تتبُّع قصَّة عيد الميلاد - خدمات ليجونير
حربٌ وسلام مع الله القدُّوس
۲۲ أغسطس ۲۰۲۵
السعي إلى المجد
۵ سبتمبر ۲۰۲۵
حربٌ وسلام مع الله القدُّوس
۲۲ أغسطس ۲۰۲۵
السعي إلى المجد
۵ سبتمبر ۲۰۲۵

تتبُّع قصَّة عيد الميلاد

حتَّى نفهم قصَّة الميلاد، علينا أن نعود إلى ما قبلها. ولا أقصد هنا بضعة آلافٍ من السنين فقط قبل ولادة يسوع، بل إلى أبوَيْنا الأوَّليْن آدم وحوّاء. فقد وضعهما الله في جنَّة عدن الغنَّاء الكاملة. كان لديهما كلُّ ما كانا يحتاجان إليه. كان مكانًا كاملًا. ثم أخطآ. ونتيجةً لهذا، طردهما الله منها. ومنذُ ذلك الحين عاش آدم وحوَّاء تحتَ اللعنة. ولكن حين أعلن الله اللعنة، هادرًا بها من السماء، أعطاهما في الوقت نفسه وعدًا.

وعد الله آدم وحوّاء بنسلٍ، نسلٍ سيُولَد من امرأة. سيصحِّح ذلك النسل كلَّ ما حدث من أخطاء. سيُصلِح كلَّ ما انكسر ويعيده سليمًا. سيأتي النسلُ بالسلام والانسجام إلى حيث اهتاج النزاع والخصام مثل بحرٍ تتقاذفه العاصفة.

يتكلَّم العهد القديم في الأصحاح الثالث من السفر الأوَّل في الكتاب المُقدَّس، أي سفر التكوين، عن نزاعٍ وعداوة. فآدم وحوَّاء، اللذان لم يكونا يعرفان سوى السكينة، سيُسجَنان الآن في حالةِ نزاعٍ مُرَّة. وحتَّى الأرض ستمثِّل تحدِّيًا لهما. وسيكون وخز الشوك تذكارًا مستمرًّا لهما ولنسلهما بما حدث. وكما يقول الشعراء، الطبيعة حمراء الأسنان والمخالب (بسبب ما فيها من وحشيّة). وحتَّى النسل الموعود سيدخل إلى هذا النزاع، إذ سيُحارب الحيَّة، المُفسِد الأعظم. ولكنَّ تكوين 3 يعِد بأنْ يغلب النسلُ الحيَّة، فيضمن النصرة النهائيَّة، ويأتي بموجاتِ السلام واحدةً بعدَ الأخرى.

ولكنْ طال انتظار هذا النسل.

وُلِد قايين وهابيل لآدم وحواء، وتبيَّن أنّ كليهما ليسا النسل الموعود به. وحين قتل قايينُ هابيلَ، أعطى الله آدم وحواء شيثًا، وقد كان نعمةً صغيرةً وسط عالم مُضطربٍ جدًّا. ولكنَّ شيثًا لم يكن النسل الموعود. ووُلِد مزيدٌ من الأولاد. أتت أجيال وذهبت أجيال.

ثم ظهر إبراهيم على مسرح أحداث العالم. دعا الله هذا الرجل من القديم ليقيم منه ومن زوجته سارة أُمَّةً عظيمةً جديدة ستكون منارةَ نورٍ للعالم الضائع اليائس. ومرَّة أخرى، أعطى الله وعدًا لهذَين الزوجَين بنسلٍ – ابن. وظنَّا أنَّ هذا النسل هو إسحاق، ولكنَّ إسحاق مات.

وتكرَّرت هذه القصَّة من جيلٍ إلى جيل، وازداد انتظار النسل الآتي ليصوِّب كلَّ شيءٍ ويأتي بالسلام. وصارت أرملةٌ اسمها نُعمي وكنَّتها الأرملة، راعوث، جزءًا من هذه القصة. عاشتا ظروفًا قاسية بائسة. لم تكن هناك قوانين اجتماعيَّة تحمي مثلَ هؤلاء المهمَّشين في العالم القديم.

فمن دون أزواج وأبناء، ومن دون حقوق وموارد، كانت الأرامل يعشن بأقلِّ القليل. كنَّ يعشن على خيطٍ من رجاء. ثمَّ أتى بوعز، لنرى ما اعتدنا على رؤيته في قصص لقاء الأولاد بالفتيات. فقد التقى بوعز براعوث، وتزوَّجا. وبعدَ فترةٍ قصيرة، وبينما كانت الستارة تُوشك أن تُسدَل على قصَّة راعوث الكتابيَّة، وُلِد ابنٌ، نسلٌ، لراعوث. سيكون هذا الابن فاديًا يُرجِع الحياة. ولكنّه لم يكن سوى ظلٍّ للنسل الآتي، إذْ هو أيضًا مات.

دُعي الابن الذي وُلِد لراعوث وبوعز باسم عوبيد. ووُلِد لعوبيد ابنٌ اسمه يسَّى. وأنجب يسّى عدّة أبناء، كان أحدُهم راعيَ غنم. وفي إحدى المرَّات، أمسك هذا الراعي بمجموعةٍ من الحجارة، ورمى بها عملاقًا فأسقطه. وواجه أُسودًا. وكان موسيقيًّا ماهرًا أيضًا. وما فاجأ الجميع، بمَن في ذلك أباه، أنَّ ابنَ يسَّى هذا، ابنَ حفيد راعوث وبوعز، مُسِح ملكًا على إسرائيل.

وحين كان داود جالسًا على العرش، أعطاه الله وعدًا آخر بصورة مباشرة. كان هذا وعدًا آخر بابن. قال الله إنَّ ابن داود سيكون ملكًا إلى الأبد، ولن يكون لمُلكه نهاية. كان هذا هو وعد الله.


تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

ستيفن نيكيلس
ستيفن نيكيلس
الدكتور ستيفن ج. نيكيلس هو مدير كلية الكتاب المقدس للإصلاح Reformation Bible College، والمسؤول الأكاديمي الرئيسي في خدمات ليجونير، وعضو هيئة التدريس فيها. وهو يقدم برامج إذاعية قصيرة بعنوان 5 دقائق في تاريخ الكنيسة 5 Minutes in Church History، والكتاب المفتوح Open Book. وقد كتب أكثر من عشرين كتابًا، من بينها السلام Peace ، ووقت للثقة A time for Confidence ، وآر. سي. سبرول: حياة R.C. Sproul A Life ، ومجلدات في سلسلة الجولات الإرشادية عن جوناثان إدواردز، Jonathan Edwards ، مارتن لوثر Martin Luther و ج. جريشام ماتشن وقد ساهم في تحرير كتاب تراث لوثر The Legacy of Luther، وهو المحرر العام للكتاب المقدَّس الدراسي حول تاريخ الكنيسة.