المحاضرة 1: يَدُ اللهِ غيرُ الْمَرْئِيَّةِ

سَنَبْدَأُ الْيَوْمَ بِتَعْلِيمِ سِلْسِلَةٍ جَدِيدَةٍ مُؤَلَّفَةٍ مِنْ عَشْرِ رَسَائِلَ، تَتَمَحْوَرُ كُلُّهَا حَوْلَ أَهَمِّيَّةِ اللِقَاءِ الذِي كانَ لِمُوسَى فِي الْعَهْدِ الْقَدِيمِ مَعَ اللهِ فِي الْعُلَّيْقَةِ الْمُتَّقِدَةِ. أَنَا مُقْتَنِعٌ بِأَنَّ تِلْكَ الْحَادِثَةَ شَكَّلَتْ نُقْطَةَ تَحَوُّلٍ، لَيْسَ فِي حَيَاةِ مُوسَى فَحَسْبُ، وَلا فِي تَارِيخِ إِسْرَائِيلَ فَحَسْبُ، بَلْ فِي تَارِيخ ِالْعَالَمِ كُلِّهِ أَيْضًا. مَا سَأَفْعَلُهُ فِي الْمُحَاضَرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ هُوَ إِلْقَاءُ نَظْرَةٍ سَرِيعَةٍ عَلَى الْمَرْحَلَةِ الأُولَى مِنْ حَيَاةِ مُوسَى الَّتِي أَدَّتْ إِلَى ذَلِكَ اللِقاءِ فِي الْعُلَّيْقَةِ الْمُتَّقِدَةِ. وَسَتَتَمَحْوَرُ الرَّسَائِلُ الثَّمانِيَةُ الأَخِيرَةُ حَوْلَ اللاهُوتِ الْمُعْلَنِ، وَهْوَ مَعْرِفَةُ اللهِ الْمُعْلَنَةُ لَنَا فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِالذَاتِ.

أَنَا أَقْرَأُ اللَيْلَةَ مِنْ تَرْجَمَةِ جُنِيفَ الْجَدِيدَةِ لِلكِتَابِ الْمُقَدَّسِ الدِرَاسِي. وَإِذَا كُنْتُمْ تَمْلِكُونَ هَذِهِ التَرْجَمَةَ أَوْ الْكِتَابَ الْمُقَدَّسَ الدِرَاسِيَّ للإصْلاحِ، سَوْفَ تَرَوْنَ مَطْبُوعًا عَلَى غِلافِ الْكِتابِ شِعَارَ الْكِتابِ الْمُقَدَّسِ هَذَا، وَهْوَ كَانَ رَمْزَ الإِصْلاحِ الْبْرُوتِسْتَانْتِيِّ، وَبالطَبْعِ، الرَمْزُ هُوَ الْعُلَّيْقَةُ الْمُتَّقِدَةُ. إِذًا، فَلْنَبْدَإِ اللَّيْلَةَ بِدِراسَةِ الْجُزْءِ الأَوَّلِ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ، مَعَ الأَصْحَاحِ الأَوَّلِ. فِي الْآيَةِ الثامِنَةِ مِنَ الأَصْحاحِ الأَوَّلِ نَقْرَأُ كَلامًا مُنْذِرًا بِالسُّوءِ وَمُنْذِرًا بِالشَّرِّ، وَهْوَ يَعْرِضُ مَفْهُومًا يُثِيرُ قَلَقًا عَمِيقًا وَشَدِيدًا، وَيُمَهِّدُ الطَّرِيقَ لِكُلِّ مَا سَيَتْبَعُ فِي سِفْرِ الْخُرُوجِ.

جَاءَ فِي الْآيَةِ الثَامِنَةِ مَا يَلِي "ثُمَّ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ". إِذَا كُنْتُمْ مُطَّلِعِينَ عَلَى التَارِيخِ المُعْلَنِ فِي سِفْرِ التَكْوِينِ فَإِنَّكُمْ تَشْعُرُونَ فَوْرًا بِأَهَمِّيَّةِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ. لأَنَّ سِفْرَ التَكْوِينِ يَنْتَهِي بِدَعْوَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى تَرْكِ أَرْضِ كَنْعَانَ، حَيْثُ كَانَ الْجُوعُ مُسْتَشْرِيًا، وَالذَهَابِ إِلَى حُدُودِ مِصْرَ، حَيْثُ كَانَ يُوسُفُ يَشْغَلُ مَنْصِبَ رَئِيسِ وُزَرَاءَ. أُعْطِيَتْ هَذِهِ الْعَائِلَةُ الْيَهُودِيَّةُ أَرْضَ جَاسَانَ لِتَنْزِلَ فِيهَا، لَكِنْ مَعَ مُرُورِ السِنِينِ، سُكَّانُ هَذِهِ الْمَجْمُوعَةِ الْيَهُودِيَّةِ الْمُقِيمَةِ ضِمْنَ حُدُودِ أَرْضِ مِصْرَ نَمَوْا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، وَأَصْبَحُوا يُشَكِّلُونَ شَرِيحَةً كَبِيرَةً مِنْ سُكَّانِ مِصْرَ. وَفِي الأَيَّامِ الأُولَى وَجَدُوا نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ، الَذِي كَانَ قَدْ رَفَعَ يُوسُفَ إِلَى مُسْتَوَى رَئِيسِ الْوُزَرَاءِ.

