المحاضرة 6: انْقِضَاءُ الزَّمَانِ

بَيْنَمَا نُتَابِعُ دِرَاسَتَنَا لِأَزْمَةِ الْأُخْرَوِيَّاتِ، الْمَوْضُوعُ الَذِي أُرِيدُ التَطَرُّقَ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمُحَاضَرَةِ هُوَ هَذَا السُؤَالُ عِنْدَمَا تَكَلَّمَ يَسُوعُ عَنْ مَجِيئِهِ فِي نِهَايَةِ الْجِيلِ. فَهَلْ قَصَدَ بِعِبَارَةِ "نِهَايَةِ الْجِيلِ" نِهَايَةَ تَارِيخِ الْعَالَمِ؟ أَمْ إِنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ تَحْدِيدًا عَنْ نِهَايَةِ الْجِيلِ الْيَهُودِيِّ؟ هَذِهِ إِحْدَى أَهَمِّ النِقَاطِ الَتِي أَثَارَتْ جَدَلًا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الْإِشَارَةِ إِلَى الْإِطَارِ الزَمَنِيِّ فِي أُخْرَوِيَّاتِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ.

وَالْآنَ دَعُونِي أَقْرَأُ لَكُمْ جُزْءًا مِنْ نَصٍّ فِي إِنْجِيلِ مَتَّى مِنْ تَرْجَمَةِ فَانْدايْكْ لِلْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ، حَيْثُ نَقْرَأُ فِي الْأَصْحَاحِ 13 وَالْآيَةِ 38 تَفْسِيرَ يَسُوعَ لِمَثَلِ الزَوَانِ، قَالَ: "وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ. وَالزَّرْعُ الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ. وَالزَّوَانُ هُوَ بَنُو الشِّرِّيرِ. وَالْعَدُّوُ الَّذِي زَرَعَهُ هُوَ إِبْلِيسُ. وَالْحَصَادُ هُوَ انْقِضَاءُ الزَمَانِ. وَالْحَصَّادُونَ هُمُ الْمَلاَئِكَةُ. كَمَا يُجْمَعُ الزَّوَانُ وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ، هَكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ الزَمَانِ". أَنَا قَرَأْتُ تَرْجَمَةَ فَانْدايْكْ لأَنَّهَا تَخْتَلِفُ عَنِ التَرْجَمَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُبَسَّطَةِ. إِذَا تَابَعْتُمْ مَعِي قَلِيلًا، فَسَأَقْرَأُ الآنَ مِنَ التَرْجَمَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُبَسَّطَةِ. نَقْرَأُ فِي الآيَةِ 38: "وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ" (هَذَا تَحْدِيدًا مَا جَاءَ فِي تَرْجَمَةِ فَانْدَايْك)، "وَالزَّرْعُ الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ. وَالزَّوَانُ هُوَ بَنُو الشِّرِّيرِ. وَالْعَدُّوُ الَّذِي زَرَعَهُ هُوَ إِبْلِيسُ. وَالْحَصَادُ هُوَ انْقِضَاءُ الْعَالَمِ. وَالْحَصَّادُونَ هُمُ الْمَلاَئِكَةُ"، الآيَةُ 40: "فَكَمَا يُجْمَعُ الزَّوَانُ وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ، هَكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ هَذَا الْعَالَمِ". لاحِظُوا أَنَّهُ فِي الآيَاتِ 38 و39 و40 تَمَّتْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَرْجَمَةُ كَلامِ يَسُوعَ فِي التَرْجَمَةِ الْمُبَسَّطَةِ مُسْتَخْدِمِينَ كَلِمَةَ "عَالَمٍ"، أَمَّا فِي تَرْجَمَةِ فَانْدَايْك فَوَرَدَتْ كَلِمَةُ "عَالَمٍ" فِي الآيَةِ 38، أمَّا فِي الآيَتَيْنِ 39 و40 فَوَرَدَتْ كَلِمَةُ "زَمَانٍ" بَدَلًا مِنْ "عَالَمٍ". مَا السَبَبُ؟ لِمَ التَغْيِيرُ؟

