دليل أسئلة وأجوبة هايدلبرج


مُقدِّمة

كُتب دليل أسئلة وأجوبة هايدلبرج للتعليم المسيحي في عام 1562 في مدينة هايدلبرج، بألمانيا، بناءً على طلب من الناخب فريدرش الثالث، الذي حكم مقاطعة بالاتينات من 1559 إلى 1576. وفي عام 1563، تم قبول دليل الأسئلة والأجوبة في السنودس السنوي لكنيسة بالاتينات. دليل الأسئلة والأجوبة هذا هو أحد الوثائق الثلاث التي تُشكِّل الوحدة في الإيمان والعقيدة، والتي تتبنَّاها العديد من الكنائس المُصلَحة كإقرارٍ للإيمان.

باعتبار هذا الدليل إقرار إيمان كلاسيكي، فإنَّه يتألَّف من أسئلة وأجوبة تتناول الأركان الأساسيَّة للإيمان المسيحي. وهو يتكوَّن من ثلاثة أقسام. القسم الأول ("عن شفاء الإنسان") يتناول الأمور المُتعلِّقة بطبيعة الإنسان الساقطة، وفساده الأخلاقي، ودينونة الله العادلة. يشرح القسم الثاني ("عن خلاص الإنسان") حاجتنا إلى مُخلِّصٍ ينقذنا من حالة الخطيَّة والشقاء. كما يشرح كل بند في قانون إيمان الرسل، والذي يُعلِّمنا ما يجب أن يُؤمن به المسيحي. يصف القسم الثالث ("عن الشكر") شريعة الله كما نجدها بإيجاز في الوصايا العشر، ويسرد أيضًا ما أوصانا الله أن نطلبه منه في الصلاة الربانيَّة.

يوم الرب (1)

1- ما هو عزاؤك الوحيد في الحياة والممات؟

إنَّني جسدًا وروحًا، في الحياة والممات، لست لذاتي، بل يمتلكُني مُخلِّصي الأمين يسوع المسيح؛ الذي وَفَّى دين كل خطاياي بدمهِ الثمين وحرَّرني كليًّا من سُلطة الشيطان؛ ولذلك يحفظني بحيث لا تسقط شعرة من رأسي بدون مشيئة أبي السماوي؛ وحقًّا إنَّ كل الأشياء تعمل معًا من أجل خلاصي، ولذلك فإنَّه يضمن لي الحياة الأبديَّة، بروحهِ القدُّوس، ويجعلني راغبًا ومُستعدًّا بإخلاصٍ أن أحيا له من الآن فصاعدًا.

2- كم من الأمور التي يجب أن تعرفها، وأنت تنعم بتلك التعزية، حتى تحيا وتموت فَرِحًا؟

ثلاثة أمور: أوَّلًا، عِظَم خطاياي وشقائي. ثانيًا، كيف يمكن أن أتحرَّر من كل خطاياي وشقائي. ثالثًا، كيف أُعبِّر عن امتناني لله من أجل هذا التحرير.

القسم الأول عن شقاء الإنسان

يوم الرب (2)

3- من أين تعرف عن شقائك؟

من ناموس الله.

4- ماذا يطلب ناموس الله منَّا؟

لقد علَّمنا المسيح ذلك باختصار، في متى 37:22-40، "تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ".

5- هل يُمكنك حِفظ هاتين الوصيَّتين بشكلٍ كاملٍ؟

كلَّا. لأنَّني بالطبيعة أميل إلى كراهيَّة الله وقريبي.

يوم الرب (3)

6- هل خلق الله إذن الإنسان شرِّيرًا وفاسدًا؟

حاشا؛ بل خلق الله الإنسان حسنًا، وعلى صورته، في البرِّ والقداسة الحقيقيَّة، لكي يعرف الإنسانُ اللهَ خالقهُ بحقٍّ، ويحبه بإخلاص، ويحيا معهُ في سعادة أبديَّة ليمجِّده ويسبِّحه.

7- من أين إذن أتى فساد الطبيعة البشريَّة؟

من سقوط والدينا الأوَّلين، آدم وحواء، وعصيانهم في الجنَّة؛ ومن هنا أصبحت طبيعتنا فاسدة لدرجة أنَّنا جميعًا نُصوَّر بالإثم ونُولَد بالخطيَّة.

8- هل نحن إذن فسدنا لدرجة أنَّنا عاجزين كليًّا عن فعل أي صلاح، ونميل إلى كل الشرور؟

بالتأكيد نحن كذلك، ما لم يتم تجديدنا بواسطة روح الله.

يوم الرب (4)

9- أليس الله إذن بظالمٍ للإنسان إذ يطلب منه في ناموسه ما لا يستطيع تنفيذه؟

لا على الإطلاق؛ لأنَّ الله خلق الإنسان قادرًا على تنفيذه؛ لكن الإنسان، بتحريض من الشيطان، وبعصيانه عن عمدٍ، قد حَرَم نفسه وكل ذريته من هذه العطايا.

10- هل يسمح الله لهذا العصيان والتمرُّد أن يفلت من العقاب؟

بالتأكيد لا؛ فهو غاضب بشدَّة من خطيَّتنا الأصليَّة وكذلك من خطايانا الفعليَّة؛ وسوف يعاقبها بحسب قضائه العادل زمنيًّا وأبديًّا، كما أعلن: "مَلْعُونٌ مَنْ لاَ يُقِيمُ كَلِمَاتِ هذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهَا".

11- ولكن أليس الله رحيمًا أيضًا؟

إنَّ الله رحيم حقًّا، ولكن عادل أيضًا؛ لذلك عدله يقتضي بأن تُعاقَب الخطيَّة المُرتكَبة ضد عظمة جلال الله بأقصى عقاب، أي بعقاب أبدي للجسد والنفس.

القسم الثاني عن خلاص الإنسان

يوم الرب (5)

12- بما أنَّنا إذن نستحق العقاب الوقتي والأبدي، بحسب القضاء العادل لله، ألا توجد طريقة ننجو بها من ذلك العقاب، ونُقبَل مرَّة أخرى في النعمة؟

يستلزم الله تحقيق عدله، ولذلك يتوجَّب علينا أن نسدِّد الثمن كاملًا، إمَّا بأنفسنا أو بواسطة آخر.

13- هل نستطيع بأنفسنا إذن أن نسدِّد الثمن؟

بالتأكيد لا؛ بل على العكس نحن نزيد ديننا يوميًّا.

14- هل يمكن العثور في أي مكان على شخصٍ، مُجرَّد مخلوق، قادر على تسديد الثمن عنَّا؟

لا؛ لأنَّه، أوَّلًا، لن يعاقب الله أي مخلوق آخر بسبب الخطيَّة التي اقترفها الإنسان؛ وعلاوةً على ذلك، لا يمكن لمُجرَّد مخلوق أن يتحمَّل وطأة غضب الله الأبدي على الخطيَّة، حتى يُخلِّص الآخرين منه.

15- ما شكل الوسيط والمُخلِّص إذن الذي يجب أن نبحث عنه؟

يجب أن يكون إنسانًا حقًّا، وبارًّا تمامًا؛ ومع ذلك أن يكون أقدر من جميع المخلوقات؛ أي يجب أن يكون أيضًا إلهًا حقًّا.

يوم الرب (6)

16- لماذا يجب أن يكون إنسانًا حقًّا، وأيضًا بارًّا تمامًا؟

لأنَّ عدل الله يتطلَّب أن نفس الطبيعة البشريَّة التي ارتكبت الخطيَّة، ينبغي كذلك أن تسدِّد ثمن الخطيَّة؛ والشخص الذي هو نفسه خاطئ، لا يستطيع أن يسدِّد الثمن عن الآخرين.