لَكِنِ الآنَ، أَصْبَحَ هَذَا كُلُّهُ مِنَ الْمَاضِي، وَوَصَلَ فِرْعَوْنٌ جَدِيدٌ إِلَى السُلْطَةِ، وَقِيلَ لَنَا إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ، الأَمْرُ الَذِي يُشِيرُ إِلَى حُدُوثِ تَغْيِيرٍ جَذْرِيٍّ فِي الْعَلاقَةِ بَيْنَ الزَائِرِينَ الْيَهُودِ أَوِ النَازِحِينَ وَبَيْنَ مِصْرَ، الْبَلَدِ الْمُضِيفِ. فَقَالَ هَذَا الْمَلِكُ الْجَدِيدُ لِشَعْبِهِ "هُوَذَا بَنُو إسْرَائِيلَ شَعْبٌ أكْثَرُ وَأعْظَمُ مِنَّا". عَلَى الأَرْجَحِ هَذِهِ مُبَالَغَةٌ، فَهُمْ لَمْ يَكُونُوا بِهَذِهِ الْعَظَمَةِ. لَكِنْ فِي عَيْنَيْهِ، هُوَ كَانَ قَلِقًا جِدًّا إزَاءَ نُمُوِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِهِمْ. إذًا، هُوَ قَالَ: "هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلَّا يَنْمُوا، فَيَكُونَ إذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ أنَّهُمْ يَنْضَمُّونَ إلَى أعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ الأرْضِ". فَقَالُوا: "يَجِبُ أَنْ نَتَحَلَّى بِالْفِطْنَةِ، يَجِبُ أَنْ نَتَوَخَّى الْحَذَرَ. فَمِنْ نَاحِيَةٍ، نَحْنُ لا نُرِيدُ أَنْ يَرْحَلُوا لأَنَّهُمْ يُشَكِّلُونَ الْيَدَ الْعَامِلَةَ فِي مَجَالِ الْخِدْمَةِ لَدَيْنَا الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الاقْتِصادُ كُلُّهُ، لَكِنْ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ، نَحْنُ لا نُرِيدُ أَنْ يَتَكَاثَرُوا وَأَنْ يَزْدَادُوا قُوَّةً بِحَيْثُ إِنَّهُ إِذَا هَاجَمَتْنَا أُمَّةٌ أُخْرَى يُشَارِكُونَ فِي الْعِصْيَانِ وَيَنْضَمُّونَ إِلَى صُفُوفِ أَعْدَائِنَا وَيُهْلِكُونَنَا. إِذًا، مَا يَجِبُ أَنْ نَفْعَلَهُ هُوَ إِبْقَاؤُهُمْ هُنَا، وَإِنَّمَا إِبْقَاؤُهُمْ ضُعَفَاءَ قَدْرَ الإِمْكَانِ".