السَبَبُ الْبَسِيطُ لِلتَغْيِيرِ هُوَ وُجُودُ كَلِمَتَيْنِ يُونَانِيَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فِي نَصِّ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ وَقَدْ تَمَّتْ تَرْجَمَتُهُمَا هُنَا فِي الْآيَةِ 38. وَرَدَتِ الْكَلِمَةُ الْيُونَانِيَّةُ "كُوزْمُوسْ"، وَهِيَ الْكَلِمَةُ الَتِي يَتِمُّ اسْتِعْمَالُهَا دَائِمًا لِوَصْفِ الْعَالَمِ. نَحْنُ نَتَكَلَّمُ عَنْ أَحْدَاثٍ عَالَمِيَّةٍ وَمَا إِلَى ذَلِكَ، إِنَّهَا الْكَلِمَةُ الْيُونَانِيَّةُ "كُوزْمُوسْ". ثُمَّ فِي الْآيَاتِ 39 وَ40، نَجِدُ الْكَلِمَةَ الْيُونَانِيَّةَ "آيُونْ" (aion)، وَمَعْنَاهَا "زَمَانٌ" أَوْ "جِيلٌ" وَلَيْسَ "عَالَمًا". وَبِرَأْيِي، لَقَدْ تَرْجَمَ الْمُتَرْجِمُونَ الْقُدَامَى الْكَلِمَةَ الْيُونَانِيَّةَ "آيُونْ" بِكَلِمَةِ "عَالَمٍ" بَدَلًا مِنْ "زَمَانٍ" لِأَنَّهُمْ افْتَرَضُوا كَمَا يَفْتَرِضُ كَثِيرُونَ بَيْنَنَا الْيَوْمَ أَنَّهُ حِينَ كَانَ يَسُوعُ يَتَكَلَّمُ عَنِ انْقِضَاءِ الزَمَانِ فَهُوَ كَانَ يَقْصِدُ انْقِضَاءَ الزَمَانِ الْبَشَرِيِّ وَنِهَايَةَ تَارِيخِ الْعَالَمِ. لِذَا، أَشَارَ الْمُتَرْجِمُونَ إِلَى ذَلِكَ أَثْنَاءَ تَرْجَمَتِهِمْ لِلنَصِّ. وَبِصَرَاحَةٍ، مَا كَانَ يَجْدُرُ بِهِمْ فِعْلُ ذَلِكَ نَظَرًا لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ الْيُونَانِيَّتَيْنِ، وَفِي تَرْجَمَةِ فَانْدَايْكْ، وَرَدَتِ التَرْجَمَةُ الدَقِيقَةُ. لَكِنَّ هَذَا لَا يَحُلُّ مُشْكِلَتَنَا، لِأَنَّهُ يُمْكِنُ لِعِبَارَةِ "انْقِضَاءِ الزَّمَانِ" أَنْ تَعْنِيَ انْقِضَاءَ الزَمَانِ الْبَشَرِيِّ. كَمَا تُشِيرُ إِلَى نِهَايَةِ حِقْبَةٍ زَمَنِيَّةٍ أَوْ نِهَايَةِ عَصْرٍ مُعَيَّنٍ. وَهَا نَحْنُ نَسْأَلُ مُجَدَّدًا هَلْ يُشَارُ بِذَلِكَ إِلَى نِهَايَةِ التَارِيخِ كَمَا نَعْرِفُهُ أَمْ إِلَى فَتْرَةٍ مُحَدَّدَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالزَمَانِ الْيَهُودِيِّ؟

هُنَا مُجَدَّدًا يَجِبُ أَنْ نَطْرَحَ هَذَا السُؤَالَ. إِنِ افْتَرَضْنَا إِمْكَانِيَّةَ التَمْيِيزِ بَيْنَ الزَمَانِ الْيَهُودِيِّ وَالزَمَانِ الْبَشَرِيِّ فَقَدْ نُعَرِّضُ أَنْفُسَنَا لِتُهْمَةِ الْقِيَامِ بِتَخْمِينَاتٍ لَا ضَابِطَ لَهَا، لِأَنَّنَا عَمِلْنَا مِنْ لَا شَيْءَ تَمْيِيزًا لَا يَأْتِي الْكِتَابُ الْمُقَدَّسُ عَلَى ذِكْرِهِ. وَبُغْيَةَ تَجَنُّبِ حُدُوثِ ذَلِكَ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنَ الْمُهِمِّ لَنَا أَنْ نَجِدَ فِي الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ بَعْضَ النُصُوصِ الَتِي تَمَّ فِيهَا اسْتِعْمَالُ كَلِمَةِ "زَمَانٍ" بِشَكْلٍ أَكْثَرَ تَحْدِيدًا وَتَمَيُّزًا عَنِ الْمَفْهُومِ الْعَامِّ لِلزَمَانِ الْبَشَرِيِّ أَوْ تَارِيخِ الْعَالَمِ. عِنْدَمَا نَرْجِعُ إِلَى نُسْخَةِ لُوقَا مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى جَبَلِ الزَيْتُونِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَصْحَاحِ 21 مِنْ إِنْجِيلِهِ، وَسَنَقْرَأُهُ مَعًا الْآنَ. فَإِنَّنَا نَجِدُ بَعْضَ التَفَاصِيلِ فِي نُسْخَةِ لُوقَا مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى جَبَلِ الزَيْتُونِ لَا نَجِدُهَا لَا فِي إِنْجِيلِ مَتَّى فِي الْأَصْحَاحِ 24 وَلَا فِي إِنْجِيلِ مَرْقُسِ الْأَصْحَاحِ 13.

