المحاضرة 4: فُقْدَانُ الْحُرِّيَّةِ

فِي مُحَاضَرَةِ الْيَوْمِ، سَنُرَكِّزُ عَلَى فِكْرِ الْقِدِّيسِ أُوغُسْطِينُوسْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِعَلَاقَةِ الْخَطِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ بِحُرِّيَّةِ إِرَادَتِنَا. مِنَ الْمُعْتَرَفِ بِهِ بِوَجْهٍ عَامٍّ فِي تَارِيخِ الْكَنِيسَةِ أَنَّ أُوغُسْطِينُوسْ كَانَ أَعْظَمَ لَاهُوتِيٍّ فِي الْأَلْفِيَّةِ الْأُولَى، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ زَمَانٍ. وَلِأَنَّ فِكْرَهُ عَنْ حُرِّيَّةِ الْإِرَادَةِ وَالْخَطِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ كَانَ مُهِمًّا وَأَسَاسِيًّا فِي الْكَنِيسَةِ الْأُولَى، حَتَّى إِنَّهُ وَجَّهَ فِكْرَ الْكَنِيسَةِ لِقُرُونٍ تَالِيَةٍ، قَرَّرْتُ تَخْصِيصَ مُحَاضَرَتَيْنِ لِشَرْحِ هَذَا الْفِكْرِ.

فِي الْمُحَاضَرَةِ السَابِقَةِ، تَحَدَّثْنَا عَنْ بِيلَاجْيُوسْ وَرَدِّ فِعْلِهُ السَلْبِيِّ تُجَاهَ أُوغُسْطِينُوسْ، وَعَمَّا يُعْرَفُ بِالْبِيلَاجِيَّةِ. كَمَا ذَكَرْنَا فِي خُطُوطٍ عَرِيضَةٍ أَنَّ الْأَنْظِمَةَ اللَاهُوتِيَّةَ الثَلَاثَةَ الرَئِيسِيَّةَ الَتِي تَنَافَسَتْ مَعًا عَبْرَ تَارِيخِ الْكَنِيسَةِ، هِيَ الَتِي تُعْرَفُ بِالْبِيلَاجِيَّةِ، وَالْأُوغُسْطِينِيَّةِ، وَشِبْهِ الْبِيلَاجِيَّةِ (الَتِي دَعَاهَا الْبَعْضُ أَيْضًا شِبْهَ الأُوغُسْطِينِيَّةِ، لِأَنَّهَا تَقِفُ فِي الْمُنْتَصَفِ بَيْنَ بِيلَاجْيُوسْ وَأُوغُسْطِينُوسْ).

لَاحِقًا، سَنَتَنَاوَلُ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ الْفِكْرَ الَذِي يُسَمَّى بِشِبْهِ البِيلَاجِيَّةِ. لَكِنْ بِسَبَبِ ظُهُورِهِ بَعْدَ الْجَدَلِ بَيْنَ أُوغُسْطِينُوسْ وَبِيلَاجْيُوسْ، سَنَتَنَاوَلُهُ بِالتَرْتِيبِ الزَمَنِيِّ.

لَكِنِ الْآنَ، سَنَتَنَاوَلُ عَمَلَ أُورِيلْيُوسْ أُوغُسْطِينُوسْ، الَذِي إِلَى جَانِبِ كَوْنِهِ لَاهُوتِيًّا عَظِيمًا، كَانَ أَيْضًا أُسْقُفَ هِيبُو فِي شَمَالِ أَفْرِيقْيَا. وَكَانَ مُؤَسِّسَ الْمَفْهُومِ الشَهِيرِ الَذِي ظَهَرَ مُجَدَّدًا خِلَالَ الْإِصْلَاحِ، وَيُعْرَفُ بِاسْمِ "سُولَا جْرَاتْيَا" (sola gratia)، أَيْ إِنَّ الْخَلَاصَ هُوَ بِالنِعْمَةِ وَحْدَهَا.

