تأمل الماضي

مزمور 30: 1-3
أُعَظِّمُكَ يَا رَبُّ لأَنَّكَ نَشَلْتَنِي وَلَمْ تُشْمِتْ بِي أَعْدَائِي. يَا رَبُّ إِلهِي، اسْتَغَثْتُ بِكَ فَشَفَيْتَنِي. يَا رَبُّ، أَصْعَدْتَ مِنَ الْهَاوِيَةِ نَفْسِي. أَحْيَيْتَنِي مِنْ بَيْنِ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ.
 
 

في التقسيم الكتابي للزمن، نجد تباينًا مهمًا بين التسلسل الزمني كرونوس وكايروس. يحمل هذا التباين في طياته افتراض أن اللحظات الشخصية قد يكون لها تأثير فعال على حياة الفرد بأكملها. يميز العهد الجديد بينهما كالتالي: يشير كرونوس إلى مرور الزمن بشكله الطبيعي لحظة بلحظة ويوم بيوم وسنة بسنة. بينما يشير كايروس إلى لحظة بعينها داخل الزمن لها أهمية محورية. فكايروس هي تلك اللحظة التي تعطي معنى دائم للتاريخ. ومن أمثلتها في الكتاب المقدس نجد الخروج، ومسح شاول، والسبي، وميلاد الرب يسوع، والصليب.

نجد أقرب مثال على هذا التباين، في الفرق بين ما هو تاريخي (historical) وما هو بارز ومؤثر (historic). إن أي حدث يقع في شهر يونيو يعتبر تاريخي (historical)، لكن ليس كل حدث بارز ومؤثر (historic). فالأحداث البارزة والمؤثرة تغير مجرى التاريخ وتغدو سبب الاحتفال أو الحزن أو الذكرى في المستقبل. فالتوقيع على وثيقة إعلان الاستقلال حدث بارز ومؤثر، ومثله خطوات الإنسان الأولى على سطح القمر.

لنا أيضًا في حياتنا الشخصية الخاصة لحظات بارزة ومؤثرة، أحداث خاصة شكلَّت شخصياتنا واتجاهات طاقاتنا وقولبتهما. لدى كل منا لحظات نجاح في حياته. كثيرًا ما تتشابك رغباتنا في الحياة أو تتقنَّع بمظهر خارجي من الحنين لذكريات الماضي. إذا تعمَّقنا داخل هذه الذكريات، سنكتشف الكثير عمَّن نحن. إن التأمل في الماضي وأموره وأحداثه التي تفضل أن تتناساها قد تثير مشاعر الذنب والخوف أو أيهما. لكن لا بد لنا أن نتعايش مع ماضينا.

الحدث أو اللحظة البارزة والمؤثرة في حياتنا هو ما يصنع تاريخنا. إنه لشعور حقيقي بأننا نحن ذاتنا، تاريخنا. لا أستطيع فصل هويتي عن ماضيَّ. حتى وإن أصبحت إنسانًا جديدًا في المسيح ما زلت أحمل "الإنسان العتيق" معي حتى انتقالي.

في محضر الله: الحياة أمام وجه الله.

ما المشاعر التي ثارت داخلك حين تأملت ماضيك؟ ألا زالت هناك أمورًا لم تُحل بعد وتحتاج لحلها؟