وَالْجُزْءُ الأَهَمُّ بِالنِسْبَةِ إِلَيْنَا فِي هَذَا السِيَاقِ سَأَقْرَأُهُ لَكُمُ ابْتِداءً مِنْ لُوقَا الأَصْحَاحِ 21 وَالآيَةِ 20: "وَمَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً بِجُيُوشٍ، فَحِينَئِذٍ اعْلَمُوا أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ خَرَابُهَا. حِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، وَالَّذِينَ فِي وَسَطِهَا فَلْيَفِرُّوا خَارِجًا، وَالَّذِينَ فِي الْكُوَرِ فَلاَ يَدْخُلُوهَا". تَذَكَّرُوا أَنِّي أَشَرْتُ فِي بِدَايَةِ هَذِهِ السِلْسِلَةِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ النَصِيحَةَ كَانَتْ مُنَاقِضَةً تَمَامًا لِخُطَّةِ النَجَاةِ الْمُعْتَمَدَةِ عَالَمِيًّا آنَذَاكَ فِي حَالِ التَعَرُّضِ لِهُجُومٍ عَسْكَرِيٍّ أَوْ لِحِصَارٍ مَا، أَيْ أَنْ يَهْرُبَ النَاسُ فَوْرًا إِلَى الْمَدِينَةِ الْأَكْثَرِ حَصَانَةً وَمَنَاعَةً لِلْحِفَاظِ عَلَى أَمْنِهِمْ وَسَلَامَتِهِمْ. وَبِحَسْبِ يُوسِيفُوسْ، أَحَدُ أَسْبَابِ مَوْتِ مِلْيُونٍ وَمِئَةِ أَلْفِ شَخْصٍ أَثْنَاءَ دَمَارِ أُورُشَلِيمَ، هُوَ أَنَّهُ بَعْدَ أَنِ اجْتَاحَتِ جُيُوشُ الرُومَانِ فِلَسْطِينَ وَعَبَرَتْ حُدُودَهَا وَذَاعَ الْخَبَرُ عَبْرَ الْقُرَى وَهَرَبَ سُكَّانُ الْبِلَادِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِلْحِفَاظِ عَلَى سَلَامَتِهِمْ، أَمَّا الْمَسِيحِيُّونَ فَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، لِأَنَّ يَسُوعَ كَانَ قَدْ حَذَّرَ هُنَا بِوُضُوحٍ مِنَ الْأَمْرِ. "لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، وَالَّذِينَ فِي وَسَطِهَا فَلْيَفِرُّوا خَارِجًا، وَالَّذِينَ فِي الْكُوَرِ فَلَاَ يَدْخُلُوهَا، لِأَنَّ هَذِهِ أَيَّامُ انْتِقَامٍ". انْتِقَامِ مَنْ؟ انْتِقَامِ اللَّهِ الْمُنْسَكِبِ عَلَى أُورُشَلِيمَ."هَذِهِ أَيَّامُ انْتِقَامٍ، لِيَتِمَّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ. وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، لأَنَّهُ يَكُونُ ضِيقٌ عَظِيمٌ عَلَى الأَرْضِ وَسُخْطٌ عَلَى هَذَا الشَّعْب، وَيَقَعُونَ بِالسَّيْفِ، وَيُسْبَوْنَ إِلَى جَمِيعِ الأُمَمِ". هَذِهِ وَاحِدَةٌ مِنْ أَكْثَرِ النُبُوَّاتِ الْمُسْتَقْبَلِيَّةِ اللَافِتَةِ لِلنَظَرِ الَتِي نَجِدُهَا فِي أَيِّ كِتَابٍ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ فِي أَيِّ مَكَانٍ وَفِي أَيِّ زَمَانٍ.

