ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسائل يوحنا الأولى والثانية والثالثة - خدمات ليجونير
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر عاموس 
۵ يونيو ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر عاموس 
۵ يونيو ۲۰۲۵

ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسائل يوحنا الأولى والثانية والثالثة

يزخر الكتاب المُقدَّس بالجواهر المخفيّة. والكثير من هذه الجواهر موجودة في أسفار الكتاب المُقدَّس القصيرة. معظم المؤمنين الذين يتعاملون مع قراءة كلمة الله بجدّيّة يتعرَّفون بصورة معقولة على "الأسفار الطويلة" (مثل أسفار التكوين والمزامير وإشعياء وإنجيل يوحنا ورسالة رومية ورسالة أفسس). وأخمِّن بأنّ الذين لديهم معرفة بأسفارٍ مثل يوئيل وحجَّي وصفنيا ورسائل يوحنا الثالثة ليسوا كثيرين.  

في هذا التأمُّل القصير سنتفكَّر بثلاث حقائق على كل مؤمن أن يعرفها عن رسائل يوحنا الثلاثة.  

1. مع أنّ هذه الأسفار قصيرة، فإنَّها تلعب دورًا مهمًّا في النموّ والنضوج في الحياة الروحيّة المسيحيّة.  

بعد أنْ قضيتُ أربعين سنة في الخدمة الراعويّة، تعلّمت ألا أفترض أنّ المؤمنين يعرفون كتابهم المُقدَّس مثل الأجيال السابقة. فلم تعُد المعرفة الكتابيّة والوعظ الكتابي التفسيري شائعَين مثلما كان الأمرُ سابقًا. وقد تأثَّر مدى تركيز انتباه حتّى المؤمنين الأمناء والملتزِمين بدرجةٍ كبيرة بروح العصر. وكثيرًا ما قادت الرغبة الصالحة عند البعض بأن يخدموا بصورة تلمس الثقافة إلى عظات موضوعيّة أكثر من كونها تفسيريّة. وقد سلب هذا الأمرُ مؤمنين كثيرين من معرفة كلمة الله بشموليّة وعمق.  

ذكَّر بولس تيموثاوس قائلًا: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ" (٢ تيموثاوس 3: 16-17). وقد أكّد بولس على هذه الحقيقة بصورة خاصّة لرجل الله الشابّ هذا حتى يقبل كلمة الله المكتوبة كلّها بشموليّتها وأن يسمح لها بأنْ تشكِّل حياته وخدمته. وما انطبق على تيموثاوس ينطبق بالقدر نفسه على كل مؤمن.  

ولذا ينبغي أن نعرف رسائل يوحنا الأولى والثانية والثالثة لنتدرَّب على البرّ ونصير مؤمنين كاملين متأهّبين ومستعدّين لكلّ عملٍ صالح.  

2. كُتِبتْ رسائل يوحنا الثلاثة لمواجهة الهرطقات الظلاميّة المختبئة التي كانت تهدِّد نقاوة وسلام ورسالة الكنيسة. 

لم تكن هذه الهرطقات جديدة في أيّام يوحنا. فقد أعادها الشيطان إلى الحياة مراتٍ متكرِّرة ليحرف الكنيسة عن طريقها، وليجعلها تنحصر في نفسها، وليسلبها مصداقيّة بشارة الإنجيل. يبدأ يوحنا رسالته الأولى بالكلمات التالية:  

وَهذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ. إِنْ قُلْنَا: إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقَّ. وَلكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ. إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا. إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ. إِنْ قُلْنَا: إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِبًا، وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا. 

لاحظ الاستخدام الثلاثي لعبارة "إن قلْنا ..." (١ يوحنا 1: 6، 8، 10). لماذا يشعر يوحنا باحتياج إلى أن يكتب هذا؟ لأنّ بعض الأفراد في الكنيسة كانوا يقولون إنّ لهم شركة مع الله، ولكنّهم كانوا يسيرون في الظلمة. ولاحقًا، في ١ يوحنا 2: 19، كتب يوحنا: "مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا." إذْ كان يوحنا راعيًا أمينًا، فهو يحذِّر "أولاده"، كما يدعوهم، من التعليم الكاذب المنحرِف: "إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ" (1 يوحنا 1: 5؛ انظر أيضاً 1 يوحنا 2: 22؛ 4: 1-3).  

وفي رسالتَي يوحنا الثانية والثالثة، نرى المزيد من اهتمام الرسول بأن يرعى أولاده الأحبّاء ويحميهم من الضلال. نقرأ في ٢ يوحنا 7: "لأَنـَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى ٱلْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ آتِياً فِي ٱلْجَسَدِ. هَذَا هُوَ ٱلْمُضِلُّ، وَٱلضِّدُّ لِلْمَسِيحِ." وفي 3 يوحنا 9، يحذِّر يوحنا أولادَه من رجلٍّ محدَّد يذكره بالاسم: "...دِيُوتْرِيفِسَ، الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بَيْنَهُمْ..." يعرف يوحنا جيّدًا أنَّ الأخلاق الرديئة قاتلة مثل العقيدة الخاطئة في إفساد حياة شعب الله.  

3. تقدِّم رسائل يوحنا الثلاثة نموذج المحبّة والرأفة والشجاعة التي ينبغي أن تُوجَد في كلّ خادمٍ للإنجيل بل وفي كلّ مؤمن أيضًا.  

الخدمة التي تكرِم الله وترعى الخراف وتُطعِمهم متأصّلة في الوعظ ليس الصحيح والقويم فقط، بل والغني بالمحبّة والرأفة والشجاعة واللُّطف. من اللافت مقدارُ تكرارٍ وصف يوحنا لقرّائه بـ"أولادي" (١ يوحنا 2: 1، 12، 28؛ 3: 18؛ 4: 4؛ 5: 21). نبع تعليمه لهم من محبّته لهم. كم ستصبح كنائسنا مختلفةً لو أنّ الناس عرفوا، بل وشعروا، أن رعاتهم يحملونهم في قلوبهم ويحبّون خيرهم أكثر من حياتهم نفسها.  

رسائل يوحنا الثلاثة جواهر إنجيليّة. اقرأها. تأمَّل بها. بل واسعَ إلى أن تبذل جهدًا في استظهارها لتستمرّ في النموّ في نعمة ربّنا.  

هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها". 


تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

إيان هاملتون
إيان هاملتون
الدكتور إيان هاميلتون (Ian Hamilton) رئيس "كلّيّة وستمنستر المشيخيّة للاهوت" (Westminster Presbyterian Theological Seminary) في مدينة نيوكاسل بإنجلترا، وهو مدرِّس مُشارك في "كلّيّة غرينڤيل المشيخيّة للاهوت" (Greenville Presbyterian Theological Seminary) في مدينة غرينڤيل بولاية ساوث كارولاينا، وعضوٌ في مجلس أمناء دار "راية الحق" (Banner of Truth Trust) للنشر. ألَّف العديد من الكتب، ومنها "كلمات من الصليب" (Words from the Cross)، و"راعينا السّماويّ" (Our Heavenly Shepherd)، وتفسيرًا لرسالة أفسس ضمن سلسلة Lectio Continua Expository Commentary الخاصّة بالعهد الجديد.