عِنْدَئِذٍ، وَضَعَ فِرْعَوْنُ بَرْنَامَجًا لِتَحْقِيقِ هَذَا الْهَدَفِ. وَاسْمَعُوا مَا دَفَعَهُ دَهَاؤُهُ إِلَى فِعْلِهِ "فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأثْقَالِهِمْ". الْفِكْرَةُ هُنَا هِيَ أَنَّهُ كُلَّمَا ثَقُلَتْ أَحْمَالُهُمْ خِلالَ فَتْرَةِ الْعُبُودِيَّةِ، قَلَّ احْتِمالُ عَيْشِهِمْ حَتَّى بُلُوغِ سِنِّ الشَيْخُوخَةِ. وَبِالتَالِي، سَيَقْصُرُ مُتَوَسِّطُ الْعُمْرِ الْمُتَوَقَّعُ لَدَى الرِجالِ خُصُوصًا بَيْنَ الْعِبْرَانِيِّينَ. ثُمَّ يُتَابِعُ قائِلًا: "فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ وَرَعَمْسِيسَ. وَلَكِنْ بِحَسْبِمَا أذَلُّوهُمْ هَكَذَا نَمَوْا وَامْتَدُّوا". إِذًا، تَحَقَّقَتْ نَتِيجَةٌ مُعَاكِسَةٌ تَمَامًا لِمَا حَاوَلَ فِرْعَوْنُ تَحْقِيقَهُ بِاحْتِيالِهِ. "فَاخْتَشَوْا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ. فَاسْتَعْبَدَ الْمِصْرِيُّونَ بَنِي إسْرَائِيلَ بِعُنْفٍ"، أَيْ أَنَّهُمْ زَادُوا أَحْمَالَهُمْ مُجَدَّدًا، "وَمَرَّرُوا حَيَاتَهُمْ بِعُبُودِيَّةٍ قَاسِيَةٍ فِي الطِّينِ وَاللِّبْنِ وَفِي كُلِّ عَمَلٍ فِي الْحَقْلِ. كُلِّ عَمَلِهِمِ الَّذِي عَمِلُوهُ بِوَاسِطَتِهِمْ عُنْفًا".

الأَمْرُ الَذِي حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ بَالِغُ الأَهَمِّيَّةِ لِتَارِيخِ الْعَالَمِ. أَنْتُمْ تَرَوْنَ الْوَضْعَ الَذِي وَجَدَ فِرْعَوْنُ نَفْسَهُ فِيهِ، وَهْوَ كَانَ يُحَاوِلُ السَيْطَرَةَ عَلَيْهِ. قَبْلَ أَنْ نَتَطَرَّقَ إِلَى مَا جَرَى لاحِقًا أَوَدُّ طَرْحَ هَذَا السُؤالِ؛ سُؤالٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُثِيرَ جِدَالًا بِسُهُولَةٍ بَيْنَ الشَعْبِ الْمَسِيحِي. بِرَأْيِكُمْ، مَنْ هِيَ أَهَمُّ شَخْصِيَّةٍ فِي الْعَهْدِ الْقَدِيمِ كُلِّهِ؟ أَنَا أَسْمَعُ اقْتِرَاحَ أَسْمَاءٍ عِدَّةٍ تَسْتَحِقُّ هَذَا اللَقَبَ. قَدْ يَقُولُ الْبَعْضُ: "آدَمَ"، حَتَّى إِنَّ الْبَعْضَ قَدْ يَقُولُ "حَوَّاءَ" لأَنَّهَا كَانَتْ أُمًّا لَنَا جَمِيعًا. وَيُمْكِنُ حَتْمًا لِلْبَعْضِ أَنْ يُرَشِّحُوا اسْمَ إِبْرَاهِيمَ لأَنَّهُ أَبُو الْمُؤْمِنِينَ، وَهْوَ مَنْ دَعَاهُ اللهُ لِيَتْرُكَ الْوَثَنِيَّةَ وَقَطَعَ عَهْدًا مَعَهُ وَمَعَ نَسْلِهِ. قَدْ يُسَمِّي الْبَعْضُ دَاوُدَ، كَوْنَهُ صُورَةً مُسْبَقَةً لِلْمَلِكِ العَتِيدِ أَنْ يَأْتِيَ فِي أَيَّامِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ وَهْوَ شَخْصُ يَسُوع. جَمِيعُ هَؤُلاءِ الأَشْخَاصِ الَذِينَ ذَكَرْتُهُمْ هُمْ بِرَأْيِي مُرَشَّحُونَ مَشْرُوعُونَ. يُشْبِهُ الأَمْرُ سُؤالَ: "مَنْ كانَ أَعْظَمَ لاعِبِ كُرَةِ قَدَمٍ عَلَى الإِطْلاقِ؟" يُمْكِنُكُمُ التَجَادُلَ إِلَى الأَبَدِ لِلإِجَابَةِ عَنْ هَذَا السُؤالِ.