طَلَبَ مِنِّي أَحَدُهُمْ أَنْ أُقَدِّمَ لَهُ بُرْهَانًا وَاحِدًا عَلَى صِحَّةِ الْمَسِيحِيَّةِ، فَأَجَبْتُ: "الْيَهُودَ". فَالشَعْبُ الْيَهُودِيُّ حَافَظَ عَلَى هُوِيَّتِهِ وَعَلَى جُذُورِهِ الْعِرْقِيَّةِ، مَعَ أَنَّهُ عَاشَ بِلَا وَطَنٍ طَوَالَ أَلْفَيْ سَنَةٍ. كَمَا يَجْتَمِعُونَ دَائِمًا فِي الْمُنَاسَبَاتِ وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ لِلْآخَرِ: "سَنَكُونُ فِي أُورُشَلِيمَ فِي السَنَةِ الْمُقْبِلَةِ". أَنَا أَنْحَدِرُ مِنْ أَصْلٍ إِيرْلَنْدِيٍّ وَعِنْدَمَا كُنْتُ صَغِيرًا، كَانَ وَالِدايَ يَمْتَنِعَانِ عَنْ إِرْسَالِي إِلَى الْمَدْرَسَةِ فِي يَوْمِ عِيدِ الْقِدِّيسِ "بَاتْرِيكْ"، لِأَنَّ الْإِذَاعَةَ الْمَحَلِّيَّةَ كَانَتْ تُقَدِّمُ أَغَانِيَ إِيِرْلَنْدِيَّةً طَوَالَ الْيَوْمِ، وَكَانَتْ أُمِّي تُغَنِّي لِي تَهْوِيدَاتٍ إِيرْلَنْدِيَّةً عِنْدَمَا كُنْتُ طِفْلًا، عِنْدَ ذَهَابِي إِلَى الْفِرَاشِ لَيْلًا. فَكَبِرْتُ وَقَدْ حَفِظْتُ كُلَّ هَذِهِ الْأُمُورِ لَكِنْ بِقَدْرِ مَا حَاوَلُوا الْحِفَاظَ عَلَى مِيرَاثِنَا الْإِيِرْلَنْدِيِّ عَلَى مَدَى جِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَإِنَّنَا لَا نَلْتَفُّ حَوْلَ الْمَائِدَةِ وَنَقُولُ: "السَّنَةَ الْمُقْبِلَةَ سَنَكُونُ فِي دَبْلِنْ". أَنَا أَمْرِيكِيٌّ وَلَمْ أَعُدْ أَعْتَبِرُ نَفْسِي إِيِرْلَنْدِيًّا بَعْدُ. لَكِنَّ الْيَهُودَ، وَعَلَى الرَغْمِ مِنْ خَسَارَتِهِمْ لِبِلَادِهِمْ وَمَرْكَزِ عِبَادَتِهِمْ، وَتَشَتُّتِهِمْ فِي الْعَالَمِ كُلِّهِ لَمْ يَخْسَرُوا هُوِيَّتَهُمْ أَبَدًا. هَذَا غَيْرُ مَسْبُوقٍ فِي تَارِيخِ الْعَالَمِ، لَكِنْ تَمَّ التَنَبُّؤُ بِتَشَتُّتِ الْيَهُودِ. لَقَدْ تَنَبَّأَ يَسُوعُ بِذَلِكَ هُنَا حِينَ قَالَ: "وَيَقَعُونَ بِالسَّيْفِ وَيُسْبَوْنَ إِلَى جَمِيعِ الأُمَمِ".

وَالآنَ إِلَيْكُمُ الآيَةَ الْمُهِمَّةَ: "وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ". "وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ". هُنَا، لَا يَتَكَلَّمُ يَسُوعُ عَنِ الْجِيلِ الْيَهُودِيِّ أَوْ عَنْ جِيلِ الْأُمَمِ، لَكِنَّهُ اسْتَعْمَلَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ الْغَرِيبَةَ "أَزْمِنَةَ الْأُمَمِ". بِاسْتِنْتَاجٍ بَسِيطٍ، مَا هِيَ أَزْمِنَةُ الْأُمَمِ الَتِي يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا عَنْ أَيِّ أَزْمِنَةٍ أُخْرَى؟ مِنَ الْوَاضِحِ أَنَّهُ تَمَّ اسْتِعْمَالُ كَلِمَةِ "أُمَمٍ" هُنَا لِتَمْيِيزِ الْأُمَمِ عَنِ الْيَهُودِ، وَإِنْ كَانَتْ تُوجَدُ أَزْمِنَةُ أُمَمٍ فَهَذَا يَعْنِي حَتْمًا أَنَّهُ سَبَقَتْهَا أَزْمِنَةُ الْيَهُودِ. إِذَنْ هُنَاكَ مَرْحَلَةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَمُحَدَّدَةٌ فِي التَارِيخِ مَعْرُوفَةٌ "بِأَزْمِنَةِ الْأُمَمِ".

سَبَقَ أَنْ قُلْتُ إِنَّ أَصْحَابَ نَظَرِيَّةِ التَحْقِيقِ الْمَاضَوِيِّ الْكَامِلِ يُؤْمِنُونَ أَنَّهُ لَمْ تَتِمَّ نُبُوَّاتُ الْحَدِيثِ عَلَى جَبَلِ الزَيْتُونِ فَحَسْبُ فِي الْقَرْنِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا جَمِيعُ نَبَوَّاتِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُسْتَقْبَلِ قَدْ تَمَّتْ أَيْضًا، بِمَا فِيهَا الْمَجِيءُ النِّهَائِيُّ لِلْمَسِيحِ، وَالْقِيَامَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالِاخْتِطَافُ، وَغَيْرُهَا. وَأَنَا لَا أُؤْمِنُ بِذَلِكَ. لَكِنَّ الْأَشْخَاصَ الَذِينَ يَتَبَنَّوْنَ هَذَا الْمَنْظُورَ وَهُوَ أَنَّ جَمِيعَ الْأُمُورِ تَمَّتْ فِي الْقَرْنِ الْأَوَّلِ يُوَاجِهُونَ مُشْكِلَةً أَمَامَ عِبَارَةِ "أَزْمِنَةِ الْأُمَمِ". لِذَا، فَهُمْ يَعْتَبِرُونَهَا فَتْرَةً قَصِيرَةً وَمُؤَقَّتَةً مُبَاشِرَةً قَبْلَ دَمَارِ الْهَيْكَلِ، أَيْ مَا بَيْنَ سَنَتَيْ 69 وَ70 مِيلَادِيًّا حَيْثُ لَعِبَتِ الْأُمَمُ دَوْرًا فِي أُورُشَلِيمَ فِي مَرْحَلَةٍ يُخْبِرُنَا عَنْهَا يُوسِيفُوسُ، لَكِنِّي لَنْ أَتَطَرَّقَ لِذَلِكَ الْأَمْرِ الْآنَ.