17- لماذا يجب أن يكون أيضًا في نفس الشخص إلهًا حقًّا؟

لكي يقدر بقوَّة ألوهيَّته أن يتحمَّل بطبيعته البشريَّة وطأة غضب الله؛ وأن يحصل من أجلنا على البر والحياة ويستعيدهم لنا.

18- من هو إذن ذلك الوسيط، الذي هو في شخصٍ واحد إله حقًّا، وإنسان بار حقًّا؟

ربنا يسوع المسيح، "الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرًّا وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً".

19- من أين لك معرفة هذا؟

من الإنجيل المُقدَّس، الذي أعلنه الله نفسه أوَّلًا في الجنَّة؛ ثم صرَّح به الآباء والأنبياء، ورُمز إليه بواسطة الذبائح والطقوس الأخرى للناموس؛ وأتمَّه أخيرًا بواسطة ابنه الوحيد.

يوم الرب (7)

20- هل يخلص إذن جميع البشر بواسطة المسيح كما سقطوا في آدم؟

لا؛ بل يخلص فقط مَن اتحدوا به، وقبلوا كل بركاته، بإيمانٍ حقيقي.

21- ما هو الإيمان الحقيقي؟

الإيمان الحقيقي ليس مُجرَّد معرفة مُؤكَّدة، على أساسها أتمسَّك بكل الحق الذي أعلنه الله لنا في كلمته، بل هو أيضًا ثقة أكيدة، يخلقها الروح القدس في قلبي بواسطة بشارة الإنجيل، بأن الله قد منح لي مجَّانًا، وليس للآخرين فحسب، غفران الخطايا، وبرًّا وخلاصًا أبديًّا، فقط بنعمته، وذلك فقط لأجل استحقاقات المسيح.

22- ما هو الضروري إذن للمسيحي أن يؤمن به؟

عليه أن يؤمن بكل الأشياء الموعودة لنا في رسالة الإنجيل، والتي تُعلِّمها لنا بشكلٍ موجز بنود إيماننا المسيحي الراسخ الجامع.

23- ما هي هذه البنود؟

أوَّلًا: أؤمن بالله الآب ضابط الكل، خالق السماء والأرض؛

ثانيًا: وبربنا يسوع المسيح، ابنه الوحيد؛

ثالثًا: الذي حُبل به من الروح القدس. وُولد من مريم العذراء؛

رابعًا: وتألَّم في عهد بِيلاَطُسْ الْبُنْطِيِّ؛ وصُلب ومات وقُبِرَ؛ ونزل إلى الهاوية؛

خامسًا: وقام أيضًا في اليوم الثالث من بين الأموات؛

سادسًا: وصعد إلى السماء، وهو جالس عن يمين الله الآب ضابط الكل؛

سابعًا: وسيأتي من هنالك ليدين الأحياء والأموات؛

ثامنًا: وأؤمن بالروح القدس؛

تاسعًا: وأؤمن بالكنيسة المُقدَّسة الجامعة؛ وبشركة القدِّيسين؛

عاشرًا: وبمغفرة الخطايا؛

الحادي عشر: وبقيامة الجسد؛

الثاني عشر: وبالحياة الأبديَّة. آمين.

يوم الرب (8)

24- كيف تُقسَّم هذه البنود؟

تُقسَّم إلى ثلاثة أقسام: الأوَّل عن الله الآب وخَلْقِنا؛ والثاني عن الله الابن وفدائنا؛ والثالث عن الله الروح القدس وتقديسنا.

25- بما أنَّه لا يوجد سوى جوهر واحد لله، لماذا تتحدَّث عن الآب، والابن، والروح القدس؟

لأنَّه هكذا أعلن الله عن ذاته في كلمته؛ أن هؤلاء الأقانيم الثلاثة المُتميِّزة هم الله الواحد الحقيقي السرمدي الوحيد.

عن الله الآب

يوم الرب (9)

26- بماذا تؤمن عندما تقول: "أؤمن بالله الآب ضابط الكل، خالق السماء والأرض؟"

أنَّ الآب الأزلي لربنا يسوع المسيح، (الذي خلق من العدم السماء والأرض، وكل ما فيهما؛ والذي أيضًا يضبطهما ويسودهما بمشورته السرمديَّة وعنايته)، من أجل ابنه المسيح، هو إلهي وأبي؛ أتكل عليه تمامًا، وأنَّه ليس لدي أدنى شك أنَّه يمدُّني بكل الأشياء الضروريَّة للنفس والجسد؛ وفضلًا عن ذلك، أنَّه سيحوِّل كل الشدائد التي يلقيها عليَّ، في وادي الدموع هذا، إلى خير لي؛ لأنَّه قادر على ذلك، لكونه الله ضابط الكل، وهو يريد، لكونه الآب الأمين.

يوم الرب (10)

27- ماذا تقصد بعناية الله؟

إنَّها قدرة الله الضابطة والحاضرة في كل مكان، التي بها يحمل بيده، السماء، والأرض، وكل المخلوقات ويسود عليها؛ بحيث أن النباتات والعشب، والمطر والجفاف، والسنين المثمرة والسنين القاحلة، والأكل والشرب، والصحَّة والمرض، والغنى والفقر، نعم، وكل شيء يأتينا، لا صدفة، بل من يده الأبويَّة.

28- ما هي الفائدة بالنسبة لنا أن نعرف أن الله خلق كل الأشياء، وبعنايته ما زال يحمل كل الأشياء؟

أن نصبر في الشدائد؛ ونشكر في الرخاء؛ وفي كل الأمور التي قد تحدث لنا نضع ثقتنا الراسخة في إلهنا وأبينا الأمين، أنَّه ليس شيئًا يفصلنا عن محبَّته؛ بما أن جميع المخلوقات في يده، ولا تستطيع أن تتحرَّك بدون إرادته.

عن الله الابن

يوم الرب (11)

29- لماذا يُدعى ابن الله "يسوع"، أي، المُخلِّص؟

لأنَّه يُخلِّصنا ويحرِّرنا من خطايانا؛ وبالمثل لأنَّنا لا ينبغي أن نطلب الخلاص من غيره، ولا يمكننا أن نجد الخلاص في غيره.

30- هل إذن يؤمن بيسوع المُخلِّص الوحيد مَن يطلبون خلاصهم وخيرهم من القدِّيسين، أو بواسطة جهودهم الذاتيَّة، أو في أي مكان آخر؟

كلَّا؛ لأنَّه على الرغم من أنَّهم يفتخرون به بالكلام، إلَّا أنَّهم بالأفعال ينكرون يسوع المُخلِّص والفادي الوحيد؛ لأنَّ أحد هذين الأمرين يجب أن يكون صحيحًا، إمَّا أن يسوع ليس مُخلِّصًا كاملًا أو أنَّهم، مَن يقبلون هذا المُخلِّص بإيمانٍ حقيقي، لابد أن يجدوا فيه كل ما يلزم لخلاصهم.

يوم الرب (12)

31- لماذا يُدعى "المسيح"، أي، الممسوح؟

لأنَّه مُعيَّن من الله الآب، وممسوح بالروح القدس، ليكون نبيَّنا ومُعلِّمنا الأعظم، الذي أعلن لنا تمامًا مشورة الله السريَّة ومشيئته فيما يتعلَّق بفدائنا؛ وليكون رئيس كهنتنا الوحيد، الذي بذبيحة جسده الواحدة قد افتدانا، وباستمرار يشفع فينا عند الآب؛ وأيضًا ليكون ملكنا الأبدي، الذي يحكمنا بكلمته وبروحه، ويدافع عنَّا ويحفظنا في بهجة الخلاص الذي اشتراه لنا.

