
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر حجَّي
۸ يوليو ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر دانيال
۱۷ يوليو ۲۰۲۵ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر حزقيال

تمتلئ صفحات سفر حزقيال بتوتُّراتٍ من كلّ الأنواع: كان شعبُ الله موزَّعًا بين مسبيّين في بابل ومحاصَرين في أورشليم، ونبيّ منزعج ومضطرب من السلالة الكهنوتيّة يستلقي على جنبه الأيسر مدّة 390 يومًا، ويرفض أن ينوح على زوجته المتوفّاة، ورؤى تتعلَّق برموزٍ باطنيّة وأقوال تصويريّة مزعجة للنفس (حزقيال 4: 4-8؛ 24: 15-24). وربَّما يكمن أعظم توتُّر في سفر حزقيال في إعلان صفات الله: الساميّ والقريب، القدّوس والذي يهان بالخطيّة ومع هذا يغفر، والمرعب في دينونته ولكنّه العجيب في رحمته. ومع أنّه يمكن لهذه التوتُّرات أن تسبِّب الكآبة أو التشويش والحيرة للقارئ، فإنّ سفر حزقيال يعرِّف باسم الربّ ومجده بطريقةٍ فريدةٍ وتعليميّة.
ينبغي أن تساعدك الحقائق التالية في إنهاء التوتُّر، وفي الابتهاج بنبوّات حزقيال.
1. رؤى وأقوال حزقيال الغريبة تُعلِن إلهًا مجيدًا ولكنْ يمكن معرفته.
لا تحتاج إلى أنْ تقرأ الكثير في سفر حزقيال لتختبر الحيرة: رؤياه ودعوته في بداية السفر اللتان تقدّمان أربعة كائنات حيّة (عُرِّفت لاحقًا بأنها كروبيم) لها سمات مرعبة، وثيوفاني (ظهور مجد الله) الذي يوقِظ الحواسّ الميتة، وسلسلةً من الأعمال التي تصاحب تعيينه في مهمّته، وأيضًا أكله للدرْج وصمته (حزقيال 1: 1 – 3: 27؛ 10: 20). وليست هذه سوى بداية السفر. فالأعمال والصوَر والإعلانات الرمزيّة من الربّ المجيد وحاشيته الملائكيّة تتكرَّر في كلّ السفر (حزقيال 10: 1-22؛ 40: 1-4).
ولكنْ اعلمْ هذا: ينبغي أن تختبر الاندهاش؛ فإنّ ملاقاة مجد الله الساميّ تتطلّب استجابةَ اندهاشٍ وتواضع. وحين كان حزقيال يحظى بهذه المقابلات، كان يقع على وجهه (حزقيال 1: 28). وجزءٌ من قصده من وراء تسجيله هذه الخدمة الممتلئة بالروح هو أن يثير فينا استجابة المهابة التي كانت فيه. البشر، مثل حزقيال ومثل المسبيّين في بابل ومثلنا، لا يستطيعون معرفة الله بطريقتهم وقواعدهم، إذ ينبغي أن يعرِّف هو عن بنفسه. ومع هذا، فلا تخطئ إذْ يكشف حزقيال حقيقة أنَّ إلهنا السامي قريب ويعلِن نفسه في كل العالم، إذ تتكرَّر جملة "فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ" في أقواله النبويّة لشعب إسرائيل والأمم (حزقيال 7: 4، 9؛ 11: 10؛ 13: 9، وغيرها).
محزنٌ أنّ الخطية والارتداد يتطلَّبان أن يُعلِن الله نفسَه بالدينونة، وهو ما يقود إلى نقطتنا التالية.
2. يظهر نسب حزقيال الكهنوتي في تشديده على قداسة الله.
من بداية السفر يعرِّف حزقيال عن نفسه بأنّه كاهن، ولكنْ من المحتمل أنّه لم يحظَ بفرصة أن يخدم كاهنًا في أورشليم (حزقيال 1: 3). وبدلًا من ذلك يدعوه الربّ إلى أن يكون نبيُّه، فيتكلَّم أوّلًا بأقوال نبويّة ضدّ شعبه المتمرّد، ثم ضدّ الأمم الشرّيرة (حزقيال 1: 1 – 24: 27؛ 25: 1 – 32: 32). وعلى الرغم من هذا التغيير في العمل، يعتمد حزقيال على معرفته الكهنوتيّة بشدّة، خاصّة في ما يختصّ بقداسة الله في عمل الدينونة.