حِينَ يَتَكَلَّمُ لُوقَا عَنْ دَوْسِ الْأُمَمِ لِأُورُشَلِيمَ فَالْكَلِمَةُ الَتِي تَمَّتْ تَرْجَمَتُهَا بِـ "حَتَّى" تُشِيرَ بِوُضُوحٍ إِلَى مَرْحَلَةٍ خِتَامِيَّةٍ، وَتِلْكَ الْمَرْحَلَةُ الْخِتَامِيَّةُ هِيَ تَتْمِيمُ أَزْمِنَةِ الْأُمَمِ. أَيْ أَنَّ الْأُمَمَ سَيَحْكُمُونَ أُورُشَلِيمَ لِمَرْحَلَةٍ مُحَدَّدَةٍ مِنَ التَارِيخِ، لَكِنْ سَتَأْتِي مَرْحَلَةٌ يَنْتَهِي فِيهَا ذَلِكَ، وَسَتَتَزَامَنُ تِلْكَ النِهَايَةُ مَعَ نِهَايَةِ أَزْمِنَةِ الْأُمَمِ. هَلْ كَلَامِي وَاضِحٌ؟ أَيْ أَنَّهُ فِي مَرْحَلَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ التَارِيخِ، ابْتِدَاءً مِنْ سَنَةِ 70 مِيلَادِيًّا سَيَتِمُّ تَدْمِيرُ أُورُشَلِيمَ وَسَيَتَشَتَّتُ الْيَهُودُ، عِنْدَئِذٍ تَبْدَأُ أَزْمِنَةُ الْأُمَمِ. لَكِنَّ هَذِهِ الْأَزْمِنَةَ لَنْ تَدُومَ إِلَى الْأَبَدِ، وَفِي مَرْحَلَةٍ مُعَيَّنَةٍ، سَتَنْتَهِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةُ، وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ النِهَايَةُ مُرْتَبِطَةً بِنِهَايَةِ دَوْسِ الْأُمَمِ لِأُورُشَلِيمَ.

لَكِنْ هُنَاكَ أَمْرٌ سَرِيعٌ فِي هَذَا الْإِطَارِ. دَعُونِي أُذَكِّرُكُمْ بِمَا حَدَثَ فِي عَامِ 1948، مَعَ إِعْلَانِ قِيَامِ دَوْلَةِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مَا يَقْرُبُ مِنْ أَلْفَيْ سَنَةٍ، وَرُبَّمَا الْأَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ، بَعْدَ اسْتِعَادَةِ مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ مِنْ سَيْطَرَةِ الْأُمَمِ فِي عَامِ 1967 فِي حَرْبِ السِتَّةِ أَيَّامٍ. أَثَارَ هَذَانِ الْحَدَثَانِ تَكَهُّنَاتٍ أُخْرَوِيَّةً رُبَّمَا أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ حَدَثَيْنِ آخَرَيْنِ فِي آخِرِ 500 سَنَةٍ، بِسَبَبِ النَاسِ الَذِينَ يَتَطَلَّعُونَ إِلَى قِيَامِ دَوْلَةِ إِسْرَائِيلَ مِنْ جَدِيدٍ كَعَلَامَةٍ أَسَاسِيَّةٍ عَلَى نِهَايَةِ الزَمَانِ. وَهَذَا يَرْتَبِطُ بِوُجْهَةِ النَظَرِ الَتِي تَتَبَنَّاهَا بِشَأْنِ الْمُلِكِ الْأَلْفِيِّ، وَسَأَتَطَرَّقُ إِلَى هَذَا الْمَوْضُوعِ لَاحِقًا. لَكِنَّنِي أَتَذَكَّرُ فِي عَامِ 1967 مُشَاهَدَةَ الْجُنُودِ الْيَهُودِ وَهُمْ يَشُقُّونَ طَرِيقَهُمْ إِلَى وَسَطِ أُورُشَلِيمَ بِبَنَادِقِهِمْ الْآلِيَّةِ، وَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى حَائِطِ الْمَبْكَى، أَلْقَوْا أَسْلِحَتَهُمْ وَنَسُوا تَبَادُلَ إِطْلَاقِ النَارِ وَتَوَجَّهُوا مُبَاشَرَةً إِلَى حَائِطِ الْمَبْكَى وَبَدَؤُوا الصَّلَاةَ ثُمَّ الِاسْتِمْرَارَ فِي ذَلِكَ. وَأَتَذَكَّرُ ذَهَابِي إِلَى أَحَدِ عُلَمَاءِ الْعَهْدِ الْقَدِيمِ فِي تِلْكَ اللَيْلَةِ لِأَسْأَلَهُ عَنْ رَأْيِهِ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: "لَا أَعْلَمُ مَاذَا أَقُولُ لَكِنَّ الْأَمْرَ مُثِيرٌ لِلِاهْتِمَامِ". وَهَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ كَارْلْ بَارْتْ عِنْدَمَا قَالَ إِنَّ النَاسَ بَدَؤُوا فِي قِرَاءَةِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ مِنْ جِهَةٍ، وَقِرَاءَةِ الصُحُفِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.