32- ولكن لماذا تُدعى أنت "مسيحيًّا"؟

لأنَّني عضو في المسيح بالإيمان، وبالتالي اشترك في مسحته؛ كي أعترف باسمه، وأقدِّم نفسي ذبيحة حمد حيَّة له؛ وأيضًا بضمير حر وصالح أحارب الخطيَّة والشيطان في هذه الحياة، وفيما بعد، سأملك معه إلى الأبد، على جميع المخلوقات.

يوم الرب (13)

33- لماذا يُدعى المسيح "ابن الله الوحيد"، بما أنَّنا أيضًا أبناء لله؟

لأنَّ المسيح وحده هو الابن الأزلي والطبيعي لله؛ لكنَّنا نحن أبناء تبنَّاهم الله، بالنعمة، ولأجله.

34- لماذا تدعوه "ربنا"؟

لأنَّه افتدانا، نفسًا وجسدًا، من كل خطايانا، لا بذهبٍ أو فضة، بل بدمهِ الكريم، وحرَّرنا من كل قوَّة الشيطان؛ وهكذا جعلنا خاصَّته.

يوم الرب (14)

35- ما معنى هذه الكلمات "حُبل به من الروح القدس. وُولد من مريم العذراء"؟

إن الابن الأزلي لله، الكائن والذي يكون إله حق وأزلي، اتخذ لنفسه طبيعة الإنسان نفسها، من لحم ودم العذراء مريم، بعمل الروح القدس؛ ليكون حقًّا من نسل داود أيضًا، يشبه إخوته في كل شيء، ما عدا الخطيَّة.

36- ما هي الفائدة التي تعود عليك من الحبل المُقدَّس وولادة المسيح؟

أنَّه وسيطنا، وبطهارته وقداسته الكاملة، يستر في نظر الله خطاياي التي حُبلتُ ووُلدتُ بها.

يوم الرب (15)

37- ماذا تفهم بكلمة "تألَّم"؟

أنَّه، طوال حياته على الأرض، ولكن بالأخص نهاية حياته، احتمل في الجسد والنفس غضب الله على خطايا كل الجنس البشري؛ لكي يفتدي بآلامه، كذبيحة الكفارة الوحيدة، أجسادنا ونفوسنا من الهلاك الأبدي، ويقتني لنا نعمة الله، والبر، والحياة الأبديَّة.

38- لماذا تألَّم في عهد بِيلاَطُسْ الْبُنْطِيِّ كقاضي؟

لكي يُدان، وهو البريء، من قاضٍ أرضي، فيحرِّرنا بذلك من دينونة الله الشديدة التي كنَّا سنواجهها.

39- هل في صلبه ما هو أكثر ممَّا لو كان قد مات أي ميتة أخرى؟

نعم. لأنَّه بذلك يضمن لي أنَّه أخذ لعنتي عليه لأنَّ موت الصليب ملعون من الله.

يوم الرب (16)

40- لماذا كان ينبغي للمسيح أن يضع نفسه حتى الموت؟

لأنَّه بحسب العدل والحق الإلهي لا يتم التكفير عن خطايانا إلَّا بموت ابن الله.

41- لماذا أيضًا "قُبِرَ"؟

للدلالة على حقيقة موته.

42- بما أن المسيح مات لأجلنا فلماذا يجب أن نموت نحن أيضًا؟

إنَّ موتنا ليس للتكفير عن خطايانا، بل فقط وضع نهاية للخطيَّة، والدخول إلى الحياة الأبديَّة.

43- ماذا نستفيد أيضًا من ذبيحة وموت المسيح على الصليب؟

أنَّه بفضل ذلك تم صلب إنساننا العتيق، ومات وقُبِرِ معه؛ لكي لا تعود الميول الفاسدة للجسد تملك علينا فيما بعد، بل نقدِّم ذواتنا له كذبيحة حمد.

44- لماذا أُضيف "ونزل إلى الهاوية"؟

كي أتيقَّن وأُعزِّي نفسي تمامًا، في أشدِّ تجاربي، بأنَّ ربي يسوع المسيح، بواسطة آلامه التي لا تُوصف، ومعاناته، وأهواله، وعذاباته الجهنميَّة، التي اجتاز فيها خلال كل معاناته، بالأخص على الصليب، قد خلَّصني من كربِ الهاوية وعذاباتها.

يوم الرب (17)

45- ماذا هي الفائدة من قيامة المسيح؟

أوَّلًا، بقيامته انتصر على الموت، لكي يجعلنا شركاء في ذلك البر الذي اشتراه لنا بموته؛ ثانيًا، نحن أيضًا نُقام بقوَّته إلى حياة جديدة؛ وأخيرًا، قيامة المسيح هي عربون أكيد لقيامتنا المُباركة.

يوم الرب (18)

46- كيف تفهم هذه الكلمات: "صعد إلى السماء"؟

أنَّ المسيح أُصعد من الأرض إلى السماء أمام أعين تلاميذه؛ وأنَّه يبقى هناك من أجل منفعتنا إلى أن يأتي مرَّة أخرى ليدين الأحياء والأموات.

47- أليس المسيح معنا إلى انقضاء الدهر، كما وعدنا؟

المسيح إنسان حقًّا وإله حقًّا؛ فيما يتعلَّق بطبيعته البشريَّة، لم يعد موجودًا على الأرض؛ ولكن فيما يتعلَّق بألوهيَّته، وعظمته، ونعمته، وروحه، فهو لا يغيب عنَّا في أي وقت من الأوقات.

48- ولكن إذا كانت طبيعته البشريَّة لا توجد حيث توجد ألوهيَّته، أفلا تكون هاتان الطبيعتان في المسيح منفصلتين عن بعضهما البعض؟

لا على الإطلاق، لأنَّه بما أن الألوهيَّة لا تُحد وموجودة في كل مكان، فلا بد أن يتبع ذلك بالضرورة أن الألوهيَّة تتخطَّى حدود الطبيعة البشريَّة التي اتخذها، ولكنَّها مع ذلك في هذه الطبيعة البشريَّة، وتبقى مُتَّحدة بها اتحادًا أقنوميًّا.

49- ماذا نستفيد من صعود المسيح إلى السماء؟

أوَّلًا، أنَّه شفيعنا في محضرِ أبيه في السماء؛ ثانيًا، أنَّ لنا جسدنا في السماء كوعدٍ أكيد بأنَّه، باعتباره الرأس، سيأخذنا أيضًا لنفسه، نحن أعضاءه؛ ثالثًا، أنَّه أرسل لنا روحه القدُّوس كعربون، الذي بقوَّته نطلب "مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ"، وليس ما على الأرض.

يوم الرب (19)

50- لماذا أُضيف "وهو جالس عن يمين الله"؟

لأنَّ المسيح صعد إلى السماء من أجل هذا الهدف، لكي يُظهر ذاته كرأس لكنيسته، الذي بواسطته يضبط الآب كل شيء.

51- أي منفعة لنا من مجد المسيح، رأسنا؟

أوَّلًا، أنَّه بروحه القدُّوس يفيض علينا، نحن أعضاءه، بالنِعَم السماويَّة؛ وثانيًا، بقوَّته يدافع عنَّا ويحفظنا من كل الأعداء.

52- ما العزاء الذي لك أن "المسيح سيأتي ثانية ليدين الأحياء والأموات"؟

أنَّه في وسط كل أحزاني واضطهاداتي، أنتظر مرفوع الرأس الشخص نفسه الذي قدَّم ذاته من أجلي لقضاء الله، وأزال كل اللعنة عنِّي، لكي يأتي من السماء كديَّان؛ وأنَّه سيُلقي بكل أعدائه وأعدائي إلى الهلاك الأبدي، ولكنَّه سيأخذني مع كل مختاريه لنفسه، إلى الفرح والمجد السماوي.