في دور حزقيال كمدّعٍ عامٍ ممتلئ بالروح القدس، لم يمتنع عن كشف تجاوزات كنيسة العهد القديم لرسوم وقوانين عهد الله وتنجيسهم العهد بوثنيّتهم (حزقيال 5: 6؛ 16: 59). كانت أعمالهم هذه تعرِّض اسم الربّ وسمعته لخطر "التدنيس،" مما دفع الربّ إلى أن يحافظ على قدسيّته بإزالة حضوره المجيد (الذي كان يُرمَز إليه بعرش سماويّ قابل للنقل) من أورشليم، وتعيينه يومًا للقضاء والدينونة (حزقيال 20: 9، 14). ويُظهِر حزقيال بشاعة تمرُّد شعب إسرائيل بصورٍ أدبيّة وبلاغيّة مختلفة، ربّما تكون صورة الأختين الخائنتين أكثرها إرباكًا وإزعاجًا (حزقيال 23: 1-49). ولئلّا تبتهج الأمم بسقوط أورشليم ويظنّوا أنّهم مُحصَّنون من ذلك المصير، يوجِّه حزقيال أقوال دينونة نبويّة شبيهة للممالك المحيطة، التي ترمز لكلّ أمم العالم وممالكه. سيكون على هذه الأمم أيضًا أن تتحمّل مسؤوليّة إثمها وتمرّدها على الله القدّوس، وسيتجلّى مجد هذا الإله القدّوس أمام العالم من خلال الدينونة التي ستقع على هذه الممالك.
ولكنْ لئلّا يفقد شعب إسرائيل الرجاء، يستخدم حزقيال مفهومًا كهنوتيًّا آخر، هو الهيكل، من أجل الإنباء بالاسترداد والبركة.
3. يتمِّم يسوع نبوّات حزقيال عن الردّ بوصفه هيكل الله.
حتّى في وسط الدينونة، أنبأ إله إسرائيل المجيد والقدوس بالاسترداد. سيقيم الله شعبَ عهده من الموت، كما يظهر في رؤية حزقيال عودة العظام اليابسة إلى الحياة (حزقيال 37: 1-14). ولكنّ الرب لن يردّهم فقط إلى حالتهم التي كانوا عليها قبل الدينونة فقط، بل سيطهِّرهم ويعطيهم قلبًا جديدًا، ويعيدهم إلى مملكة أجدادهم، ويعيِّن لهم رئيسًا بارًّا من نسل داود، ويسكن في وسطهم إلى الأبد أيضًا (حزقيال 36: 22 – 37: 28). يصوِّر حزقيال هذه الحالة المتغيِّرة، حالة سلام العهد، برؤياه للهيكل الجديد، الذي يرمز إلى حضور الربّ الأبديّ، كما يتّضح من اسم المدينة: "يَهْوَهْ شَمَّهْ – الربّ هناك" (انظر الأصحاحات 40-48).
يفوق تحقيق نبوّة حزقيال إعادة بناء الهيكل الثاني، إذْ يبلغ ذروته في يسوع المسيح. وتشهد كتابات الرسول يوحنا الموحى بها لهذه الحقيقة. فيظهر ملء مجد الله في ابن الله المتجسِّد، الذي يحلّ مُقيمًا خيمته وسط شعبه ويعرِّف بالله (يوحنا 1: 14-18). ويعرِّف يسوع عن نفسه بكونه الهيكل، مُشبِّهًا صدمةَ تدمير الهيكل بصلبه، ومجدَ إعادة بنائه بقيامته (يوحنا 2: 18-22). وعلاوةً على ذلك، حتّى في رؤيا حزقيال عن النهر المتدفِّق من الهيكل، ليعطي حياةً لكل العالم، يُعلِن يسوع المسيح أنّه مصدر المياه الحيّة (يوحنا 4: 1-43؛ 7: 37-39). وفي رؤيا يوحنا الأخيرة، رأى يوحنا النهر نفسَه متدفِّقًا من عرش الله والخروف، وآتيًا بالتطهير والشفاء لشعبه المُشتَّت بين الأمم (رؤيا 22).
قد أثمرتْ التوتُّرات الشديدة في حزقيال أعظم إمكانيّة يمكن تخيُّلها: الحضور الأبديّ لله وللخروف.
هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها".
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.