نَتَذَكَّرُ أَنَّ بِيلَاجْيُوسْ رَأَى أَنَّ النِعْمَةَ تُسَهِّلُ سَعْيَ الْإِنْسَانِ إِلَى الْبِرِّ، لَكِنَّهَا لَا تُحْسَبُ ضَرُورِيَّةً. أَمَّا بِحَسْبِ أُوغُسْطِينُوسْ، فَالنِعْمَةُ لَيْسَتْ فَقَطْ ضَرُورِيَّةً، لَكِنْ فَقَطْ نَتِيجَةَ عَمَلِ نِعْمَةِ اللَّهِ فِينَا، نَسْتَطِيعُ التَحَرُّرَ مِنْ حَالَتِنَا السَاقِطَةِ وَعُبُودِيَّتِنَا لِلْخَطِيَّةِ.

كَانَ أُوغُسْطِينُوسْ مُهْتَمًّا بِحُرِّيَّةِ الإِرَادَةِ، وَصَنَعَ تَفْرِقَةً مُهِمَّةً لِلْغَايَةِ، أَعْتَقِدُ أَنَّهُ مِنَ الضَرُورِيِّ أَنْ نَفْهَمَهَا، حَتَّى نَفْهَمَ فِكْرَهُ. وَهِيَ التَفْرِقَةُ بَيْنَ مَفْهُومِ "لِيبِرُوم أَرْبِيتْرِيُومْ" (liberum arbitrium)، و"لِيبِرْتَاسْ" (libertas). وَعِبَارَةُ "لِيبِرُوم أَرْبِيتْرِيُومْ" تُتَرْجَمُ "الإِرَادَةَ الْحُرَّةَ"؛ وَكَلِمَةُ "لِيبِرْتَاسْ" تُتَرْجَمُ إِلَى "الْحُرِّيَّةِ".

كَانَ هَذَا هُوَ هَدَفُ أُوغُسْطِينُوسْ مِنَ التَفْرِقَةِ: أَنَّهُ بَعْدَ السُقُوطِ، ظَلَّ الْإِنْسَانُ يَتَمَتَّعُ بِحُرِّيَّةِ الْإِرَادَةِ، لَكِنَّهُ بِالسُقُوطِ فَقَدَ حُرِّيَّتَهُ. دَعُونِي أُخَصِّصُ بِضْعَ لَحَظَاتٍ لِشَرْحِ هَذَا بِبَعْضِ التَفْصِيلِ.

بِإِمْكَانِنَا عَقْدُ مُقَارَنَةٍ بَيْنَ مَلَكَاتِ الْفِكْرِ وَمَلَكَاتِ الْإِرَادَةِ. نَعْلَمُ أَنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ كَائِنًا عَاقِلًا، لَدَيْهِ ذِهْنٌ وَقُدْرَةٌ عَلَى التَفْكِيرِ. كَمَا أَنَّهُ خُلِقَ كَائِنًا إِرَادِيًّا، لَدَيْهِ مَلَكَةٌ نُسَمِّيهَا "الْإِرَادَةَ"، وَكَانَ قَادِرًا عَلَى اتِّخَاذِ الْقَرَارَاتِ. لَكِنْ بِالسُقُوطِ، وَبِحَسْبِ أُوغُسْطِينُوسْ وَالْكِتابِ الْمُقَدَّسِ، تَأَثَّرَتْ طَبِيعَةُ الْإِنْسَانِ بِكَامِلِهَا. فُقِدَ شَيْءٌ مُهِمٌّ بِفِعْلِ السُقُوطِ. عِنْدَمَا تَحَدَّثَ بُولُسُ عَنِ الذِهْنِ، مَثَلًا، فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، ذَكَرَ أَنَّ الذِهْنَ الْبَشَرِيَّ أَصْبَحَ مُظْلِمًا. وَبِالْمُفْرَدَاتِ اللَاهُوتِيَّةِ، نَتَحَدَّثُ هُنَا عَمَّا يُسَمَّى بِالْآثَارِ الذِهْنِيَّةِ (noetic effects) لِلْخَطِيَّةِ، وَقَدْ سُمِّيَتْ "noetic" لِأَنَّهَا مُسْتَمَدَّةٌ مِنَ الْكَلِمَةِ الْيُونَانِيَّةِ "نُوسْ"، وَمَعْنَاهَا "الذِهْنُ". إِذَنْ، يُشِيرُ هَذَا الْمُصْطَلَحُ إِلَى تَأْثِيرَاتِ الْخَطِيَّةِ عَلَى أَذْهَانِنَا. وَاسْتَخْدَمَ بُولُسُ تَعْبِيرَاتٍ مِثْلَ "مُظْلِمُو الْفِكْرِ"، الَذِي مَعْنَاهُ أَنَّ قُدْرَتَنَا عَلَى التَفْكِيرِ السَلِيمِ تَأَثَّرَتْ بِفِعْلِ سُقُوطِنَا.

