ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة غلاطيّة - خدمات ليجونير
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة أفسس
۲۳ يناير ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة أفسس
۲۳ يناير ۲۰۲۵

ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة غلاطيّة

1. تدافع رسالة غلاطيّة عن حقيقة أنّ الإنجيل الذي نادى به بولس أتاه من المسيح.  

ربما لا يعرف بعض القرّاء أنّ شرعيّة رسوليّة بولس قد تعرَّضت للهجوم من خصوم بولس في غلاطيّة. فقد ادّعوا أنَّ بولس لم يكن رسولًا حقًّا، إذْ لم يكن تابعًا للمسيح في زمن خدمته الأرضية. وعلاوةً على ذلك، أكّدوا على أنَّ الإنجيل التي نادى به بولس كان يناقِض الإنجيل الذي يعلِّمه بطرس ويوحنا ويعقوب في أورشليم. وبكلماتٍ أخرى، قال المُزعِجون المحرِّضون على بولس إنَّ إنجيل بولس كان يعتمد على رسل أورشليم ومأخوذ منهم. ولم يقتصر الأمر على هذا، إذ اتّهموا بولس أيضًا بتشويه الإنجيل الذي علَّمه الرّسل في أورشليم.  

ولذا يدافع الرسول بولس في الأصحاحَين الأوَّلَين عن شرعيّة إنجيله وصحّته. فشدَّد على أنّ الإنجيل الذي كان يُعلِنه قد أعلنه له يسوع المسيح نفسه بصورة فوق طبيعيّة في الطريق إلى دمشق. لا يمكن أن يُعزَى إنجيل بولس إلى تفكيره، ولكنّه أُعطي له بصورة مستقلّه من يسوع المسيح. ولكنْ ليس هذا كلَّ شيء. فحين سافر بولس إلى أورشليم بعد أربع عشرة سنة، صادَق الرسل بطرس ويعقوب ويوحنا على إنجيل بولس. فقد اعترفوا بأنَّ إنجيل بولس كان الإنجيلَ الحقيقيَّ، أي الإنجيل نفسه الذي كانوا هم يكرزون به. وفي الحقيقة، وبّخ بولس بطرس حين ساوَم الأخير في بشارة الإنجيل في مدينة أنطاكية (غلاطيّة 2: 11-14). ولذا، يُظهِر بولس في الأصحاحَين الأوّلَين من رسالة غلاطيّة أنّه تلقّى بشارة الإنجيل مباشرة من يسوع، وأنّه لم يشوِّه الرسالة التي يعلِّمها الرسل في أورشليم. فقد كانوا يعلِّمون بشارة الإنجيل نفسها.  

2. تعلِّم رسالة غلاطيّة أنّنا نتبرَّر بالإيمان لا بالأعمال.  

رسالة غلاطيّة هي الرسالة الأولى التي فيها يذيع بولس حقَّ أنَّ المؤمنين يتبرَّرون لا بأعمال الناموس بل بالإيمان بيسوع المسيح. أصرّ خصومُه على أنّ على الإنسان أنْ يحفظ الشريعة ويُختَن للحصول على الخلاص (غلاطيّة 5: 2-4؛ 6: 12-13؛ انظر أيضًا تكوين 17: 9-14؛ أعمال 15: 1-5). وما لم يفهمه هؤلاءِ الخصومُ هو أنَّ العهد الجديد بدأ بموت يسوع المسيح وقيامته. ولذا لم يعد المؤمنون تحتَ شروط العهد الموسوي وبنوده، بما في ذلك الختان. مؤكَّد أنّ المؤمنين كانوا دائمًا يخلصون بالإيمان، كما يُشير الرسول بولس باستخدامه مثال إبراهيم (غلاطيّة 3: 6-9). والآن، أتى المسيّا، وصار واضحًا أنَّ الإنسان يخلُص لا بأعمال النّاموس بل بالإيمان بيسوع المسيح.  