أَمَّا بِالنِسْبَةِ إِلَيَّ، وَفِي مَا يَتَعَلَّقُ بِتَارِيخِ الْفِداءِ، فَأَعْتَقِدُ أَنَّ الشَخْصَ الْوَحِيدَ الأَكْثَرَ أَهَمِّيَّةٍ فِي الْعَهْدِ الْقَدِيمِ كُلِّهِ هُوَ مُوسَى. لِمَاذَا؟ لَيْسَ لأَنَّهُ قادَ الشَعْبَ لِلتَحَرُّرِ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ فِي سِفْرِ الْخُرُوجِ فَحَسْبُ –مَعَ الْعِلْمِ أَنَّ هَذَا الْحَدَثَ شَكَّلَ نُقْطَةَ تَحَوُّلٍ فِي التَارِيخِ كُلِّهِ– وَإِنَّمَا أَيْضًا لأَنَّهُ كَانَ وَسِيطَ الْعَهْدِ الْقَدِيمِ مِثْلَمَا كَانَ يَسُوعُ وَسِيطَ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ. إِنَّهُ هُوَ مَنْ عَمِلَ اللهُ مِنْ خِلالِهِ لإِعْطَاءِ الشَرِيعَةِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ عَبْرَ تَسْلِيمِهِ الْوَصَايَا الْعَشْر. أَنَا أُفَكِّرُ فِي الأَمْرِ بِهَذِهِ الطَرِيقَةِ: بِدُونِ مُوسَى، وَبِدُونِ التَحَرُّرِ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ، وَبِدُونِ الْخُرُوجِ، لَمَا بَقِيَ أَيُّ يَهُودِيٍّ عَلَى قَيْدِ الْحَياةِ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ الْيَوْمَ. فَلَوْلَا سِفْرُ الْخُرُوجِ وَقِيَادَةُ مُوسَى لَمَا تَشَكَّلَ الْعَبِيدُ الْيَهُودُ عَلَى يَدِ اللهِ وَأَصْبَحُوا أُمَّةً، وَلَمَا حَصَلُوا عَلَى الشَرِيعَةِ الَتِي أُعْطِيَتْ مِنْ خِلالِ مُوسَى. لا يُمْكِنُكُمْ دِرَاسَةُ عِلْمِ الْقَانُونِ فِي الْحَضارَةِ الْغَرْبِيَّةِ بِدُونِ مُلاحَظَةِ تَأْثِيرِ الْوَصَايَا الْعَشْرِ الْمُعْطَاةِ عَبْرَ مُوسَى عَلَى الْقَانُونِ الرُومَانِيِّ فِي وَقْتٍ لاحِقٍ، وَبِالطَبْعِ عَلَى الْقَانُونِ الْبَرِيطَانِيِّ وَعَلَى عِلْمِ التَشْرِيعِ الأَمْرِيكِيِّ.

إِذًا، هَذَا الرَجُلُ بَالِغُ الأَهَمِّيَّةِ. كَمَا أَنَّ الأَصْحاحاتِ الأُولَى مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ تُبَيِّنُ لَنَا الْعِنَايَةَ الإِلَهِيَّةَ الاسْتِثْنَائِيَّةَ الَتِي مِنْ خِلالِهَا قَامَ اللهُ بِسِيَادَتِهِ بِإِعْطَاءِ مُوسَى لِلْعَالَمِ. فَهُنَا، كَانَ خَوْفُ فِرْعَوْنَ قَدْ تَفَاقَمَ لِدَرَجَةِ أَنَّ بَرْنَامَجَ الاحْتِيالِ الْجَدِيدِ –وَبِهَدَفِ دَرْءِ مَخَاوِفِهِ إِزَاءَ تَزَايُدِ قُوَّةِ الْعَبِيدِ الْيَهُودِ– كَانَ يَقْضِي بِقَتْلِ الأَطْفَالِ الذُّكُورِ الَذِينَ سَيُولَدُونَ. وَفِي قِصَّةِ فِداءٍ تَارِيخِيَّةٍ مُمَاثِلَةٍ وَمُهِمَّةٍ أَصْدَرَ فِرْعَوْنُ أَمْرًا لا يَخْتَلِفُ عَنْ بَرْنَامَجِ هِيرُودُسَ فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَقْضِي بِذَبْحِ الأَطْفَالِ بُغْيَةَ قَتْلِ الطِفْلِ يَسُوعَ. إِذًا، فِي هَذِهِ الْحِقْبَةِ مِنَ التَارِيخِ أَصْدَرَ فِرْعَوْنُ مَرْسُومًا يَقْضِي بِقَتْلِ الْمَوْلُودِينَ الذُكورِ الْيَهُودِ.