نَعْلَمُ أَنَّ أَجْسَادَنَا تُعَانِي مِنْ ضَعَفَاتٍ مُعَيَّنَةٍ نَتِيجَةً لِلسُقُوطِ. فَهِيَ صَارَتْ عُرْضَةً لِلْمَرَضِ وَالْمَوْتِ. لَكِنَّ الذِهْنَ أَيْضًا ضَعُفَ. فَلَمْ يَعُدْ تَفْكِيرُنَا ثَاقِبًا أَوْ صَافِيًا كَمَا اعْتَدْنَا قَبْلًا. بِالْإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، تَأَثَّرَ الذِهْنُ بِالتَحَيُّزِ. فَعِنْدَمَا نَكُونُ مُتَحَيِّزِينَ، يُشَوِّشُ التَحَيُّزُ أَوْ الْمُيُولُ عَلَى تَفْكِيرِنَا، بِحَيْثُ لَا نَرَى الْأُمُورَ بِالْوُضُوحِ الَذِي يَجِبُ أَنْ نَرَاهَا بِهِ، لِأَنَّنَا سَمَحْنَا لِأَنْفُسِنَا بِالْوُقُوعِ أَسْرَى تَحَيُّزٍ مُعَيَّنٍ.

أَسْتَخْدَمُ هَذَا فَقَطْ كَمِثَالٍ، لِنُدْرِكَ أَنَّ الذِهْنَ ضَعُفَ بِفِعْلِ السُقُوطِ، لِدَرَجَةِ أَنَّ بُولُسَ قَالَ إِنَّ الذِهْنَ الطَبِيعِيَّ هُوَ فِي عَدَاوَةٍ مَعَ اللَّهِ، وَإِنَّ الْإِنْسَانَ بِطَبِيعَتِهِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَ اللَّهَ بِطَرِيقَةٍ خَلَاصِيَّةٍ بِسَبَبِ تِلْكَ الظُلْمَةِ الَتِي غَلَّفَتْ تَفْكِيرَهُ.

لَكِنَّ هَذَا لَا يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ فَقَدَ عَقَلَهُ فِي السُقُوطِ. فَلَا تَزَالُ لَدَيْنَا الْقُدْرَةُ عَلَى التَفْكِيرِ، وَلَا يَزَالُ بِإِمْكَانِنَا التَفْكِيرُ بِالْمَنْطِقِ. فَلَا يَزَالُ بِإِمْكَانِنَا أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ اثْنَيْنِ زَائِدُ اثْنَيْنِ يُسَاوِي أَرْبَعَةً. رُبَّمَا ازْدَادَ الْأَمْرُ صُعُوبَةً. وَرُبَّمَا نَرْتَكِبُ أَخْطَاءً حِسَابِيَّةً أَكْثَرَ مِمَّا كُنَّا لِنَرْتَكِبَهَا لَوْ لَمْ نَسْقُطْ. لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ، ظَلَّتْ مَلَكَةُ التَفْكِيرِ سَلِيمَةً، مَعَ أَنَّهَا تَأَثَّرَتْ سَلْبًا بِالْخَطِيَّةِ.