الخبر السّارّ هو أنّنا نتبرَّر، أي نُعلَن أنّنا في وضعٍ صحيح أمام الله، لا بما ننجزه بل بالإيمان، لا بالعمل بل بالراحة في نعمة الله في يسوع المسيح. لو كان يمكن الحصول على البرّ بالناموس، لكان المسيح مات باطلًا وبلا سبب (غلاطيّة 2: 21). لا يمكن أنْ يأتي البرّ من خلال الطاعة البشريّة لأنّ الله يطلب طاعةً كاملة، وتأتي اللعنة على كلّ الذين لا يعملون كل ما يأمر الله به (غلاطيّة 3: 10). ولا تزول اللعنة إلا بموت يسوع المسيح الذي حمل اللعنة عنّا حين عُلِّق على شجرة (غلاطيّة 3: 13). وهكذا، تمثِّل رسالةُ غلاطيّة الرسالةَ الأولى التي تُعلِن أن المؤمنين يخلُصون بالنّعمة وحدها، بالإيمان وحده، بالمسيح وحدة، لمجد الله وحده.  

3. تؤكِّد رسالة غلاطيّة على أهمّيّة الطّاعة المُقادة بالرّوح القدس.  

كما يؤكِّد الرّسول بولس في رسالة غلاطيّة على أهمّيّة الطاعة. ليست هذه الطاعة أساس تبريرنا أو علاقتنا السليمة بالله. فالأساس الوحيد لهذه الأمور بالنسبة للمؤمنين هو موت يسوع المسيح وقيامته، الذي يغفر لنا خطايانا، ويُحسَب برُّه لنا. ولكن سيكون من الخطأ أن نستنتج من هذا أنّ الطاعة غير مهمّة.  

فيشدِّد بولس بأقوى التعابير على أنّ الذين يعملون أعمال الجسد لن يرثوا ملكوت الله (غلاطيّة 5: 19-21). كما أن الذين يزرعون للجسد يحصدون فسادًا، وأمّا الذين يزرعون للرّوح فيحصدون حياةً أبديّةً (غلاطيّة 6: 8). ولكنّ حياة المؤمنين الجديدة لا تُولَد من ذاتها، ولا تناقض بشارة النعمة. يحتاج المؤمنون قوّة فوق طبيعيّة، وتأتي تلك القوّة من الرّوح القدس. وهكذا، يحثّ الرسول بولس المؤمنين على أنْ يسلكوا بالروح القدس (غلاطيّة 5: 16)، وبأن يكونوا تحتَ سلطة وقيادة الروح القدس (غلاطية 5: 18)، وبأن ينتِجوا الثّمر الذي يأتي من الروح القدس (غلاطية 5: 22-23)، وبأنْ يسلكوا في انسجامٍ وتوافق مع الروح القدس (غلاطيّة 5: 25)، وبأن يزرعوا للروح (غلاطيّة 6: 8). لا يقع الرسول بولس في الناموسيّة هنا، لأنّ طاعة المؤمن تنبع من النّعمة.  

الخاتمة 

تبرز ثلاثة أمور في رسالة غلاطيّة. الأمر الأوّل: دُعي بولس بنعمة المسيح في الطريق إلى دمشق ليكون رسولًا. الأمر الثاني، يعلِّمنا الإنجيل أننا نتبرَّر بالإيمان فقط، لا بالأعمال، وأنّ تبريرنا مبنيّ على موت يسوع المسيح وقيامته، الذي مات مكاننا حاملًا عنّا اللعنة التي نستحقّها. والأمر الثالث، يحيا المؤمنون حياة جديدة لا بقوتهم بل بقوّة الروح القدس، وليس ليكسبوا استحقاقًا أمام الله، بل بسبب عمل نعمة الله السخيّة في حياتهم.  

هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها". 


تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

توماس شراينر
توماس شراينر
الدكتور توماس شراينر هو أستاذ تفسير العهد الجديد، وأستاذ اللاهوت الكتابي، والعميد المساعد لمدرسة اللاهوت بكلية اللاهوت المعمدانية الجنوبية في مدينة لويفيل، بولاية كنتاكي. وهو كاتب لعدد كبير من الكتب، منها "المواهب الروحية" (Spiritual Gifts).