معنى “إيل شدَّاي”
۱۷ أغسطس ۲۰۲۰الفرق بين يهوذا وبطرس
۲۸ أغسطس ۲۰۲۰المبادلات العظمى في رسالة رومية
عندما تخترق عجائب الإنجيل حياتك، تشعُر كأنك أول شخص يكتشف قوته ومجده. وتتساءل: أين كان المسيح مختفيًا كل هذه السنوات؟ إنه يبدو جديدًا جدًا ومليئًا بالنعمة. ثم يأتي الاكتشاف الثاني —أنك أنت مَن كان أعمى، لكنك الآن اختبرت نفس اختبار عدد لا يُحصى من الآخرين قبلك. يمكنك المقارنة. بالتأكيد، أنت لست الأول! ومجدًا لله أنك لن تكون الأخير.
إذا كانت تجربتي هي شيء يمكن من خلالها الحكم والتقييم، فإن اكتشاف رسالة رومية يمكن أن يكون اختبار مماثل. ما زلت أتذكر، عندما كنت مراهقًا مسيحيًّا، نشأت هذه الفكرة ببطء في ذهني: كل الكتاب المقدس مُوحى به من الله ونافع لي، ولكن يبدو أيضًا أن له شكلًا وبنية، ومركزًا وسياقًا. إن كان الأمر كذلك، فإن بعض الأسفار الكتابيَّة قد تكون أساسيَّة؛ وينبغي إتقانها أولًا.
ثم جاء الإدراك أنه (إلى جانب كتب علم اللاهوت النظامي) يجب أن تكون كتب التفسيرات الكتابيَّة أساس في مكتبتي. قد كانت بركة لي في اسكتلندا تلك الأيام أن تكون رسوم دراستي مجانيَّة وهناك منحة ماليَّة للطالب، فاشتريت كتب روبرت هالدين (Robert Haldane) وجون موراي (John Murray) الدراسيَّة الرائعة لرسالة رومية.
عندما درست رسالة رومية، وصارعت مع بعض حقائقها العظيمة، ومع بعض نصوصها الصعبة (بالتأكيد 2 بطرس 3: 14-16 تشير إليها!)، أصبح من الواضح أن عددًا لا يُحصى من الأقدام قد سارت في هذا الطريق من قبل. كنت قد بدأت للتو في الانضمام إليها في اكتشاف القوة التي تجدِّد الذهن وتغيِّر الحياة لما يسميه بولس "إنْجِيل الله" (رومية 1: 16؛ 15: 16)، و"إِنْجِيل الْمَسِيح" (رومية 1: 16؛ 15: 19)، و"إِنْجِيلِي" (رومية 2: 16؛ 16: 25). وسرعان ما اتضح لماذا دعا مارتن لوثر رسالة رومية "أوضح إنجيل على الإطلاق". يمكن تلخيص الإنجيل في رسالة رومية في كلمة واحدة: المبادلة. في الواقع، عندما لخَّص بولس تعاليم رومية 1: 18-5: 11، ختم حديثه بالقول إننا كمؤمنين "نَفْتَخِرُ أَيْضًا بِاللهِ، بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ" (رومية 5: 11). إن معنى جذر الكلمة اليونانيَّة katallagē، المترجمة "المصالحة" هو حدوث تغيير (أو تبادل). إن رسالة الإنجيل بحسب بولس هي قصة سلسلة من المبادلات.
تُوصف المبادلة الأولي في 1: 18-32: إن البشر، بمعرفة الله الخالق المُعلن بوضوح والذي أظهر مجده في الكون الذي خلقه، "أَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ ... اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ، وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ ... اسْتَبْدَلْنَ الاسْتِعْمَالَ الطَّبِيعِيَّ بِالَّذِي عَلَى خِلاَفِ الطَّبِيعَةِ" (1: 23-26) - جميع التصريفات المختلفة هي من نفس الجذر.
المبادلة الثانية هي النتيجة المباشرة التي رتبها الله لذلك: لقد أبدل الله امتياز شركة الإنسان معه ومعرفة الإنسان به بغضبه العادل ضد الإنسان (رومية 1: 18 وما يليه). فبدلًا من معرفة الله والثقة به وتمجيده بمحبة، فإن البشر بفجورهم وإثمهم (وهذا الترتيب مهم) استحقُّوا دينونة الله.