عن الله الروح القدس

يوم الرب (20)

53- ماذا الذي تؤمن به بالنسبة للروح القدس؟

أوَّلًا، أنَّه مع الآب والابن إله حق متساوٍ في السرمديَّة؛ ثانيًا، أنَّه أُعطيَ لي أيضًا، ليجعلني بواسطة الإيمان الحقيقي شريك في المسيح وفي كل بركاته، لكي يعزِّيني ويمكث معي إلى الأبد.

يوم الرب (21)

54- ما هو إيمانك بخصوص "الكنيسة المُقدَّسة الجامعة" التي للمسيح؟

أن ابن الله منذ بداية العالم وحتى نهايته، يجمع ويحمي ويحفظ بواسطة روحه وكلمته، من كل الجنس البشري، كنيسة مُختارة للحياة الأبديَّة، في وحدة الإيمان الحق؛ وأنني عضو حي فيها وسأبقى كذلك إلى الأبد.

55- ماذا تفهم من عبارة "شركة القدِّيسين"؟

أوَّلًا، أنَّ جميع وكل مَن يؤمن، كونهم أعضاء في المسيح، لهم شركة معه، وفي كل غناه وعطاياه؛ ثانيًا، أنَّ على كل فرد أن يعرف أنَّه من واجبه أن يستخدم مواهبه بسرورٍ وبفرح، لمنفعة وخلاص الأعضاء الآخرين.

56- ما هو إيمانك بخصوص "مغفرة الخطايا"؟

أن الله، لأجل كفَّارة المسيح، لن يذكر خطاياي فيما بعد، ولا طبيعتي الفاسدة، التي يجب أن أجاهد ضدها طوال حياتي؛ بل بنعمة منه سيحسب لي بر المسيح، حتى لا آتي إلى الدينونة أبدًا أمام قضاء الله.

يوم الرب (22)

57- ما هو عزاؤك في "قيامة الجسد"؟

أنَّه ليس فقط روحي بعد هذه الحياة ستُؤخذ على الفور إلى المسيح رأسها؛ ولكن أيضًا أن جسدي هذا، المُقام بقوَّة المسيح، سيتَّحد مع روحي، ليشبه جسد المسيح المجيد.

58- ما هو عزاؤك في "الحياة الأبديَّة"؟

أنَّه بما أنَّني أشعر الآن في قلبي ببداية الفرح الأبدي، فبعد هذه الحياة سأرث الخلاص الكامل، الذي "مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ" أن يتصوَّره، وأن أُسبِّح الله فيها إلى الأبد.

يوم الرب (23)

59- ما الفائدة لك الآن من الإيمان بكل هذه الأمور؟

أنَّني بارٌّ في المسيح، أمام الله، ووارثٌ للحياة الأبديَّة.

60- كيف أنت بارٌ أمام الله؟

فقط بالإيمان الحقيقي بيسوع المسيح، حتى وإن كان ضميري يتَّهمني بأنِّي تعدَّيت كل وصايا الله بشكلٍ صارخ ولم أحفظ أيًّا منها، وما زلت أميل إلى كل الشر؛ على الرغم من ذلك، فإنَّ الله، بدون أي استحقاق من جهتي، ولكن فقط من مُجرَّد النعمة، يمنحني ويحسب لي كفَّارة المسيح الكاملة، وبره، وقداسته، كما لو أنَّه لم يكن لي خطيَّة، ولم أرتكب أي خطيَّة؛ نعم، كما لو كنت قد أتممت كل الطاعة التي أطاعها المسيح من أجلي، كل ذلك لي إن قبلت هذه العطية بقلبٍ مؤمن.

61- لماذا تقول إنَّك بارٌ بالإيمان وحده؟

ليس لأنَّني مقبول لدى الله على حساب استحقاق إيماني، ولكن لأنَّ كفَّارة المسيح وبره وقداسته فقط هي برِّي أمام الله؛ ولأنَّني لا أستطيع قبول هذا وتطبيقه على نفسي بأي طريقة أخرى غير الإيمان وحده.

يوم الرب (24)

62- لكن لماذا لا تكون أعمالنا الصالحة هي كل أو جزء من برِّنا أمام الله؟

لأنَّ البر، المقبول أمام قضاء الله، يجب أن يكون كاملًا تمامًا ومتطابقًا من جميع النواحي مع الشريعة الإلهيَّة؛ وأيضًا، إنَّ أفضل أعمالنا في هذه الحياة كلها ناقصة ومُدنَّسة بالخطيَّة.

63- ماذا! أليس لأعمالنا الصالحة استحقاق، التي سيُكافئها في هذه الحياة وفي الحياة الآتية؟

هذه المكافأة ليست بالاستحقاق بل بالنعمة.

64- لكن أليست هذه العقيدة تجعل الناس مهملين ومُستبيحين؟

كلَّا بأي حال من الأحوال: لأنَّه من المستحيل أنَّ أولئك الذين اتحدوا بالمسيح بالإيمان الحقيقي لا يثمرون ثمار الشكر.

عن الأسرار المُقدَّسة

يوم الرب (25)

65- بما أنَّنا إذن صرنا شركاء في المسيح وفي كل بركاته بالإيمان وحده، فمن أين يأتي هذا الإيمان؟

من الروح القدس، الذي يخلق الإيمان في قلوبنا بواسطة الكرازة بالإنجيل، ويثبِّته فينا بواسطة الأسرار المُقدَّسة.

66- ما هي الأسرار المُقدَّسة؟

الأسرار المُقدَّسة هي علامات وأختام مرئيَّة ومُقدَّسة، قد عيَّنها الله لهذا الغرض، حتى أنَّه باستخدامها يعلن بطريقة كاملة وعد الإنجيل ويختمه لنا، أي أنَّه يمنحنا مجَّانًا غفران الخطايا والحياة الأبديَّة بسبب ذبيحة المسيح الواحدة التي تمت على الصليب.

67- هل كلمة الله والأسرار المُقدَّسة، إذن، مُعيَّنان وموضوعان لهذا الغرض، حتى يوجِّهوا إيماننا إلى ذبيحة يسوع المسيح على الصليب كالأساس الوحيد لخلاصنا؟

نعم، حقًّا، لأنَّ الروح القدس يُعلِّمنا في الإنجيل، ويُؤكِّد لنا بالأسرار المُقدَّسة، أنَّ خلاصنا كله يعتمد على ذبيحة المسيح الواحدة التي قدَّمها من أجلنا على الصليب.

68- ما هو عدد الأسرار المُقدَّسة التي أسَّسها المسيح في العهد الجديد؟

اثنان: المعموديَّة المُقدَّسة والعشاء المُقدَّس.

عن المعموديَّة المُقدَّسة

يوم الرب (26)

69- كيف تُنذرك المعموديَّة المُقدَّسة وتُؤكِّد لك أن ذبيحة المسيح الواحدة على الصليب مفيدة لك حقًّا؟

هكذا: لقد عيَّن المسيح هذا الغُسل الخارجي بالماء، مُضيفًا إليه هذا الوعد، أنَّني بالتأكيد قد غُسِلتُ بدمهِ وبروحه من قذارة روحي، أي من كل خطاياي، وأنا أغتسل خارجيًّا بالماء، الذي عادةً ما يُزيل الأوساخ عن الجسد.

70- ماذا يعني الاغتسال بدم المسيح وروحه؟

هو أن ننال غفران الخطايا من الله مجَّانًا، من أجل دم المسيح الذي سفكه من أجلنا بذبيحتهِ على الصليب؛ وأيضًا أن نتجدَّد بالروح القدس، ونتقدَّس لنكون أعضاء في المسيح، لكي نموت أكثر فأكثر عن الخطيَّة ونحيا حياة مُقدَّسة وبلا لوم.