عَلَى غِرَارِ ذَلِكَ، أَرَادَ أُوغُسْطِينُوسْ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ مَعَ أَنَّ السُقُوطَ سَبَّبَ تَلَفًا جَسِيمًا لِإِرَادَتِنَا، وَاخْتِيَارَاتِنَا، وَقُدْرَتِنَا عَلَى اتِّخَاذِ الْقَرَارَاتِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَقْضِ عَلَى الْإِرَادَةِ. فَلَا تَزَالُ لَدَى الْإِنْسَانِ مَلَكَةُ الِاخْتِيَارِ. فَإِنَّنَا نَتَّخِذُ قَرَارَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَنُمَارِسُ إِرَادَتَنَا. فَإِنَّنَا كَائِنَاتٌ إِرَادِيَّةٌ تَخْتَارُ. وَإِذْ لَا تَزَالُ لَدَيْنَا الْقُدْرَةُ عَلَى اتِّخَاذِ الْقَرَارَاتِ، لَا تَزَالُ لَدَيْنَا إِرَادَةٌ. وَهَذِهِ الْإِرَادَةُ تَظَلُّ حُرَّةً، بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ أَوْ تُرْغَمُ عَلَى اتِّخَاذِ الْقَرَارَاتِ الَتِي تَتَّخِذُهَا، مِنْ أَيِّ عَامِلٍ أَوْ قُوَّةٍ خَارِجِيَّةٍ.

إِذَنْ، يَقُولُ أُوغُسْطِينُوسْ: "قَبْلَ السُقُوطِ، كَانَتْ لَدَى الْإِنْسَانِ الْقُدْرَةُ عَلَى الِاخْتِيَارِ وَفْقًا لِرَغَبَاتِهِ وَمُيُولِهِ؛ وَبَعْدَ السُقُوطِ، لَا تَزَالُ لَدَى الْإِنْسَانِ إِرَادَةٌ، وَلَا تَزَالُ إِرَادَتُهُ حُرَّةً، بِمَعْنَى أَنَّهَا حُرَّةٌ مِنَ الْإِكْرَاهِ الْخَارِجِيِّ".

لَكِنْ، تُصِيبُنَا كَلِمَةُ "حُرِّيَّةٍ" نَفْسُهَا أَحْيَانًا بِحَيْرَةٍ شَدِيدَةٍ. فَفِي تُرَاثِنَا الْقَوْمِيِّ، نَعْتَزُّ كَثِيرًا بِمَفْهُومِ الْحُرِّيَّةِ، وَنَرَى فِي تَارِيخِنَا أَنَّ الْحَرْبَ الثَوْرِيَّةَ كَانَتْ نِزَاعًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ. وَنَتَذَكَّرُ قَوْلَ بَاتْرِيكْ هَنْرِي: "أَعْطِنِي الْحُرِّيَّةَ أَوْ أَعْطِنِي الْمَوْتَ". وَكَانَ تَعْرِيفُ الْحُرِّيَّةِ فِي الْقَرْنِ الثَامِنَ عَشَرَ هُوَ أَنَّهَا الْحُرِّيَّةُ لِلْقِيَامِ بِبَعْضِ الأُمُورِ، دُونَ إِعَاقَةٍ مِنْ أَيَّةِ سُلْطَةٍ خَارِجِيَّةٍ قَدْ تَمْنَعُنَا مِنَ الْقِيَامِ بِهَا.

وَفِي نِظَامِ الرَئِيسِ رُوزْفِلْتْ، خِلَالَ فَتْرَةِ الْكَسَادِ، أَعَادَ تَعْرِيفَ الْحُرِّيَّةِ بِأَنَّهَا الْحُرِّيَّةُ مِنْ أُمُورٍ مُعَيَّنَةٍ، مِثْلِ الْخَوْفِ، وَالْعَوَزِ، وَالْجُوعِ، وَغَيْرِهَا.

