
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر عوبَدْيا
۲۹ مايو ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسائل يوحنا الأولى والثانية والثالثة
۵ يونيو ۲۰۲۵ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر عاموس

نعرف القليل عن بعض الأنبياء، ولكنّ عاموس مثل معاصره، إشعياء، مختلفٌ في هذا الأمر. فعاموس يُخبِرنا من بداية سفره أنّه من تقوع، وأنّ خدمته كانت مُوجَّهة إلى مملكة إسرائيل الشماليّة. ويؤرّخ خدمته بسنتين قبل الزلزلة التي حدثت في مُلك عزّيّا على مملكة يهوذا، وفي مُلك يربعام على مملكة إسرائيل (عاموس 1: 1). هذا يعني أنّ تاريخ السِّفر يعود إلى حول العام 760 ق.م.، مع أنّنا لا نستطيع أن نحدِّد تاريخ حدوث الزلزلة بدقّة. وثمّة ثلاث حقائق خاصّة يجب أن نتعلَّمها من هذا السفر.
1. كان لا بد أن يكون النبيُّ مدعوًّا من الله.
لم يكن عاموس من إسرائيل، بل أتى من مملكة يهوذا الجنوبيّة. وقد قال له أمصيا، كاهن بيت إيل: "...اذْهَبِ اهْرُبْ إِلَى أَرْضِ يَهُوذَا وَكُلْ هُنَاكَ خُبْزًا وَهُنَاكَ تَنَبَّأْ" (عاموس 7: 10-13). كان عاموس فلّاحًا مزارعًا إلى أن وجّهه الله ليذهب إلى مملكة إسرائيل الشماليّة لينقل إليها رسالة الربّ.
إذْ كان نبيًّا لم يعتمد على عائلته التي أتى منها أو على الانتماء إلى أيّة نقابةٍ أو جماعة تضمّ الأشخاص الذين يمتهنون الدين. فدعوته ليكون الناطق باسم الله تعتمد على سيادة الله فقط. كان الله يقيم الأنبياء حسبما تتطلَّب الظروف، وقد كان الله مَن يعطيهم الكلام الذي عليهم أن يكلّموا جماهيرهم به. قبل أن يعمل الله، كان يُعطي كلمته لرسله الذين يختارهم. وكانت المشورة السرية للرب تُعلَن من خلال عبيده الأنبياء.
2. كان دور الأنبياء مرتبطًا بالعهد الذي قطعه الله مع إسرائيل.
كان دور النبي هو أن يتوسَّط بين الله وشعب عهده في إعلان كلمة الله وتشجيع إطاعة ما يطلبه ويأمر به. كان هؤلاء حرّاسًا على الملكوت، يسعون إلى إبقاء الملوك والقادة الآخرين مسؤولين أمام الله عن أعمالهم. يمكن اعتبارهم وسطاء وُجِدوا للتأكُّد من حفظ العهد، مُكرَّسين للحفاظ على الرابطة الخاصّة التي أسَّسها الله مع شعبه.
كان العهد قد جعل بني إسرائيل في علاقة فريدة ذات امتيازات عظيمة. تُخصَّص الرسالة الأولى في سفر عاموس للأمم والشعوب المختلفة المحيطة بشعب إسرائيل (دمشق/ سوريا، غزّة، صور، أدوم، عمّون، موآب، يهوذا؛ انظر عاموس 1: 1 – 2: 16). وبعد ذلك، حين يخاطب النبي إسرائيل، ينقل رسالة الربّ إلى الأمّة الآثمة: "إِيَّاكُمْ فَقَطْ عَرَفْتُ مِنْ جَمِيعِ قَبَائِلِ الأَرْضِ..." (عاموس 3: 2). يتضمّن النصّ العبريّ لغةً تأكيديّة على فرادة العلاقة بين الله وشعبه: "إِيَّاكُمْ فَقَطْ ..." اختار اللهُ شعب إسرائيل لا بسبب تفوُّقه في العدد على الشعوب الأخرى، ولا بسبب ما لديه من قدرات، بل لأنّ الله أحبّه، وكان هذا هو السبب الوحيد (تثنية 7: 7).
ولكنّ العلاقة الفريدة تضمّنت مسؤوليّاتٍ فريدة. فقد كان عليهم أن يدرِكوا أن ذلك الاختيار لمكانةٍ ذات امتياز تعني اختيارًا للمسؤوليّة. لن تكون هناك بركة آليّة لشعب إسرائيل، بل كان الشعب في خطر مواجهة القضاء الإلهيّ، ولا يمكنه تجنُّب العقاب على تعديّاتهم وذنوبهم (عاموس 3: 2). المبدأ الكتابي هو أنّه لا يمكن فصل امتيازات العهد عن متطلَّبات الطاعة لوصايا الله وأوامره.
3. لمنظور عاموس الإسخاتولوجي/ الأخروي عدّة وجوه.
كان لدى الأنبياء، تقريبًا بلا استثناء، رسالة لها تأثير بالمستقبل. كان الشعب يتصوَّرون أنّ يومَ الربِّ الآتيَ سيكون يومَ بهاء ونور، غير مُدرِكين أنّه سيكون "...ظَلاَمًا لاَ نُورًا، وَقَتَامًا وَلاَ نُورَ لَهُ" (عاموس 5: 20). كان عليهم أن يتعلَّموا أنَّ الأعياد الفرِحة وتقديم القرابين لن تُرضي الإله الذي اُسيئ إليه. فخطاياهم، بما فيها خطيّة الأصنام، ستقود في النهاية إلى سبيهم إلى ما وراء دمشق (عاموس 5: 26-27). وستكون مغادرة إسرائيل لأرض الموعد عملًا آخر من أعمال سيادةِ الله ("فَأَسْبِيكُم ...")
ولكنْ كان هناك وجهان للأُخرويّات التي تقدِّم صورةً أكثرَ إيجابيَّةً جدًّا. يتعلَّق أوّلُ هذين الوجهين بالمقطع الذي يتحدَّث عن "مَظَلَّةِ دَاوُدَ السَّاقِطَةِ" (عاموس 9: 12-11). كانت لعائلة داود مكانة مهمّة في تاريخ إسرائيل ويهوذا. وهي تُصوَّر هنا في وضعٍ رثٍّ سيتغيَّر في النهاية بردّ الشعب، ممّا سيقود إلى إدماج الأُمَم. ويجِد هذا التفسير دعمًا له في الطريقة التي بها استخدم يعقوب هذا المقطع في مجمع أورشليم (أعمال 15: 16-17). فقد كان إدماج الأُمَم في كنيسة العهد الجديد تتميمًا لقصد الله الذي أعلنه في خدمة عاموس.
العنصر الأخير في الرجاء هو أنّ الله سيضع شعبه في عدنٍ جديدة. لافتٌ جدًّا للنظر أنّه على الرغم من خطيّة إسرائيل، فإنّ الله لم يرفضْهم. فسيردّ سبيّ شعبه، والراجح أنّ هذا سيكون حدثًا أُخرويًّا حين سيُجمَع شعب الله المُشتَّت إلى ملكوته الأبديّ. والكلمات الأخيرة في النبوّة هي عمليًّا إعادةُ تأكيد على علاقة العهد، لأنَّ إلهَ العهدِ (لاحظْ أنَّ اسمَ اللهِ العهديَّ “يهوه” يُستخدَم هنا) سيبقى إلهَهُم، وهو سيتمِّم ويحقِّق إرادته لهم (عاموس 9: 11-15).
هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها".
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.