71- أين وعد المسيح بأنَّه سيغسلنا بالتأكيد بدمهِ وروحهِ، ونحن نغتسل بماء المعموديَّة؟

في تأسيس المعموديَّة، التي تم التعبير عنها على هذا النحو: "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ"؛ "مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ". يتكرَّر هذا الوعد أيضًا، حيث يدعو الكتاب المُقدَّس المعموديَّة غُسل الميلاد الثاني، وغُسل الخطايا.

يوم الرب (27)

72- هل إذن المعموديَّة الخارجيَّة بالماء هي غُسل الخطايا نفسه؟

على الإطلاق؛ لأنَّ دم يسوع المسيح وحده، والروح القدس يُطهِّراننا من كل خطيَّة.

73- لماذا إذن يدعو الروح القدس المعموديَّة "غُسل الميلاد الثاني" و"غُسل الخطايا"؟

لا يتكلَّم الله هكذا إلا لسبب مُهم، فإنَّه لا يُعلِّمنا فقط أنَّه كما بالماء تُزال أوساخ الجسد، هكذا تزول خطايانا بدم يسوع المسيح وروحه؛ ولكن على وجه الخصوص، يُؤكِّد لنا بهذا الوعد الإلهي وبهذه العلامة أنَّنا قد تطهَّرنا روحيًّا من خطايانا كما نُغسل بالماء خارجيًّا.

74- هل يجب تعميد الأطفال أيضًا؟

نعم؛ لأنَّهم هم والبالغون ضمن عهد الله وكنيسته؛ وبما أنَّ الفداء من الخطيَّة بدم المسيح، والروح القدس، مانح الإيمان، وُعِدَ لهم كما للبالغين، لذلك يجب بالمعموديَّة، كعلامة للعهد، أن ينضمُّوا أيضًا إلى كنيسة المسيح، ويُميَّزوا عن أولاد غير المؤمنين كما تم في العهد القديم بواسطة الختان، الذي حلَّت المعموديَّة محلَّه في العهد الجديد.

عن العشاء المُقدَّس لربِّنا يسوع المسيح

يوم الرب (28)

75- كيف يُنذرك عشاء الرب ويُؤكِّد لك أنَّك تشترك في ذبيحة المسيح الواحدة، التي تمت على الصليب، وفي كل بركاته؟

هكذا: لقد أوصاني المسيح وأوصى جميع المؤمنين أن نأكل من الخبز المكسور وأن نشرب من الكأس لذكره، مُضيفًا هذه الوعود: أوَّلًا، أنَّ جسده قد قُدِّم وكُسر على الصليب من أجلي، وأن دمه سُفك من أجلي، كما أرى بعيني خبز الرب يُكسر من أجلي والكأس تُعطى لي؛ علاوةً على ذلك، أنَّه يُطعم نفسي ويُغذِّيها للحياة الأبديَّة، بجسده المصلوب ودمه المسفوك، كما أتناول من يد الخادم، وأذوق بفمي خبز وكأس الرب، كعلامات أكيدة لجسد المسيح ودمه.

76- ماذا يعني إذن أكل جسد المسيح المصلوب، وشرب دمه المسفوك؟

هو ليس فقط أن نقبل كل آلام المسيح وموته بقلبٍ مؤمن، وبذلك نحصل على مغفرة الخطايا والحياة الأبديَّة؛ بل وأيضًا، بالإضافة إلى ذلك، أن نتَّحد أكثر فأكثر بجسده المُقدَّس، بالروح القدس، الساكن في المسيح وفينا؛ حتَّى وإن كان المسيح في السماء ونحن على الأرض، إلَّا أنَّنا "مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ"؛ ونحيا ويحكمنا للأبد الروح الواحد، كما يحكم الروح الواحد أعضاء الجسد.

77- أين وعد المسيح أنَّه بالتأكيد سيُطعم ويُغذِّي المؤمنين بجسده ودمه، عندما يأكلون من هذا الخبز المكسور ويشربون من هذه الكأس؟

في تأسيس العشاء الذي يُعبَّر عنه على هذا النحو: "إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي». كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلاً: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي». فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ".

وهذا الوعد كرَّره الرسول بولس حين قال: "كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟ فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ".

يوم الرب (29)

78- هل يصير الخبز والخمر جسد المسيح ودمه الحقيقيِّين؟

على الإطلاق؛ فكما أن الماء في المعموديَّة لا يتحوَّل إلى دم المسيح، ولا يغسل الخطايا بحد ذاته، وإنمَّا هو فقط علامة وتأكيد لذلك مُعيَّن من الله؛ كذلك في عشاء الرب لا يتغيَّر الخبز إلى جسد المسيح ذاته، مع إنَّه بحسب طبيعة الأسرار المُقدَّسة وخصائصها، يُدعى جسد المسيح يسوع.

79- لماذا إذن يُسمِّي المسيح الخبز جسده، والكأس دمه، أو العهد الجديد بدمه؛ ولماذا يدعو بولس العشاء "شركة جسد ودم المسيح"؟

لا يتكلَّم المسيح هكذا إلا لسبب مُهم، أي ليس فقط ليُعلِّمنا أنَّه كما أن الخبز والخمر يُغذِّياننا في هذه الحياة المُؤقَّتة، فإنَّ جسده المصلوب ودمه المسفوك هما مأكل ومشرب حق اللذين بهما تتغذَّى نفوسنا للحياة الأبديَّة؛ بل والأكثر من ذلك بهذه العلامات المنظورة والعربون ليُؤكِّد لنا أنَّنا نشترك حقًّا في جسده ودمه الحقيقيِّين (بعمل الروح القدس) عندما تتناول أفواه أجسادنا هذه العلامات المُقدَّسة لذكره؛ وأن كل آلامه وطاعته هي بالتأكيد لنا، كما لو كنَّا نحن الذين تألَّمنا وقدَّمنا كفَّارة عن خطايانا لله.

يوم الرب (30)

80- ما الفرق بين العشاء الرباني والقُدَّاس البابوي؟

يشهد لنا العشاء الرباني بأنَّنا نلنا المغفرة الكاملة لكل خطايانا بواسطة ذبيحة يسوع المسيح وحدها فقط، التي قدَّمها بذاته على الصليب مرة واحدة؛ وأنَّنا بواسطة الروح القدس نتحد بالمسيح، الموجود الآن بحسب طبيعته البشريَّة ليس على الأرض، بل في السماء، عن يمين الله أبيه، والذي سنعبده هناك. ولكن القُدَّاس يُعلِّم أنَّ الأحياء والأموات لا ينالون غفران الخطايا بواسطة آلام المسيح، ما لم يُقدَّم المسيح أيضًا لهم يوميًّا بواسطة الكهنة؛ وعلاوةً على ذلك، فانَّ المسيح حاضر جسديًّا في شكلي الخبز والخمر، وبالتالي يجب السجود له فيهما؛ لذلك فإنَّ القُدَّاس، في الأساس، ليس إلَّا إنكارًا لذبيحة يسوع المسيح الواحدة ولآلامه، وهو عبادة أوثان بغيضة.

81- لمَن يُقَام العشاء الرباني؟

لأولئك الآسفون على خطاياهم، ولكنَّهم واثقون من أنَّها قد غُفرَت لهم من أجل المسيح؛ وأنَّ ضعفاتهم المتبقيَّة تغطيها آلامه وموته؛ والذين يرغبون أيضًا في تقوية إيمانهم أكثر فأكثر، وجعل حياتهم أكثر قداسة؛ ولكن المرائين ومَن لا يرجعون إلى الله بقلوبٍ مُخلِصة، يأكلون ويشربون دينونة لأنفسهم.