لَكِنَّ هَذَا الْجُزْءَ غَامِضٌ هُنَا. فَهَذِهِ هِيَ الْمَرَّةُ الْوَحِيدَةُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى جَبَلِ الزَيْتُونِ، كَمَا وَرَدَ فِي الْأَنَاجِيلِ الْإِزَائِيَّةِ الثَلَاثَةِ، الَتِي تَمَّتِ الْإِشَارَةُ فِيهَا إِلَى أَزْمِنَةِ الْأُمَمِ. لَكِنَّنَا نَجِدُ إِشَارَةً أُخْرَى إِلَى أَزْمِنَةِ الْأُمَمِ، لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى جَبَلِ الزَيْتُونِ، بَلْ فِي وَاحِدٍ مِنْ أَهَمِّ الْأَصْحَاحَاتِ التَعْلِيمِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَوَقُّعَاتِ الْمُسْتَقْبَلِيَّةِ، فِي الْأَصْحَاحِ 11 مِنْ رِسَالَةِ بُولُسَ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ. حَيْثُ يَتَكَلَّمُ بُولُسُ عَنْ كَوْنِ الْكَنِيسَةِ قَدْ طُعِّمَتْ فِي الْأَصْلِ، فِي أَصْلِ شَجَرَةِ إِسْرَائِيلَ، وَنَحْنُ الْأُمَمُ قَدْ طُعِّمْنَا فِي شَعْبِ اللَّهِ التَارِيخِيِّ، أَيْ فِي شَعْبِ إِسْرَائِيلَ بِالطَبْعِ. وَيَقُولُ بُولُسُ فِي الْآيَةِ 25 مِنْ رُومِيَةَ الأصْحَاحِ 11: "فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا هَذَا السِّرَّ، لِئَلاَّ تَكُونُوا عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ حُكَمَاءَ: أَنَّ الْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيًّا لإِسْرَائِيلَ، إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ".

حَسَنًا، يُوجَدُ جَدَلٌ كَثِيرٌ حَوْلَ تَفْسِيرِ رُومِيةَ الأصْحَاحِ 11. يَعْتَقِدُ الْبَعْضُ أَنَّهُ حِينَ تَكَلَّمَ بُولُسُ عَنْ إِسْرَائِيلَ فَهُوَ لَمْ يَكُنْ يَصِفُ إِسْرَائِيلَ الْعِرْقِيَّةَ، وَلَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ عَنِ الشَعْبِ الْيَهُودِيِّ، بَلْ كَانَ يَتَكَلَّمُ عَنْ إِسْرَائِيلَ الْجَدِيدَةِ، عَنِ الْكَنِيسَةِ الْمَسِيحِيَّةِ. أَنَا لَا أُؤْمِنُ بِأَنَّ اللَّهَ يَمْلِكُ مُخَطَّطَيْنِ لِلْفِدَاءِ وَاحِدًا لِإِسْرَائِيلَ وَآخَرَ لِلْكَنِيسَةِ. فَأَنَا لَا أَعْتَقِدُ ذَلِكَ إِطْلَاقًا، بَلْ أُؤْمِنُ أَنَّ الْكَنِيسَةَ فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ هِيَ تَتْمِيمٌ لِشَعْبِ اللَّهِ فِي الْعَهْدِ الْمَعْرُوفِ بِإِسْرَائِيلَ فِي الْعَهْدِ الْقَدِيمِ. إِذَنْ، أَنَا لَا أَفْصِلُ بَيْنَ الْاثْنَيْنِ. لَكِنَّ هَذَا لَا يَعْنِي إِلْغَاءَ كُلِّ الْفُرُوقِ الْعِرْقِيَّةِ، فَعِنْدَمَا يَتَكَلَّمُ بُولُسُ عَنْ إِسْرَائِيلَ فِي رُومِيَةَ الأصْحَاحِ 11، وَيَتَكَلَّمُ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ عَنِ الْأُمَمِ، فَهُوَ يُمَيِّزُ حَتْمًا بَيْنَهُمَا عَلَى أَسَاسِ الْعِرْقِ.

