التعزية التي لنا في صلاة يسوع - خدمات ليجونير
ربٌّ واحد
۳۱ أكتوبر ۲۰۲۵
عهد الأعمال
۱٤ نوفمبر ۲۰۲۵
ربٌّ واحد
۳۱ أكتوبر ۲۰۲۵
عهد الأعمال
۱٤ نوفمبر ۲۰۲۵

التعزية التي لنا في صلاة يسوع

لكوني خادمًا مرسومًا، كثيرًا ما كنتُ أقود الناس في النظر إلى الكتاب المُقدَّس لمساعدتهم في رؤية ما يقوله الله عن مواضيع عديدة. وعبر السنوات، كانت أكثر الأسئلة تكرارًا التي طُرِحت عليّ تتعلَّق بمعنى ودور عمل المسيح في ضمان خلاص المؤمن. يُعطينا العهد الجديد مفاهيم كثيرة لفهم أنَّ الذين يخلصون حقًا سيثبتون إلى النهاية. فهناك مفهوم التبرير، الذي يُخبِرنا بأن برّ المسيح حُسِب لنا بالإيمان به وحده، وبأنّنا في سلامٍ مع الله، وليس في حالة هدنة يمكن أن تُستأنَف الحرب بعدها بفعل أيّ استفزاز. فنحنُ في حالة سلام أبديّ لا يرفع الربّ فيها سلاحًا ضدّنا ثانيةً (رومية 5: 1). وهناك أيضًا مفهوم التقديس، الذي يقول إنّ الله يُكمِل دائمًا عمل الخلاص الذي يبدأه: "الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحًا يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (فيلبّي 1: 6).

عادةً ما نفهم آية رسالة فيلبّي المذكورة أعلاه بأنّ الله بالروح القدس، الذي يتمِّم خلاصنا فينا، يعمل فينا ليجعلنا نشابه المسيح. طبعًا هذا صحيح، ولكنْ ينبغي ألا يغيب عن بالنا أنّ يسوع نفسَه يعمل أيضًا. وأعظم تعزيةٍ لنا بشأن ثباتنا نستقيها ممّا يعلنه العهد الجديد عن عمل المسيح في الحاضر. فعادةً ما نتكلّم عن "عمل المسيح المُكتمِل،" وهي عبارة مختصرة تفيد اكتمال عمل المسيح الكفّاري – إتمام تحصيله لفدائنا، وحمله لعنة الله بالنيابة عنّا. ولكنّ عمل خلاص المسيح لم ينتهِ عند هذه النقطة، إذ كان لديه الكثير ليعمله بعد الصليب. ولذا أُقيم لأجل تبريرنا، ومن ثمّ صعد إلى السماء، حيث يجلس عن يمين الله، من حيث يحكم بوصفه ملكَ الملوك وربَّ الأرض، ويدير خليقةَ الله ويوجِّه كنيستَه (أعمال 2: 33؛ 4: 23-25؛ 1 كورنثوس 15: 25).

ليس هذا كل ما في الأمر. فإحدى النقاط الأساسية التي يُشدِّد العهد الجديد عليها في ما يختصّ بعمله الحالي لأجل شعبه هي شفاعته. فلم ينتهِ عمل المسيح الكهنوتي في الصليب، ففي كلّ يوم يتشفّع المسيح لأجل شعبه في محضر الآب. وإن كانت صلاة البارّ الحارّة "تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا" كما يقول يعقوب (يعقوب 5: 16)، فكم بالحري تحقِّق صلوات يسوع لأجل شعبه؟

أحد أهمّ مصادر تعزيتنا في ما يختصّ بتشفُّع يسوع المسيح لأجل المؤمنين موجود في صلاة يسوع الكهنوتيّة، التي هي في ذاتها صلاة تشفُّع عميقة. والأمر اللافت للنظر أنّه حتّى نحنُ مذكورون في صلاة التشفُّع العظيم هذه. نقرأ في يوحنا 17: 1-9:

أَيُّهَا الآبُ، ... مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضًا. وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ. أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي، وَقَدْ حَفِظُوا كَلاَمَكَ. ... لأَنَّ الْكَلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ، وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِينًا أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ، وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ. لَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ الْعَالَمِ، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لأَنَّهُمْ لَكَ.