82- هل يُسمح لهم أيضًا بالتقدُّم إلى هذا العشاء، مَن يعلنون أنَّهم غير مؤمنين وأشرار في المُعتقد والحياة؟

كلَّا؛ لأنَّه بذلك يُدنَّس عهد الله ويحمى غضبه على كل الشعب؛ لذلك من واجب الكنيسة المسيحيَّة، بحسب ترتيب المسيح ورسله، أن تستبعد هؤلاء الأشخاص بمفاتيح ملكوت السماوات حتى يُظهروا تغييرًا في حياتهم.

يوم الرب (31)

83- ما هي مفاتيح ملكوت السماوات؟

الكرازة بالإنجيل المُقدَّس، والتأديب المسيحي، أو الحرمان من الكنيسة المسيحيَّة؛ بهذين الوسيلتين يُفتَح ملكوت السماوات للمؤمنين ويُغلَق أمام غير المؤمنين.

84- كيف يُفتَح ويُغلَق ملكوت السماوات بواسطة الكرازة بالإنجيل المُقدَّس؟

هكذا: عندما يُعلَن ويُشهَد جهرًا لكل المؤمنين بحسب وصيَّة المسيح أنَّه، عندما يقبلون وعد الإنجيل بإيمان حقيقي، فإنَّ كل آثامهم تُغفَر لهم حقًّا من الله من أجل استحقاقات المسيح؛ وعلى العكس من ذلك، عندما يُعلَن ويُشهَد لجميع غير المؤمنين، وكذا لمَن لا يتوبون بصدق، فإنَّهم مُعرَّضون لغضب الله والدينونة الأبديَّة، طالما أنَّهم لم يتغيَّروا؛ وبحسب شهادة الإنجيل، فإنَّ الله سيدينهم في هذه الحياة وفي الدهر الآتي.

85- كيف يُغلَق ويُفتَح ملكوت السماوات بواسطة التأديب المسيحي؟

هكذا: بحسب وصيَّة المسيح، عندما يُبقي الذين يدعون أنفسهم مسيحيِّين على تعاليم أو ممارسات تتعارض مع ذلك، ولم يتراجعوا عن أخطائهم ومسار حياتهم الشرير، بعد توبيخهم مرارًا بشكلٍ أخوي، ويتم شكواهم إلى الكنيسة أو إلى أولئك الذين تُعيِّنهم الكنيسة لهذه الأمور؛ وإذا احتقروا توبيخهم، يمنعوهم من الاشتراك في الأسرار المُقدَّسة؛ حيث يتم استبعادهم من الكنيسة المسيحيَّة ويحرمهم الله نفسه من ملكوت المسيح؛ وعندما يعدون ويُظهرون تغييرًا حقيقيًّا، يُعاد قبولهم مرَّة أخرى كأعضاء في المسيح وفي كنيسته.

القسم الثالث عن الشكر

يوم الرب (32)

86- بما أنَّنا تحرَّرنا من شقائنا، بالنعمة وحدها، من خلال المسيح، دون أي استحقاق من جهتنا، فلماذا لا يزال علينا القيام بالأعمال الصالحة؟

لأنَّ المسيح، إذ افتدانا وخلَّصنا بدمه، فهو يُجدِّدنا بروحه القدُّوس بحسب صورته؛ حتى نشهد، بكل سلوكنا، عن شكرنا لله على بركاته، ولكي نُمجِّده؛ وأيضًا ليطمئن كل إنسان في نفسه من إيمانه بواسطة ثماره؛ وبواسطة حديثنا الصالح يُربَح الآخرين للمسيح.

87- هل يستطيع أن يخلص الذين لا يرجعون إلى الله، الذين يستمرُّون في حياتهم الشرِّيرة وغير الشاكرة؟

بالتأكيد لا؛ لأنَّ الكتاب المُقدَّس يُعلن أنَّ الزُنَاة، وَعَبَدَةُ الأَوْثَان، وَالسَارِقُون، وَالطَمَّاعُون، وَالسِكِّيرُون، وَالشَتَّامُون، والخَاطِفُون، أو أي شخص من هذا القبيل، لا يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ.

يوم الرب (33)

88- ما هو عدد جوانب التغيير الحقيقي للإنسان؟

يتضمَّن جانبين: إماتة الإنسان العتيق، وإحياء الإنسان الجديد.

89- ما هي إماتة الإنسان العتيق؟

إنَّها الندم القلبي الحقيقي على إغاظة الله بخطايانا، وبغضها أكثر فأكثر والهرب منها.

90- ما هو إحياء الإنسان الجديد؟

إنَّه الفرح القلبي الحقيقي بالله، بواسطة المسيح، والحياة بمحبَّة وسرور بحسب مشيئة الله في كل عمل صالح.

91- ما هي الأعمال الصالحة؟

هي فقط الأعمال التي تصدر عن الإيمان الحقيقي، وتتم بحسب ناموس الله، ولأجل مجده؛ وليس الأعمال الصادرة من مُخيِّلات البشر أو مبادئهم.

يوم الرب (34)

92- ما هو ناموس الله؟

تَكَلَّمَ اللهُ بِجَمِيعِ هذِهِ الْكَلِمَاتِ (خروج 20: 1–17؛ تثنية 5: 6–21) قَائِلاً: أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّة.

أوَّلًا: لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.

ثانيًا: لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ، وَأَصْنَعُ إِحْسَانًا إِلَى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ.

ثالثًا: لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلاً، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.

رابعًا: اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِك. أَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ. لِذلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدَّسَهُ.

خامسًا: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.

سادسًا: لاَ تَقْتُلْ.

سابعًا: لاَ تَزْنِ.

ثامنًا: لاَ تَسْرِقْ.

تاسعًا: لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ.

عاشرًا: لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ.

93- كيف يتم تقسيم هذه الوصايا؟

إلى لوحين: الأوَّل يُعلِّمنا كيف ينبغي أن نحيا تجاه الله؛ والثاني يُعلِّمنا عن واجبتنا تجاه قريبنا.

94- ماذا يأمر الله في الوصيَّة الأولى؟

أنَّه، كما أرغب بجديَّة في خلاص نفسي، أتجنَّب وأهرب من كل عبادة أوثان، وشعوذة، وسحر، وخرافات، واستدعاء للقدِّيسين، أو لأي مخلوقات أخرى؛ وأن أتعلَّم بشكلٍ صحيح أن أعرف الإله الحقيقي وحده؛ وأن أثق به وحده؛ وأخضع له باتِّضاع وصبر؛ وأنتظر منه وحده كل الخير؛ وأن أحبه، وأخافه، وأمجِّده من كل قلبي؛ حتَّى أتنازل عن كل المخلوقات وأتخلَّى عنها، ولا أسيء أقل إساءة إلى مشيئته.

95- ما هي عبادة الأوثان؟

عبادة الأوثان هي أنَّه، بدلًا من، أو بجانب الإله الحقيقي الواحد الذي أعلن ذاته في كلمته، يُصنع، أو يُمتَلك شيء، يضع فيه الناس ثقتهم.

يوم الرب (35)

96- ماذا يطلب الله في الوصيَّة الثانية؟

ألَّا نصنع صورًا لله بأي شكل من الأشكال، ولا نعبده بأي طريقة أخرى سوى التي أوصى بها في كلمته.

97- ألا يجوز مُطلقًا صُنع الصور؟

لا يُمكن ولا يجوز أن يُمثَّل الله بأيَّة وسيلة. أمَّا بالنسبة للمخلوقات، فبالرغم من أنَّه يجوز تمثيلها، فإن الله يُحرِّم أن نصوِّرها، أو نملك صورةً لها، لكي نعبدها أو نخدم الله بوساطتها.