وهكذا، تم ابدال الشركة مع الله بدينونة من الله. هذا ليس مجرد بعد أمر أخروي، بعيد المنال في المستقبل؛ لكنه متواجد بطريقة معاصرة. فقد تخلَّى الرجال والنساء عن الله وتفاخروا باستقلاليَّتهم المزعومة في وجهه. فهم يعتقدون: "نحن نحتقر وصاياه ونكسرها بحرية، ومع ذلك لا تلمسنا أي صاعقة من دينونته". لكن في الواقع، هم تحت حكم العمى الروحي والقلب القاسي. لا يمكنهم أن يروا أن آثار تمرُّدهم التي تقسِّي الضمير وتدمِّر الجسد هي دينونة الله. إن أحكام الله عادلة —فإن كنَّا فجَّار، فإن العقاب سيأتي من خلال أدوات جريمتنا ضدَّه. وفي النهاية، أبدلنا نور حضوره بالظلمة الداخليَّة في الحاضر والظلمة الخارجيَّة في المستقبل.
المبادلة الثالثة هي المبادلة الرحيمة، غير المُستحقة (في الواقع، عكس ما نستحقه) التي قدَّمها الله في المسيح. دون التنازل عن برِّه المُعلن في الغضب، يبرِّر الله الخطاة ببرِّه من خلال الفداء الذي قدَّمه في كفارة دم المسيح عن خطايانا. هذا ما يذكره بولس في الكلمات الغنيَّة والمُحكمة (رومية 3: 21-26).
لاحقًا في الرسالة يقدِّم لنا بولس طريقة مختلفة، بل أساسيَّة أكثر من بعض النواحي، للنظر إلى هذا: أخذ ابن الله طبيعتنا وجاء "فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ" (رومية 8: 3) من أجل تبادل الأماكن مع آدم، بحيث استبدلت طاعته وبره من أجلنا عصيان وخطيَّة آدم (وعصياننا وخطيتنا) (رومية ٥: ١٢-٢١).
المبادلة الرابعة هي ما يُقدَّم للخطاة في الإنجيل: البر والتبرير بدلًا من الإثم والدينونة. علاوة على ذلك، فإن هذا البر الذي على صورة المسيح قد تأسَّس بطاعته في حياته وذبيحته على الصليب التي قبلت الغضب الإلهي، حيث صار ذبيحة خطية (فقد جاء، كما قال بولس في رومية ٨: ٣، "لأَجْلِ الْخَطِيَّةِ" أو "مُكَفِّراً عَنِ الْخَطِيئَةِ"؛ ترجمة كتاب الحياة).
بالإضافة إلى الإصرار على أن هذه المبادلة الإلهيَّة تتفق مع بر الله المطلق (رومية ٣: ٢١، ٢٢، ٢٥، ٢٦)، يؤكِّد بولس أن طريق الخلاص هذا يتفق مع تعاليم العهد القديم ("مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ"، الآية ٢١؛ قارن ١: ١-٤). كما أصرَّ على أننا لا نساهم بأي شيء في خلاصنا. فهو بالكامل بالنعمة. إن العبقريَّة التامة للاستراتيجيَّة الإلهيَّة مذهلة للغاية.
المبادلة الخامسة تظهر هنا. في كتاب "أسس الدين المسيحي"، عندما انتقل جون كالفن من الكتاب الثاني (بعنوان "عن عمل المسيح") إلى الكتاب الثالث (بعنوان "عن تطبيق الفداء")، كتب قائلًا:
علينا الآن أن ندرس هذه المسألة. كيف ننال تلك المزايا التي منحها الآب لابنه الوحيد —لا لكي يستخدمها المسيح لذاته، ولكن لكي يُثري الفقراء والمحتاجين؟ أولًا، يجب أن نفهم أنه طالما بقي المسيح خارجنا، ونحن منفصلون عنه، فإن كل ما عاناه وفعله من أجل خلاص الجنس البشري يبقى عديم الجدوى ولا قيمة له بالنسبة لنا ... فنحن نحصل على هذا بالإيمان.
استجابة للمبادلة العظيمة التي تمت من أجلنا في المسيح، هناك مبادلة يتمِّمها الروح القدس فينا: عدم الإيمان يفسح المجال للإيمان، ويتبدَّل التمرُّد بالثقة. إن التبرير —أي التصريح بأننا أبرارًا ودخلنا في علاقة بارة مع الله —لا يصبح لنا بالأعمال، سواء طقسيَّة أو غير ذلك، بل بالإيمان بالمسيح.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.