مَاذَا نَقْصِدُ إِذَنْ بِكَلِمَةِ "حُرٍّ"؟ أَهِيَ الْحُرِّيَّةُ لِلْقِيَامِ بِأَمْرٍ مَا، أَمِ الْحُرِّيَّةُ مِنْ أَمْرٍ مَا؟ بِحَسْبِ أُوُغُسْطِينُوسْ، لَا تَزَالُ حُرِّيَّةُ إِرَادَةِ الْإِنْسَانِ قَادِرَةً عَلَى اتِّخَاذِ الْقَرَارَاتِ وَفْقًا لِرَغَبَاتِهِ. لَكِنَّ الْإِرَادَةَ الَتِي يَصِفُهَا هُنَا بِأَنَّهَا إِرَادَةٌ حُرَّةٌ أَصْبَحَتْ مَعَ ذَلِكَ، فِي رَأْيِهِ، فِي حَالَةٍ مِنَ السُقُوطِ وَالْفَسَادِ، بِحَيْثُ عَلَى الرَغْمِ مِنِ اسْتِخْدَامِهِ صِفَةَ "حُرٍّ" لِتَعْرِيفِ الْإِرَادَةِ الْبَشَرِيَّةِ، أَسْرَعَ لِإِضَافَةِ صِفَةٍ أُخْرَى، قَائِلًا إِنَّ الْمَخْلُوقَ السَاقِطَ يَتَمَتَّعُ بِإِرَادَةٍ حُرَّةٍ، لَكِنَّ الْمُشْكِلَةَ هِيَ أَنَّ هَذِهِ الْإِرَادَةَ أَصْبَحَتِ الْآنَ إِرَادَةً شِرِّيرَةً. فَنَحْنُ لَا نَزَالُ أَحْرَارًا لِنَفْعَلَ مَا نُرِيدُ، لَكِنَّ الْمُشْكِلَةَ تَكْمُنُ فِيمَا نُرِيدُهُ. فَرَغَبَاتُنَا، بِحَسَبِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ، هِيَ فَقَطْ شِرِّيرَةٌ كُلَّ يَوْمٍ، مِنْ جِهَةِ أُمُورِ اللَّهِ. فَبَعْدَ السُقُوطِ، فَقَدَ الْإِنْسَانُ كُلَّ رَغْبَةٍ فِطْرِيَّةٍ فِي طَلَبِ اللَّهِ، أَوْ إِرْضَائِهِ، أَوْ التَفْكِيرِ فِيهِ.

هَذَا مَا يُسَمِّيهِ الْكِتَابُ الْمُقَدَّسُ "الذِهْنَ الْمَرْفُوضَ"، الَذِي يُكِنُّ عَدَاوَةً جَوْهَرِيَّةً وَدَاخِلِيَّةً تُجَاهَ أُمُورِ اللَّهِ الطَاهِرَةِ، بِحَيْثُ إِنْ تُرِكْنَا لِأَنْفُسِنَا، وَأُعْطِينَا الِاخْتِيَارَ، لَنْ نَخْتَارَ اللَّهَ، لِأَنَّنَا لَا نُرِيدُهُ.