98- لكن ألا يجوز أن نسمح بالصور في الكنائس بدلًا من الكتب لغير المُتعلِّمين؟

لا، لأنَّنا لا يجب أن نتظاهر بأنَّنا أحكم من الله، الذي يريد أن يتعلَّم شعبه لا بواسطة صور بُكْم، وإنَّما بواسطة الوعظ الحي بكلمته.

يوم الرب (36)

99- ما المطلوب في الوصيَّة الثالثة؟

ألَّا ندنِّس أو نسيء استعمال اسم الله، ليس فقط عن طريق السب أو القَسَم كذبًا، بل أيضًا بالقَسَم المُتهوِّر؛ ولا يجوز أن نشترك في خطايا مشينة كهذه بالسكوت عنها أو التواطؤ فيها؛ وباختصار، لا يجب أن نستعمل اسم الله القدُّوس إلَّا بمخافة ووقار، حتَّى نعترف به ونعبده بشكلٍ صحيح، ويتمجَّد في كل أقوالنا وأعمالنا.

100- فهل تدنيس اسم الله بالسب والشتائم خطيَّة فاحشة لدرجة أن غضبه يحمى على مَن لا يحاولون، بقدر إمكانهم، منع وحظر مثل هذا السب والشتائم؟

بدون شك، لأنَّه ليس هناك خطيَّة أعظم وأكثر إغاظةً لله أكثر من تدنيس اسمه؛ ولذلك فقد أوصى بأن تُعاقَب هذه الخطيَّة بالموت.

يوم الرب (37)

101- هل مسموح إذن أن نحلف باسم الله بأسلوب ديني؟

نعم، وذلك حين تطلب السلطات القضائيَّة ذلك من المواطنين، أو حين تتطلَّب منَّا الضرورة ذلك لضمان الإخلاص والحق لمجد الله وسلامة القريب؛ لأنَّ هذا النوع من القَسَم مبني على كلمة الله، وبالتالي استخدمه القدِّيسون استخدامًا صحيحًا، في كل من العهدين القديم والجديد.

102- هل مسموح أيضًا أن نحلف بالقدِّيسين أو بأي مخلوقات أخرى؟

لا؛ لأنَّ القَسَم الشرعي هو استدعاء لله باعتباره الوحيد فاحص القلب، لكي يشهد للحق ويعاقبني إذا حلفت باطلًا؛ ولا يستحق هذا الشرف أي مخلوق آخر.

يوم الرب (38)

103- ماذا يطلب الله في الوصيَّة الرابعة؟

أوَّلًا، الحفاظ على خدمة الإنجيل والتعليم المسيحي؛ وأنَّني، خاصة في يوم الرب، أي في يوم الراحة، أحضر إلى الكنيسة بنشاطٍ لسماع كلمة الله، والاشتراك في الأسرار المُقدَّسة، وطلب الرب علانية، وتقديم العطايا المسيحيَّة من أجل المحتاجين. ثانيًا، أن أتوقَّف كل أيام حياتي عن أعمالي الشريرة، وأسلِّم نفسي للرب، ليعمل بواسطة روحه القدُّوس فيَّ، وهكذا تبتدئ الراحة الأبديَّة في هذه الحياة.

يوم الرب (39)

104- ماذا يطلب الله في الوصيَّة الخامسة؟

أن أُظهر كل الإكرام، والمحبَّة والإخلاص، لأبي وأمي وكل مَن لهم سلطة عليَّ، وأن أُخضع نفسي لتعليمهم وتأديبهم الصالح، مع الطاعة الواجبة؛ وأيضًا أن أتحمَّل ضعفهم وعيوبهم بصبرٍ، لأنَّها مسرَّة الله أن يسود علينا بواسطتهم.

يوم الرب (40)

105- ماذا يطلب الله في الوصيَّة السادسة؟

أنَّه لا بالأفكار، ولا بالكلمات، ولا بالإيماءات، ناهيك عن الأفعال، أُهين قريبي، أو أكرهه، أو أضرُّه، أو أقتله، بواسطتي أو بواسطة غيري؛ بل أن أضع جانبًا كل رغبة في الانتقام؛ وأيضًا، ألَّا أؤذي نفسي، ولا أعرِّض نفسي عمدًا لأي خطر. لذلك فإنَّ السلطة القضائيَّة أيضًا مُسلَّحة لمنع القتل.

106- هل يبدو أن هذه الوصيَّة تتحدَّث فقط عن القتل؟

في النهي عن القتل، يُعلِّمنا الله أنَّه يمقت أسباب القتل مثل الحسد، والكراهية، والغضب، والرغبة في الانتقام؛ وأنَّه يعتبر كل هذه جرائم قتل.

107- ولكن هل يكفي ألَّا نقتل أحدًا على النحو المذكور أعلاه؟

لا، لأنَّه عندما ينهى الله عن الحسد، والكراهية، والغضب، فإنَّه يأمرنا بأن نحب قريبنا كنفسنا؛ لإظهار الصبر، والسلام، والوداعة، والرحمة، وكل لطف تجاهه، ومنع الأذى عنه بقدر استطاعتنا؛ وأن نصنع الخير، حتى لأعدائنا.

108- ماذا تُعلِّمنا الوصيَّة السابعة؟

أن الله يلعن كل أنواع النجاسة؛ ولذلك يجب علينا أن نمقت الشيء نفسه من كل قلوبنا، وأن نحيا بعفَّة واعتدال، سواء في الزواج المُقدَّس أو حياة العزوبيَّة.

يوم الرب (41)

109- هل يُحرِّم الله في هذه الوصيَّة فقط الزنا والخطايا الكبرى؟

بما أنَّ أجسادنا وأرواحنا هي هيكل للروح القدس، فإن الله يأمرنا بالحفاظ عليها في طهارة وقداسة؛ لذلك فإنَّه يُحرِّم كل الأعمال والإيماءات والكلمات والأفكار والرغبات الخالية من العفَّة، وكل ما يُغري البشر إليها.

يوم الرب (42)

110- ماذا يُحرِّم الله في الوصيَّة الثامنة؟

يُحرِّم الله ليس فقط السرقات والنهب التي تعاقبها السلطة القضائيَّة، لكنَّه يشمل تحت اسم السرقة كل الخدع والحيل الشريرة، التي بها نخطِّط للاستيلاء على الممتلكات التي لقريبنا؛ سواء كان ذلك بالقوَّة، أو بالتظاهر بالحق، مثل الغش في الأوزان، أو المقاييس، أو الأكيال، أو البضائع المغشوشة، أو العملات المُزيَّفة، أو الربا، أو بأي وسيلة أخرى يُحرِّمها الله؛ وكذلك كل طمع، وكل إساءة وإهدار لعطاياه.

111- لكن ماذا يطلب الله في هذه الوصيَّة؟

أن أعمل لخير قريبي حيثما استطعت، وأن أعامله كما أريد من الآخرين أن يعاملونني؛ وكذلك أن أقوم بعملي بأمانة حتى أتمكَّن من التخفيف عن المحتاجين.

يوم الرب (43)

112- ما المطلوب في الوصيَّة التاسعة؟

ألَّا أشهد على إنسانٍ شهادة زور ولا أزوِّر كلام إنسان؛ ولا أكون مفتريًّا أو نمَّامًا؛ ولا أدين أحد، ولا أشارك في إدانة أحد مُتسرِّعًا أو دون الإصغاء إليه؛ بل أتجنَّب كل أنواع الكذب والخداع، كأعمال شيطانيَّة، التي تجلب غضب الله الشديد؛ وبالمثل، ينبغي أن أحب الحق في المسائل القضائيَّة وكل المسائل الأخرى، وأن أقول الحق بأمانة وأعترف به؛ وأن أدافع، بقدر استطاعتي، عن سمعة وخير قريبي وأعمل على ذلك.