فَلْنَقْرَأْ مَا جَاءَ هُنَا "وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأخْرَى فُوعَةُ، وَقَالَ: "حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ، إنْ كَانَ ابْنًا فَاقْتُلاهُ". لَيْسَتْ هَذِهِ بِبَسَاطَةٍ حُكُومَةً تُعَاقِبُ الإِجْهَاضَ، لِكَوْنِهِ عَمَلًا شِرِّيرًا جِدًّا. نَرَى هُنَا حُكُومَةً تَأْمُرُ بِقَتْلِ الأَطْفَالِ حَدِيثِي الْوِلادَةِ. الْحُكُومَةُ أَوِ الْمَلِكُ أَمَرَ الْقَابِلَتَيْنِ الْعِبْرَانِيَّتَيْنِ بِمَا يَلِي: "حِينَ تَرَيَانِ امْرَأَةً تَلِدُ طِفْلَهَا وَكَانَ الطِفْلُ صَبِيًّا فَمِنْ وَاجِبِكُمَا قَتْلُهُ"، "وَإنْ كَانَ بِنْتًا فَتَحْيَا". الْآيَةُ السَابِعَةَ عَشْرَةَ، "وَلَكِنَّ" هَذِهِ وَاحِدَةٌ مِنَ الْكَلِمَاتِ الْمُفَضَّلَةِ لَدَيَّ فِي تَارِيخِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ. "وَلَكِنْ" حَدَثَ أَمْرٌ أَعَاقَ تَنْفِيذَ هَذَا الْمَرْسُومِ الصَادِرِ عَنْ أَقْوَى حَاكِمٍ فِي الْعَالَمِ. "وَلَكِنَّ الْقَابِلَتَيْنِ..." بِالْمُنَاسَبَةِ، أَنَا مُتَأَكِّدٌ مِنْ أَنَّهُمَا ارْتَعَبَتَا أَمَامَ قُوَّةِ فِرْعَوْنَ، وَكَيْفَ لا تَرْتَعِبَانِ وَهْوَ أَقْوَى رَجُلٍ فِي الْعَالَمِ؟ لَكِنَّ الْكِتابَ الْمُقَدَّسَ يَقُولُ "وَلَكِنَّ الْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا اللهَ".

كَانَتْ هَاتَانِ امْرَأَتيْنِ تَخافَانِ اللهَ، تَشْعُرَانِ بِالرَهْبَةِ وَالْخَوْفِ إِزَاءَ الإِسَاءَةِ إِلَى اللهِ أَكْثَرَ مِمَّا تَفْعَلانِ إِزَاءَ الإِسَاءَةِ إِلَى فِرْعَوْنَ. بِدُونِ تِلْكَ الْمَخَافَةِ وَالْعِنَايَةِ الإِلَهِيَّةِ لَمَا وُجِدَ مُوسَى وَلا سِفْرُ الْخُرُوجِ وَلا النَامُوسُ. إذًا، "وَلَكِنَّ الْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا اللهَ وَلَمْ تَفْعَلا كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْرَ". هَذَا عَمَلُ عِصْيَانٍ مَدَنِيٍّ يَحْظَى بِبَرَكَةِ اللهِ. لأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا دَائِمًا أَنْ نُطِيعَ الْحُكَّامَ الْمَدَنِيِّينَ، إِلَّا إِذَا أَمَرُونَا بِالْقِيامِ بِعَمَلٍ يَحْظُرُهُ اللهُ، أَوْ مَنَعُونَا مِنَ الْقِيامِ بِعَمَلٍ أَمَرَ بِهِ اللهُ. فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، هُمَا تَلَقَّتَا أَمْرًا يَقْضِي بِقَتْلِ هَؤُلاءِ الأَطْفَالِ، الأَمْرُ الَذِي يَتَعَارَضُ مَعَ صِفَاتِ اللهِ وَمَا يُمْلِيهِ عَلَيْهِمَا ضَمِيرُهُما. لِذَا، هُمَا لَمْ تُطِيعَا فِرْعَوْنَ "وَلَمْ تَفْعَلا كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْرَ، بَلِ اسْتَحْيَتَا الأوْلادَ".