وَهَذَا مَا صَارَعَ أُوغُسْطِينُوسْ مَعَهُ فِي تَعْرِيفَاتِهِ، وَفِي تَمْيِيزِهِ بَيْنَ الْإِرَادَةِ الْحُرَّةِ وَالْحُرِّيَّةِ. فَلَا تَزَالُ لَدَى الْإِنْسَانِ الْقُدْرَةُ عَلَى اخْتِيَارِ مَا يُرِيدُ، لَكِنْ لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ اللَّهَ فِي فِكْرِهِ أَوْ فِي حَيَاتِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَرْغَبُ فِي أُمُورِ اللَّهِ -أَيْ لِأَنَّهُ مَيِّتٌ رُوحِيًّا- فَهُوَ يَفْتَقِرُ الْآنَ إِلَى مَا دَعَاهُ أُوغُسْطِينُوسْ "الْحُرِّيَّةَ". فَبِالنِسْبَةِ إلَيْهِ، الْحُرِّيَّةُ هِيَ الْحُرِّيَّةُ لِفِعْلِ الْخَيْرِ وَكَذَلِكَ لِفِعْلِ الشَرِّ. وَهِيَ الْقُدْرَةُ الْأَخْلَاقِيَّةُ عَلَى قُبُولِ أُمُورِ اللَّهِ الْمُقَدَّسَةِ. لَكِنْ، قَالَ أُوغُسْطِينُوسْ إِنَّ هَذِهِ الْإِرَادَةَ السَاقِطَةَ حُرَّةٌ مِنْ حَيْثُ امْتِلَاكُهَا الْقُدْرَةَ عَلَى فِعْلِ مَا تَشَاءُ، لَكِنَّهَا لَيْسَتْ حُرَّةً لِأَنَّهَا لَا تَمْتَلِكُ الْقُدْرَةَ فِي ذَاتِهَا عَلَى تَوْجِيهِ أَوْ إِمَالَةِ الْقَلْبِ نَحْوَ أُمُورِ اللَّهِ.

وَكَيْ أُبَيِّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ حَالَةِ آدَمَ قَبْلَ السُقُوطِ وَحَالَةِ الإِنْسَانِ بَعْدَ السُقُوطِ، سَأَكْتُبُ عَلَى السَبُّورَةِ هُنَا قَائِمَةً مِنَ الْمُصْطَلَحَاتِ اللاتِينِيَّةِ، لا لِزِيَادَةِ التَعْقِيدِ، بَلِ الْغَرَضُ مِنِ اسْتِخْدَامِ اللُغَةِ اللَاتِينِيَّةِ هُوَ التَوْضِيحُ. وَسَنَقْتَبِسُ هَذِهِ الْقَائِمَةَ مِنْ أُوغُسْطِينُوسْ.

تَنَاوَلَ أُوغُسْطِينُوسْ أَوَّلًا حَالَةَ آدَمَ قَبْلَ السُقُوطِ، وَقَالَ: "آدَمُ، قَبْلَ السُقُوطِ، كَانَ ’بُوسِي بِيكَارِي (posse peccare) ‘". وَمِنْ كَلِمَةِ "بُوسِي" تَأْتِي كَلِمَةُ "possibility" أَوْ "قُدْرَةٍ". وَ"بِيكَارِي" هِيَ صِيغَةُ الْمَصْدَرِ مِنَ الْفِعْلِ اللَاتِينِيِّ الَذِي مَعْنَاهُ "يُخْطِئُ". فَإِنْ قُلْنَا إِنَّ شَيْئًا مَا impeccable، نَقْصِدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ بِلا خَطِيَّةٍ. وَرُبَّمَا نَتَحَدَّثُ عَنْ "Peccadilloes". و"بِيكَادِيلُوزْ" لَيْسَتْ هِيَ تِلْكَ الْحَيَوانَاتِ الصَغِيرَةَ الَتِي تَرْكُضُ فِي الشَوَارِعِ لَيْلًا، وَإِنَّمَا "بِيكَادِيلُّوزْ" هِيَ الْهَفَوَاتُ الْبَسِيطَةُ. وَكِلْتَا الْكَلِمَتَيْنِ "إِمْبِيكَابِل" و"pecadillo" تَأْتِيَانِ مِنَ الأَصْلِ اللاتِينِي نَفْسِهِ.