وَفَى رَأْيِي إِنَّ الرَسُولَ بُولُسَ يَقُولُ هُنَا فِي الأصْحَاحِ 11 إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَنْتَهِ مِنَ الشَعْبِ الْيَهُودِيِّ، بَلْ إِنَّنَا نَنْتَظِرُ فَصْلًا جَدِيدًا مِنَ التَارِيخِ حَيْثُ سَنَرَى كَيْفَ أَنَّ اللَّهَ سَيَتَعَامَلُ مَعَ شَعْبِهِ مُجَدَّدًا، مَعَ إِسْرَائِيلَ الْعِرْقِيَّةِ. ثُمَّ يَقُولُ، دَعُونِي أَقْرَأُ ذَلِكَ مُجَدَّدًا: "أَنَّ الْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيًّا لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ، وَهَكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: سَيَخْرُجُ مِنْ صِهْيَوْنَ الْمُنْقِذُ وَيَرُدُّ الْفُجُورَ عَنْ يَعْقُوبَ. وَهَذَا هُوَ الْعَهْدُ مِنْ قِبَلِي لَهُمْ مَتَى نَزَعْتُ خَطَايَاهُمْ. مِنْ جِهَةِ الإِنْجِيلِ هُمْ أَعْدَاءٌ مِنْ أَجْلِكُمْ"، (أَيِ الْيَهُودُ)، "وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الِاخْتِيَارِ فَهُمْ أَحِبَّاءُ مِنْ أَجْلِ الآبَاءِ، لأَنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ". إِذَنْ، هُنَا يَتَكَلَّمُ بُولُسُ فِي الأصْحَاحِ 11 عَنْ عَمَلِ فِدَاءٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ يَتَعَلَّقُ بِشَعْبِ الْعَهْدِ، أَيْ الْيَهُودِ. لَكِنْ بِأَيِّ حَالٍ، الْفِكْرَةُ الْأَهَمُّ هُنَا هِيَ أَنَّنَا نَرَى لِلْمَرَّةِ الثَانِيَةِ فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ عِبَارَةَ "أَزْمِنَةِ الْأُمَمِ" أَوْ "مِلْءِ الْأُمَمِ". وَإِنْ كَانَ لَدَيْنَا أَيُّ شَكٍّ بِشَأْنِ مَا تَمَّ تَمْيِيزُهَا عَنْهُ فِي إِنْجِيلِ لُوقَا، فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ هُوَ أَنَّ فِي رِسَالَةِ رُومِيَةَ أَزْمِنَةَ الْأُمَمِ هِيَ إِطَارٌ زَمَنِيٌّ مُخْتَلِفٌ عَنْ أَزْمِنَةِ الشَعْبِ الْيَهُودِيِّ، حَتَّى إِنَّهُ يَتَكَلَّمُ مِثْلَ لُوقَا عَنْ مِلْءِ أَزْمِنَةِ الْأُمَمِ.

قَدْ يُرِيدُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَسْأَلَنِي إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَوقا يَقُولُ إِنَّ أُورْشَلِيمَ سَتُدَاسُ إِلَى أَنْ تَكْتَمِلَ أَزْمِنَةُ الْأُمَمِ، وَهِيَ لَمْ تَعُدْ مُدَاسَةً الْآنَ، أَفَلَا يَعْنِي ذَلِكَ أَنَّ أَزْمِنَةَ الْأُمَمِ قَدِ انْتَهَتْ؟ وَأَنَّنَا وَصَلْنَا إِلَى النِهَايَةِ؟ لَيْسَ بِالضَرُورَةِ، لِأَنَّ الْيَهُودَ سَيْطَرُوا عَلَى أُورُشَلِيمَ، لَكِنْ لَا يَزَالُ قِسْمٌ مِنْهَا تَحْتَ سَيْطَرَةِ الْأُمَمِ، وَلَا يُسَيْطِرُ الْيَهُودُ عَلَى مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ سَيْطَرَةً كَامِلَةً، بَلْ إِنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا مَعَ آخَرِينَ. مِمَّا يَعْنِي أَنَّهَا لَا تَزَالُ مُدَاسَةً مِنَ الْأُمَمِ. لِذَا، فَأَنَا لَا أَعْلَمُ مَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَعْنِي أَنَّ الْيَهُودَ سَيُطْرُدُونَ مِنْ أُورُشَلِيمَ غَدًا، وَسَيَكُونُ عَلَيْنَا الِانْتِظَارُ 3000 سَنَةٍ قَبْلَ أَنْ تَكْتَمِلَ أَزْمِنَةُ الْأُمَمِ، مَعَ أَنِّي أَشُكُّ فِي ذَلِكَ. لَكِنَّ هَذَا يَدْفَعُنَا إِلَى التَوَقُّفِ وَالتَسَاؤُلِ: "هَلْ نَحْنُ عَلَى وَشْكِ أَنْ نَشْهَدَ حَدَثًا مُهِمًّا فِي تَارِيخِ الْفِدَاءِ؟"