فَعَلِمَ فِرْعَوْنُ بِالأَمْرِ، وَاسْمَعُوا مَا جَرَى "فَدَعَا مَلِكُ مِصْرَ الْقَابِلَتَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: "ما الَذِي فَعَلْتُمَاهُ؟ لِمَاذَا أَنْقَذْتُمَا هَؤُلاءِ الأَطْفَالَ؟ لِمَاذَا لَمْ تَفْعَلا مَا أَمَرْتُكُمَا بِهِ؟" فَبِمَ أَجَابَتِ الْقَابِلَتَانِ؟ أَجَابَتَا بِكِذْبَةٍ مُبَرَّرَةٍ، فَهُنَاكَ أَكَاذِيبُ مُبَرَّرَةٌ. نَحْنُ نُدْرِكُ أَنَّ أَخْلاقِيَّاتِ الْكِتابِ الْمُقَدَّسِ تُقَدِّسُ قَوْلَ الْحَقِيقَةِ وَتَدْعُونَا إِلَى قَوْلِ الْحَقِيقَةِ كُلَّمَا كَانَ بِوِسْعِنَا فِعْلُ ذَلِكَ. لَكِنَّ الْمَبْدَأَ هُوَ الآتِي: يَجِبُ أَنْ نَقُولَ الْحَقَّ دَائِمًا لِمَنْ يَسْتَحِقُّ سَمَاعَهُ، أَيْ أَنَّنَا مَدْعُوُّونَ دَائِمًا إِلَى قَوْلِ الْحَقِّ، وَالْحَقِّ كَامِلًا، وَلا شَيْءَ سِوَى الْحَقِّ فِي الْقَضَايَا الْعَدْلِيَّةِ. لَكِنْ إِذَا اخْتَرَقَ الْعَدُوُّ حُدُودَكَ وَأَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ الْمَقَرَّ الْمُؤَقَّتَ لِجَمَاعَتِكَ فَأَنْتَ لَسْتَ مُجْبَرًا عَلَى كَشْفِ هَذِهِ الْمَعْلُومَاتِ السِرِّيَّةِ. إِذَا جَاءَ مُجْرِمٌ إِلَى بَيْتِكَ وَأَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ مَكَانَ طِفْلِكَ وَكُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْوِي قَتْلَهُ، فَاللهُ لا يَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ تَقُولَ لَهُ "إِنَّهُ مُخْتَبِئٌ فِي غُرْفَةِ النَوْمِ".

كانَ هَذَا تَضْلِيلًا إِلَهِيًّا يَحْظَى بِكامِلِ بَرَكَةِ اللهِ. بِالْمُنَاسَبَةِ، هُمَا قَالَتَا لِفِرْعَوْنَ "إنَّ النِّسَاءَ الْعِبْرَانِيَّاتِ لَسْنَ كَالْمِصْرِيَّاتِ، فَإنَّهُنَّ قَوِيَّاتٌ يَلِدْنَ قَبْلَ أنْ تَأتِيَهُنَّ الْقَابِلَةُ". لا تَطُولُ فَتْرَةُ مَخَاضِ هَؤُلاءِ النِسَاءِ، فَمَا إِنْ يَحِينَ مَوْعِدُ وِلادَتِهِنَّ حَتَّى يَلِدْنَ الطِفْلَ قَبْلَ وُصُولِ الْقابِلاتِ إِلَيْهِنَّ. ثُمَّ قِيلَ لَنا: "فَأحْسَنَ اللهُ إلَى الْقَابِلَتَيْنِ". بَارَكَ اللهُ هَاتَيْنِ السَيِّدَتَيْنِ نَظَرًا لِعِصْيانِهِمَا الشُجَاعِ وَانْفِصَالِهِمَا عَنْ بَرْنَامَجِ فِرْعَوْنَ. "وَنَمَا الشَّعْبُ وَكَثُرَ جِدًّا. وَكَانَ إذْ خَافَتِ الْقَابِلَتَانِ اللهَ أنَّهُ صَنَعَ لَهُمَا بُيُوتًا. ثُمَّ أَمَرَ فِرْعَوْنُ جَمِيعَ شَعْبِهِ قَائِلًا: "كُلُّ ابْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي النَّهْرِ، لَكِنَّ كُلَّ بِنْتٍ تَسْتَحْيُونَهَا"". لَمْ يَقْتَصِرِ الأَمْرُ عَلَى الْيَهُودِ بَلْ شَمَلَ الْجَمِيعَ. سَأَنَالُ مِنْهُمْ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى.