إِذَنْ، "بُوسِي بِيكَارِي" تَعْنِي بِبَسَاطَةٍ "الْقُدْرَةَ عَلَى ارْتِكَابِ الْخَطِيَّةِ". مِنَ الْوَاضِحِ أَنَّهُ كَانَ لَدَى آدَمَ "بُوسِي بِيكَارِي". كَيْفَ نَعْرِفُ ذَلِكَ؟ لأَنَّهُ أَخْطَأَ. فَمِنَ الْوَاضِحِ أَنَّ مَا فَعلَهُ كَانَ مُمْكِنًا، وَإِلَّا لَمَا اسْتَطَاعَ فِعْلَهُ. إِذَنْ، قَبْلَ السُقُوطِ، كَانَ لَدَى الإِنْسَانِ "بُوسِي بِيكَارِي". لَكِنْ، كَانَ لَدَيْهِ أَيْضًا "posse non peccare"، وَمَعْنَاهُ بِبَسَاطَةٍ "الْقُدْرَةُ عَلَى عَدَمِ ارْتِكَابِ الْخَطِيَّةِ". فَقَدْ كَانَ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يُخْطِئَ أَوْ أَلَّا يُخْطِئَ، بِحَسَبِ الْقَرَارِ الَذِي يَتَّخِذُهُ. وَكَانَ هَذَا هُوَ التَكْوِينُ الأَسَاسِيُّ لِحُرِّيَّةِ إِرَادَتِهِ.

دَعُونِي أُقْحِمُ تَعْلِيقًا فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ. فَفِكْرَةُ أَنَّ حُرِّيَّةَ الْإِرَادَةِ تَعْنِي الْقُدْرَةَ عَلَى ارْتِكَابِ الْخَطِيَّةِ أَوْ عَدَمِ ارْتِكَابِهَا، نَحْنُ نَقْبَلُ، نَظِيرَ أُوغُسْطِينُوسْ، أَنَّهَا كَانَتْ تُمَثِّلُ حَالَةَ آدَمَ قَبْلَ السُقُوطِ. لَكِنْ، عَلَّمَ بِيلَاجْيُوسْ بِأَنَّ هَذِهِ الْإِمْكَانِيَّةَ الْمُزْدَوَجَةَ ظَلَّتْ كَمَا هِيَ بَعْدَ السُقُوطِ. إِذَنْ، بِحَسْبِ بِيلَاجْيُوسْ، جَمِيعُ الْبَشَرِ، فِي كُلِّ زَمَانٍ، لَدَيْهِمْ دَائِمًا "بُوسِي بِيكَارِي" وَ"بُوسِي نُونْ بِيكَارِي". وَالرَأْيُ الْإِنْسَانَوِيُّ وَالْوَثَنِيُّ عَنْ حُرِّيَّةِ الْإِرَادَةِ، السَائِدُ فِي الْحَضَارَةِ الْغَرْبِيَّةِ، يَطْرَحُ الْفِكْرَةَ نَفْسَهَا، حَتَّى إِنَّهُ كُلَّمَا تَحَدَّثَ النَاسُ عَنْ حُرِّيَّةِ الْإِرَادَةِ فِي مُجْتَمَعِنَا الْيَوْمَ، يَقْصِدُونَ: "لَدَيَّ قُدْرَةٌ مُتَسَاوِيَةٌ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ أَوِ الشَرِّ، وَلَسْتُ أُعَانِي مِنْ أَيِّ مَيلٍ أَوْ تَحَيُّزٍ مُسْبَقٍ تُجَاهَ أَحَدِهِمَا".