انظر ثانيةً إلى الآية 9: "مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ. لَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ الْعَالَمِ، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لأَنَّهُمْ لَكَ" (يوحنا 17: 9). هذا هو صُلِب المسألة. إنّ يسوع يُصلّي من أجل جميع الذين يخصّون الله، وليس لأجلِ كلّ إنسان على الأرض. فقد اختار الآب لنفسه شعبًا، وهذا الشعب عينه هو أيضًا لشخص المسيح. لم يهلك أحدٌ منهم إلا ابن الهلاك، يهوذا، الذي إذ كان ابن الهلاك لم يكن قطّ ابنًا لله. الذين يصلّي يسوع لأجلهم هم الذين اختارهم الله، ولن يهلك أحدٌ منهم (يوحنا 17: 10-19). وهذا يشمل لا التلاميذ في العُلِّيّة الذين شهدوا صلاة يسوع فحسب، بل يشمل أيضًا نحنُ الذين نؤمن به اليوم. وقد قلتُ إنّنا مذكورون في صلاة يسوع، وها نحن: "وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ" (يوحنا 17: 20). فنحنُ آمَنَّا من خلال كلام الرسل، ولهذا يصلّي يسوع لأجلنا. هذه هي صلاة المسيح. نحنُ نثبت لأنّنا محفوظون بشفاعة رئيس كهنتنا.

إنْ كُنّا نمتلئُ بتعزيةٍ عظيمةٍ بصلاةٍ شفاعيّةٍ من صديقٍ أو راعٍ لأجلنا، فبكمْ بالحريّ نمتلئُ عزاءً باليقينِ الكاملِ أنّ يسوعَ نفسَهُ يُصلّي من أجلنا؟ نعرف أنّ صلوات يسوع لا تخيب أبدًا. فهو يعرف فكر الآب معرفة تامّة. هو يعرف ما ينبغي أن يُصلّيه لنثبت إلى النهاية. وعلاوةً على هذا، يقول يسوع إنّ الآب سيمنحنا ما نطلبه باسمه (يوحنا 16: 23). فإن كان الأمر كذلك، فمؤكَّد أنَّ الآب سيمنح ابنَه الحبيب ما يطلبه، وهو يطلب لأجلنا أن نثبت.

أعظم مثال إيضاحي على فاعليّة صلاة يسوع هو بطرس. فكما سقط يهوذا سقوطًا عظيمًا، كذلك سقط بطرس، لكنَّ بطرس بخلافِ يهوذا قد أُعيدَ ورجع وثَبَتَ في الإيمان. أنكر كلاهما يسوع، ولكنّ بطرس هو مَن تاب دون يهوذا. لماذا؟ يعطينا إنجيل لوقا 22: 31-32 الجواب عن هذا السؤال. فقد طلب الشيطان أن يستحوذ على بطرس بصورة دائمة، لكنّ يسوع صلّى لأجله، وقد ضمن عمل يسوع هذا أن يتوب. لم يُصلِّ يسوع لأجل يهوذا، ولكنّه فعلَ هذا لأجل بطرس، ولذا ثبت بطرس في الإيمان والتوبة. هذا هو اليقين العظيم لنا جميعًا. الذين يصلّي يسوع لأجلهم يثبتون في الإيمان طول الرحلة. إن كُنّا نؤمن بيسوع المسيح، فهو يصلّي لأجلنا كلَّ يوم.


تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

آر. سي. سبرول
آر. سي. سبرول
د. آر. سي. سبرول هو مؤسس خدمات ليجونير، وهو أول خادم وعظ وعلّم في كنيسة القديس أندرو في مدينة سانفورد بولاية فلوريدا. وأول رئيس لكلية الكتاب المقدس للإصلاح. وهو مؤلف لأكثر من مئة كتاب، من ضمنها كتاب قداسة الله.