وَنَقْرَأُ "وَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لاوِي وَأَخَذَ بِنْتَ لاوِي، فَحَبِلَتِ الْمَرْأةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا. وَلَمَّا رَأتْهُ أنَّهُ حَسَنٌ، خَبَّأتْهُ ثَلاثَةَ أشْهُرٍ". هِيَ أَنْجَبَتْ طِفْلَها، وَهْيَ تَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا كُشِفَ أَمْرُ هَذَا الصَبِيِّ الصَغِيرِ لَدَى السُلُطاتِ، وَلَدَى جُنُودِ فِرْعَوْنَ، فَهْيَ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَتِمُّ قَتْلُ طِفْلِها، فَخَبَّأَتْهُ. هِيَ خَبَّأَتْهُ طَوَالَ ثَلاثَةِ أَشْهُرٍ. يُمْكِنُكَ إِبْقَاءُ ابْنِ سِتَّةِ أَسَابِيعَ هَادِئًا نَوْعًا مَا، لَكِنْ بِحُلُولِ الْوَقْتِ الَذِي يَكْتَمِلُ فِيهِ نُمُوُّ رِئَتَيْهِ، وَبِحُلُولِ الْوَقْتِ الَذِي يَبْلُغُ فِيهِ الشَهْرَ الثَالِثَ مِنَ الْعُمْرِ لا يُمْكِنُ إِخْفَاءُ صَوْتِ بُكَائِهِ. إِذًا، بَدَأَ النَاسُ يُلاحِظُونَ وُجُودَ طِفْلٍ هُنَا. وَلَمْ يَعُدْ يُمْكِنُ الاسْتِمْرارُ فِي تَخْبِئَتِهِ.

مَكْتُوبٌ "وَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْهَا أنْ تُخَبِّئَهُ بَعْدُ، أخَذَتْ لَهُ سَفَطًا" أَيْ فُلْكًا. إِنَّها الْكَلِمَةُ نَفْسُها الَتِي تَمَّ اسْتِعْمَالُهَا لِلإِشَارَةِ إِلَى فُلْكِ نُوحٍ. "أخَذَتْ لَهُ سَفَطًا مِنَ الْبَرْدِيِّ وَطَلَتْهُ بِالْحُمَرِ وَالزِّفْتِ"، هِيَ بَنَتْ هَذَا الزَوْرَقَ الصَغِيرَ. "وَوَضَعَتِ الْوَلَدَ فِيهِ، وَوَضَعَتْهُ بَيْنَ الْحَلْفَاءِ عَلَى حَافَةِ النَّهْرِ". هِيَ أَوْدَعَتْ طِفْلَها لِلُطْفِ اللهِ وَسِيادَتِهِ وَعِنَايَتِهِ، وَقَالَتْ لِنَفْسِها: "لَمْ يَعُدْ بِإِمْكانِي حِمايَةُ هَذَا الطِفْلِ. يَجِبُ أَنْ أَتْرُكَهُ، وَيَجِبُ أَنْ أَسْتَوْدِعَهُ بَيْنَ يَدَيْ إِلَهِي لِكَيْ يُخَلِّصَ إِلَهِي حَيَاتَهُ وَيَحْمِيَهُ مِنْ غَضَبِ فِرْعَوْنَ". فَبَنَتْ ذَلِكَ الزَوْرَقَ الصَغِيرَ، وَلَمْ تَتْرُكْهُ يَطْفُو فِي نَهْرِ النِيلِ بَلْ وَضَعَتْهُ فِي حُزْمَةٍ مِنَ الْقَصَبِ لِكَيْ يَبْقَى مَخْفِيًّا، وَجَعَلَتِ الأُخْتَ الْبِكْرَ لِلصَبِيِّ تَقِفُ وَتُراقِبُ لِتَرَى مَا إِذَا كَانَ أَحَدٌ سَيَأْتِي وَمَا إِذَا كانَ أَحَدٌ سَيَأْتِي لإِنْقَاذِ الطِفْلِ.

بَعْدَ ذَلِكَ، وَبِفَضْلِ عِنَايَةِ اللهِ، نَزَلَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَهْرِ لِتَغْتَسِلَ، وَهْيَ لَمْ تَكُنْ تَبْحَثُ عَنْ أَطْفَالٍ عِبْرَانِيِّينَ تَتَبَنَّاهُمْ. هِيَ ذَهَبَتْ إِلَى النَهْرِ لِتَسْتَحِمَّ، وَهْيَ لَمْ تَكُنْ أَيَّ فَتَاةٍ، بَلْ كَانَتْ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ. أَيُمْكِنُكُمْ أَنْ تَتَخَيَّلُوا الرُعْبَ الَذِي اعْتَرَى قَلْبَ أُخْتِ مُوسَى حِينَ رَأَتِ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ تَقْتَرِبُ مِنْ حُزْمَةِ الْقَصَبِ حَيْثُ كَانَ السَفَطُ الصَغِيرُ مُخَبَّأً وَأَخُوهَا الطِفْلُ فِي دَاخِلِهِ؟ آهٍ لا، إِنَّهَا تَقْتَرِبُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ وَهْيَ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ. "وَكَانَتْ جَوَارِيهَا مَاشِيَاتٍ عَلَى جَانِبِ النَّهْرِ. فَرَأتِ السَّفَطَ بَيْنَ الْحَلْفَاءِ، فَأرْسَلَتْ أمَتَهَا وَأخَذَتْهُ". مَا هَذَا؟ مَا هَذَا الشَيْءُ هُنَا؟ "وَلَمَّا فَتَحَتْهُ رَأتِ الْوَلَدَ، وَإِذَا هُوَ صَبِيٌّ يَبْكِي". هِيَ فَتَحَتْ تِلْكَ الْحُزْمَةَ الَتِي لَمْ تَتَوَقَّعْ أَنْ تَجِدَها دَاخِلَ الْقَصَبِ، فَرَأَتْ طِفْلًا عُمْرُهُ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ. وَنَظَرَ الطِفْلُ إِلَى ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَبَدَأَ يَبْكِي.