أُكَرِّرُ، يَمِيلُ كُلُّ جِيلٍ إِلَى التَفْكِيرِ بِهَذِهِ الطَرِيقَةِ لِأَنَّنَا نَتُوقُ جَمِيعًا إِلَى رُؤْيَةِ اكْتِمَالِ مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَبْنَاءُ كُلِّ جِيلٍ يَقِظِينَ وَمُثَابِرِينَ وَلَدَيْهِمْ هَذَا الرَجَاءُ مُتَّقِدٌ بِدَاخِلِهِمْ. أَمَّا الْآنَ، فَمَا أُحَاوِلُ قَوْلَهُ هُوَ إِنْ كَانَتْ أَزْمِنَةُ الْأُمَمِ قَدِ ابْتَدَأَتْ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ أَزْمِنَةَ الْأُمَمِ ابْتَدَأَتْ فِي عَامِ 70 مِيلَادِيًّا، إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَالُ، أَلَيْسَ مِنَ الْمَنْطِقِيِّ أَنْ نَعْتَبِرَ أَنَّ الْجِيلَ الْيَهُودِيَّ أَوْ أَزْمِنَةَ الْيَهُودِ انْتَهَتْ فِي عَامِ 70 مِيلَادِيًّا؟ فَكَانَتْ تِلْكَ نِهَايَةَ الْجِيلِ الْيَهُودِيِّ وَبِدَايَةَ زَمَنِ الْأُمَمِ؟ إِذَنْ، فَإِنَّ الْإِطَارَ الزَمَنِيَّ يَتَوَافَقُ مَعَ عَامِ 70 مِيلَادِيًّا بَدَلًا مِنْ أَنْ يَتَعَارَضَ مَعَهُ.

والآنَ، وَقَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَ الْوَقْتُ، سَأُعْطِيكُمْ لَمْحَةً سَرِيعَةً عَنْ نُصُوصٍ بِهَا إِشَارَاتٌ لأُطُرٍ زَمَنِيَّةٍ أُخْرَى عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ لا الْحَصْرِ، لَكِنَّهَا تُشِيرُ إِلَى اقْتِرَابِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ بِحَسَبِ كُتَّابِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ. مَتَّى 10: 23: "لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ". وَفِي مَتَّى 26 الآيَةِ قَالَ يَسُوعُ لِرَئِيسِ الْكَهَنَةِ: "تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاء". قَالَ بُولُسُ فِي رُومِيَةَ الأَصْحَاحِ 13: "إنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ. قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ". 1 كورنثوس 7: 31: "لأَنَّ هَيْئَةَ هَذَا الْعَالَمِ تَزُولُ". 1 كُورِنْثُوسَ 10: 11، وَهُوَ نَصٌّ مُهِمٌّ: "انْتَهَتْ إِلَيْنَا أَوَاخِرُ الدُّهُورِ". فيلبِّي 4: 5: "الرَّبُّ قَرِيبٌ". وَفِي الرَسَائِلِ الْعَامَّةِ، فِي يَعْقُوبَ 5: 8-9: "لأَنَّ مَجِيءَ الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَ. هُوَذَا الدَّيَّانُ وَاقِفٌ قُدَّامَ الْبَابِ". 1 بطرس 4: 7: "وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ". 1 يوحنا 2: 18: "مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ". ثُمَّ نَصِلُ إِلَى سِفْرِ الرُؤْيَا الَذِي سَنَتَكَلَّمُ عَنْهُ عَلَى حِدَةٍ، الأَصْحَاحُ 1 وَالآيَةُ 1: "إِعْلاَنُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" المُتَعَلِّقِ "بمَا لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَنْ قَرِيبٍ"، 1: 3: "الْوَقْتُ قَرِيبٌ". 3: 11: "هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا". 22: 6–7، قَالَ مَلاكُ اللهِ: "لِيُرِيَ عَبِيدَهُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَرِيعًا. هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا"، إِلَى آخِرِهِ. لَدَيْنَا قَائِمَةٌ مِنَ النُصُوصِ فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَتِي تُشِيرُ إِلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ، وَهُوَ أَنَّ الْعَالَمَ فِي الْقَرْنِ الأَوَّلِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِيَوْمِ الرَبِّ، وَيَوْمِ انْتِقامِ الرَبِّ بِغَضَبِهِ، مُرْتَبِطٌ بِشَكْلٍ مَا بِمَجِيءِ يَسُوعَ. مَا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ لَكُمْ هُوَ إِنَّ هَذَا الْمَجِيءَ الَذِي تَمَّ وَصْفُهُ فِي هَذِهِ النُصُوصِ لَيْسَ الْمَجِيءَ النِهَائِيَّ لِيَسُوعَ، بَلْ مَجِيئُهُ لِيَدِينَ إِسْرَائِيلَ، إِنَّهُ مَجِيءُ الْمَسِيحِ لِدَيْنُونَةِ إِسْرَائِيلَ. وَفِي الْمُحَاضَرَةِ الْمُقْبِلَةِ، سَنَتَطَرَّقُ إِلَى أُمُورٍ مُذْهِلَةٍ دَوَّنَها الْمُؤَرِّخُ الْيَهُودِيُّ فْلافْيُوس يُوسِيفُوس (Flavius Josephus)، الَذِي يُخْبِرُنَا بِمَا رَآهُ كَشَاهِدِ عِيَانٍ بِشَأْنِ مُحَاصَرَةِ الْهَيْكَلِ وَمَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ وَتَدْمِيرِهِمَا.