يوم الرب (44)

113- ماذا تتطلَّب الوصيَّة العاشرة منَّا؟

ألَّا يظهر في قلوبنا حتى أصغر ميل أو فكر ضد وصايا الله؛ بل في جميع الأوقات نكره كل خطيَّة بكل قلوبنا، ونفرح بكلِّ بر.

114- ولكن هل يستطيع مَن رجعوا إلى الله أن يحفظوا هذه الوصايا تمامًا؟

لا، فحتى أقدس البشر، أثناء وجودهم في هذه الحياة، ليس لهم سوى بداية صغيرة في الطاعة؛ ومع ذلك، فإنَّهم يبتدئون بعزمٍ صادق أن يعيشوا، ليس فقط وفقًا لبعض وصايا الله، ولكن لجميعها.

115- لماذا إذن يأمر الله بالوعظ بالوصايا العشر بصرامةٍ، إذ لا يمكن لأي شخص في هذه الحياة أن يحفظها؟

أوَّلًا، لكي نتعلَّم طوال حياتنا أكثر فأكثر أن ندرك طبيعتنا الخاطئة، وبالتالي نصبح أكثر جديَّة في طلب غفران الخطايا والبر الذي في المسيح؛ وبالمثل، أن نسعى باستمرار ونصلِّي إلى الله من أجل نعمة الروح القدس، حتى نصبح أكثر توافقًا مع صورة الله، إلى أن نبلغ هدف الكمال في الحياة الآتية.

يوم الرب (45)

116- لماذا الصلاة ضروريَّة للمؤمنين؟

لأنَّها أهم جزء من الشكر الذي يطلبه الله منَّا؛ وكذلك، لأنَّ الله يهب نعمته وروحه القدُّوس لهؤلاء فقط، الذين يطلبونها منه برغبات صادقة بلا انقطاع، ويشكرونه عليها

117- ما هي شروط تلك الصلاة التي يرضى عنها الله ويسمعها؟

أوَّلًا، أن نصلِّي من القلب إلى الإله الواحد الحق وحده، الذي أعلن لنا ذاته في كلمته، من أجل كل ما أوصانا أن نسأل منه؛ ثانيًا، أن نعرف حقًّا وبشكل تام احتياجنا وشقائنا، كي نتواضع بشدَّة في محضر جلاله الإلهي؛ ثالثًا، أن نقتنع تمامًا بأنَّه، على الرغم من عدم استحقاقنا، فإنَّه يسمع بالتأكيد صلاتنا، لأجل المسيح ربنا، كما وعدنا في كلمته.

118- ماذا أوصانا الله أن نسأل منه؟

كل ما هو ضروري للروح والجسد، أي ما ضمَّنه المسيح ربنا في تلك الصلاة التي علَّمها لنا.

119- ما هي كلمات تلك الصلاة؟

أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ، خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.

يوم الرب (46)

120- لماذا أوصانا المسيح أن ندعو الله هكذا: "أَبَانَا"؟

كي يوقظ فينا، فورًا في بداية صلاتنا، خشوع الأطفال لله وثقتهم به، وهما أساس صلاتنا، أي أنَّ الله أصبح أبانا في المسيح، وأنَّه إذا كان آباؤنا الأرضيُّون لا يرفضون لنا طلباتنا الدنيويَّة فكم بالحري أبونا السماوي الذي نطلب منه بإيمان حقيقي.

121- لماذا أُضيفت هنا عبارة "الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ"؟

لئلَّا نُشكِّل أي تصوُّرات أرضيَّة عن عظمة الله السماويَّة، ولكي نرتجَّي من قدرته العظيمة كل ما نحتاجه للروح والجسد.

يوم الرب (47)

122- ما هي الطلبة الأولى؟

"لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ"؛ أي، امنحنا، أوَّلًا، أن نعرفك حقًّا، وأن نُقدِّسك، ونُمجِّدك ونحمدك في كل أعمالك، التي تظهر بوضوح من خلالها قدرتك، وحكمتك، وصلاحك، وبرك، ورحمتك، وحقك؛ علاوةً على ذلك، حتى نضبط ونوجِّه حياتنا كلها، وأفكارنا، وكلماتنا، وأفعالنا، كي لا يُجدَّف على اسمك أبدًا، بل يُمجَّد ويُحمَد بسببنا.

يوم الرب (48)

123- ما هي الطلبة الثانية؟

"لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ"؛ أي اُملك علينا بكلمتك وروحك، حتى نخضع أنفسنا لك أكثر فأكثر؛ واحفظ ونمِّي كنيستك؛ وانقض أعمال إبليس، وكل قوَّة ترتفع ضدك؛ وأيضًا، كل المؤامرات الشريرة المُحاكة ضد كلمتك المُقدَّسة؛ إلى أن يتحقَّق كمال ملكوتك، حيث تكون أنت الكل في الكل.

يوم الرب (49)

124- ما هي الطلبة الثالثة؟

"لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ"؛ أي، امنحنا نحن وجميع البشر أن نتخلَّى عن مشيئتنا، وبدون تذمُّر نُطيع مشيئتك، لأنَّها وحدها الصالحة؛ حتى يقوم كل شخص بواجباته وينفِّذ دعوته بملء إرادته وبإخلاص كما تفعل الملائكة في السماء.

يوم الرب (50)

125- ما هي الطلبة الرابعة؟

"خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ"؛ أي أن يُسر ليعطينا كل الأشياء الضروريَّة للجسد، حتى بذلك نعترف بأنَّك النبع الوحيد لكل صلاح، وأنَّ اهتماماتنا وأعمالنا، وحتى عطاياك، لا تفيدنا شيئًا من دون بركتك؛ وبالتالي لكي نسحب ثقتنا من جميع المخلوقات ونضعها فيك وحدك.

يوم الرب (51)

126- ما هي الطلبة الخامسة؟

"وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا"؛ أي تحنَّن من أجل دم المسيح، ولا تحسب علينا نحن الخطاة البائسين تعدِّياتنا، ولا ذلك الفساد الذي لا يزال يلازمنا؛ حتى عندما نشعر ببرهان نعمتك هذه فينا، فإنَّ عزمنا الثابت من القلب هو أن نغفر لقريبنا.

يوم الرب (52)

127- ما هي الطلبة السادسة؟

"وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ"؛ أي لأنَّنا ضعفاء في أنفسنا لدرجة أنَّنا لا نستطيع الصمود للحظة واحدة؛ وإلى جانب ذلك، بما أنَّ أعداءنا الألداء، الشيطان، والعالم، وجسدنا، لا يتوقَّفون عن الاعتداء علينا، فاحفظنا بقوَّة روحك القدُّوس، كي لا نُهزم في هذه الحرب الروحيَّة، بل نُقاوم باستمرار وبقوَّة أعداءنا إلى أن ننال في النهاية النصرة الكاملة.

128- كيف تختم صلاتك؟

"لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ"؛ أي، نسأل كل هذا منك، لأنَّك، بصفتك ملكنا والقادر على كل شيء، تريد وتستطيع أن تعطينا كل خير؛ وكل هذا نصلِّي من أجله، لا لكي نتمجَّد نحن، بل يتمجَّد اسمك القدُّوس إلى الأبد.

129- ماذا تعني كلمة "آمين"؟

"آمِينَ" تعني أن ذلك سيكون حقًّا ويقينًا، لأنَّ صلاتي يستجيب لها الله بتأكيد أكثر ممَّا أشعر في قلبي أنَّني أريد هذه الأشياء منه.