ثُمَّ نَقْرَأُ: "فَرَقَّتْ لَهُ وَقَالَتْ: "هَذَا مِنْ أوْلادِ الْعِبْرَانِيِّينَ"". هِيَ لَمْ تَقُلْ: "هَذَا مِنْ أَطْفَالِ الْعِبْرَانِيِّينَ، سَأُبَلِّغُ أَبِي لِكَيْ يَأْمُرَ جُنُودَهُ بِالْمَجِيءِ وَالتَخَلُّصِ مِنْ هَذَا الطِفْلِ"، لا، بَلْ هِيَ رَقَّتْ لَهُ، فَهْيَ امْرَأَةٌ، وَغَرِيزَتُهَا الطَبِيعِيَّةُ لَدَى رُؤْيَةِ طِفْلٍ يَبْكِي تَدْفَعُها إِلَى التَحَنُّنِ عَلَى ذَلِكَ الطِفْلِ وَحَمْلِهِ بَيْنَ ذِرَاعَيْهَا لِتُحَاوِلَ تَهْدِئَتَهُ. هِيَ لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ شَيْئًا عَنِ الْوَصَايَا الْعَشْرِ أَوْ سِفْرِ الْخُرُوجِ، وَأَنَّهَا تَحْمِلُ وَسِيطَ الْعَهْدِ الْقَدِيمِ بَيْنَ ذِرَاعَيْهَا، إِنَّهَا امْرَأَةٌ تَتَحَنَّنُ عَلَى طِفْلٍ مَتْرُوكٍ وَعَائِمٍ.

"فَقَالَتْ أُخْتُ مُوسَى لابْنَةِ فِرْعَوْنَ: "هَلْ أذْهَبُ وَأدْعُو لَكِ امْرَأةً مُرْضِعَةً مِنَ الْعِبْرَانِيَّاتِ لِتُرْضِعَ لَكِ الْوَلَدَ؟" فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: "اذْهَبِي". فَذَهَبَتِ الْفَتَاةُ وَدَعَتْ أمَّ الْوَلَدِ. فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: "اذْهَبِي بِهَذَا الْوَلَدِ وَأرْضِعِيهِ لِي وَأنَا أعْطِي أجْرَتَكِ"". اذْهَبِي بِهَذَا الْوَلَدِ وَاعْتَنِي بِهِ لِي فَأَنَا سَأَتَبَنَّى هَذَا الطِفْلَ، وَسَأُعْطِيكِ أُجْرَتَكِ إِذَا أَرْضَعْتِهِ. "سَتُعْطِينِي أُجْرَتِي؟ هَذَا طِفْلِي. سَأُرْضِعُهُ حَتْمًا". لَكِنَّها لَمْ تَقُلْ ذَلِكَ. "وَلَمَّا كَبِرَ الْوَلَدُ جَاءَتْ بِهِ إلَى ابْنَةِ فِرْعَوْنَ فَصَارَ لَهَا ابْنًا، وَدَعَتِ اسْمَهُ "مُوسَى" وَقَالَتْ: "إنِّي انْتَشَلْتُهُ مِنَ الْمَاءِ"". هَكَذَا بَدَأَتْ حَيَاةُ مُوسَى. وَبَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً مِنْ تِلْكَ اللَحْظَةِ سَيَتَقَابَلُ مُوسَى مَعَ اللهِ الْحَيِّ فِي الْعُلَّيْقَةِ الْمُتَّقِدَةِ فِي بَرِّيَّةِ الْمِدْيَانِيِّينَ.