؤمنين بالمسيح من خلال الإيمان، فإنّهم يكونون محبوبين و"...مُقَدَّسِينَ فِي اللهِ الآبِ" (يهوذا 1). ولأنّ الله "...اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ" (أفسس 1: 4)، نكون "...مَحْفُوظِينَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (يهوذا 1). الذين يدعوهم الله يبرِّرهم ويمجّدهم الله (رومية 8: 30). ولذا، فإنّه هو الوحيد "الْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ، وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الابْتِهَاجِ" (يهوذا 24).
2. على المؤمنين أن يجاهدوا لأجل الإيمان.
قال يهوذا: "...اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظًا أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ" (يهوذا 3). وهو يذكِّر المؤمنين بأنّ عليهم أن يجاهدوا لأجل الإيمان الذي يحبّونه، خاصّة في وسط التعاليم الخاطئة والمنحرفة عن النّعمة، التي تسلّلت إلى الكنيسة دون أنْ تُلاحَظ. وليشجِّع يهوذا قرّاءه على الجهاد لأجل الإيمان، يذكِّرهم بدينونة الله التي تأتي على الأشرار، مُستخدِمًا أمثلة من الماضي من أجل أن يحذِّر من دينونة الأشرار الآتية في المستقبل (يهوذا 5-16).
3. ينبغي أن يثبت المؤمنون في الإيمان.
لأنّ المؤمنين معرَّضون لفقدان الإحساس بالحقّ، وأنْ تصير لديهم قابليّة لقبول الضلال، وأن يحرِّفوا نعمة الله الحقيقيّة، وأن ينكِروا المسيح سيّدهم وربَّهم، يدعوهم يهوذا قائلًا: "...ابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ" (يهوذا 20-21)، ويحثهم على الاستمرار في ذلك. وبالإضافة إلى هذا، ينبغي أن يكون المؤمنون الأقوياء رحماء تجاه الضعفاء، وأن يساعدوهم في تجنُّب الضلال والابتعاد عنه بتذكيرهم بالحقّ (يهوذا 22-23).
ربّما تكون قد تخلّيتَ عن الجهاد لأجل الإيمان اليوم، إذْ قبلتْ بغير قصدٍ دعوة ثقافتنا إلى قبول التعدُّديّة. أو ربّما تكون قد انحرفتَ عن إيمانك بعقائد الإيمان المركزيّة والرئيسيّة، سائرًا في طريقٍ مختلف. وربّما تكون قد تخلّيتَ عن دراسة الكتاب المُقدَّس لصعوبةٍ ما في الحياة، وتحتاج إلى أن تعود إلى الالتزام بدراسة الكتاب المُقدَّس بثبات. أو ربّما تحتاج إلى تذكيرٍ جديد ومستمرّ بأنَّ التعليم المنحرف ما يزال يتسلَّل إلى الكنائس اليوم. وربّما تكون في احتياجٍ إلى تذكيرك بعظمة الله ثالوثيّ الأقانيم في وسط مجتمع تعدُّدي. بغضّ النظر عمّا تحتاج إليه حقًّا، لدى يهوذا رسالة مناسبة وفي وقتها لكلّ واحدٍ منّا. إنّه يدعوا إلى أن نجاهد لأجل الإيمان وأن نثبت فيه، مع الثبات في يقين خلاصنا وعظمة وسرمديّة مجد الله وجلاله وسيادته وسلطانه.
هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها".
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.