قَبْلَ السُقُوطِ، كَانَتْ لَدَى الْإِنْسَانِ الْقُدْرَةُ عَلَى ارْتِكَابِ الْخَطِيَّةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى عَدَمِ ارْتِكَابِهَا. لَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ أَمْرَانِ. لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ "non posse peccare". لا أُرِيدُ أَنْ يَخْتَلِطَ الأَمْرُ عَلَى أَحَدٍ. هَذَا مَعْنَاهُ بِبَسَاطَةِ الْقُدْرَةُ عَلَى ارْتِكَابِ الْخَطِيَّةِ مَعَ إِضَافَةِ صِيغَةِ النَفْيِ قَبْلَهَا، مِمَّا يَعْنِي عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى ارْتِكَابِ الْخَطِيَّةِ. فَبَدِيهِيًّا، بِمَا أَنَّهُ كَانَتْ لَدَى آدَمَ الْقُدْرَةُ عَلَى ارْتِكَابِ الْخَطِيَّةِ، لَا يُمْكِنُنَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ كَانَتْ لَدَيْهِ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ الْقُدْرَةُ عَلَى ارْتِكَابِ الْخَطِيَّةِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى ارْتِكَابِ الْخَطِيَّةِ. لَكِنْ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَنْسُبَ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى ارْتِكَابِ الْخَطِيَّةِ إِلَى اللَّهِ. فَاَللَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُخْطِئَ، لَا لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى الْقُدْرَةِ عَلَى التَنْفِيذِ مَتَى أَرَادَ أَنْ يُخْطِئَ، وَإِنَّمَا لِأَنَّ رَغَبَاتِهِ لَا تَمِيلُ دَائِمًا إِلَّا نَحْوَ الْبِرِّ الْكَامِلِ. فَهُوَ يَفْتَقِرُ إِلَى أَيِّ دَافِعٍ لِارْتِكَابِ الْخَطِيَّةِ. وَهَذِهِ هِيَ الْحَالَةُ الَتِي نَتُوقُ إِلَيْهَا فِي السَمَاءِ. لَكِنِ الْآنَ، إِذَا كُنَّا مُؤْمِنِينَ، لَا يَزَالُ بِإِمْكَانِنَا أَنْ نُخْطِئَ. وَكَيْفَ نَعْرِفُ ذَلِكَ؟ لِأَنَّنَا لَا زِلْنَا نُخْطِئُ. لَكِنَّ رَجَاءَنَا أَنَّهُ فِي السَمَاءِ، حِينَ نَتَمَجَّدُ، وَيَكْتَمِلُ تَقْدِيسُنَا، سَتَبِيدُ الْخَطِيَّةُ، وَتُصْبِحُ أَمْرًا مُسْتَحِيلًا، بِسَبَبِ فِدَائِنَا. وَبِهَذَا، سَنَكُونُ فِي السَمَاءِ بِحَالٍ أَفْضَلَ مِمَّا كَانَ آدَمُ عَلَيْهِ فِي الْجَنَّةِ، لِأَنَّ آدَمَ كَانَ لَا يَزَالُ لَدَيْهِ "بُوسِي بِيكَارِي".

لَكِنْ فِي هَذِهِ الْقَائِمَةِ، التَعْبِيرُ الَذِي أَثَارَ أَكْبَرَ قَدْرٍ مِنَ النِزَاعِ وَالْمَتَاعِبِ فِي هَذَا الْجَدَلِ الْمُتَعَلِّقِ بِحُرِّيَّةِ الإِرَادَةِ، هُوَ مَا يُسَمَّى "نُونْ بُوسِي نُونْ بِيكَارِي" (non posse non peccare). قَدْ يُسَبِّبُ هَذَا بَعْضَ الْخَلْطِ. فَاللُغَةُ اللَاتِينِيَّةُ اسْتَخْدَمَتِ النَفْيَ الْمُزْدَوِجَ، أَيْ نَفْيَ النَفْيِ. وَاسْتُخْدِمَتِ اللُغَةُ اللَاتِينِيَّةُ لِأَنَّهَا فِي رَأْيِي أَسْهَلُ فِي فَهْمِ هَذَا الْأَمْرِ. "نُونْ بُوسِي نُونْ بِيكَارِي" مَعْنَاهَا "لَا يُمْكِنُ أَلَّا يُخْطِئَ". فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَى شَخْصٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَعِيشَ بِلَا خَطِيَّةٍ. وَهَكَذَا تَحْدِيدًا وَصَفَ أُوغُسْطِينُوسْ حَالَةَ الْخَطِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ. فَنَتِيجَةً لِلسُقُوطِ، فَقَدْنَا بِرَّنَا الْأَصْلِيَّ، وَفَقَدْنَا بَرَاءَتَنَا، وَغَرِقْنَا فِي الْفَسَادِ الْأَخْلَاقِيِّ، حَتَّى أَصْبَحَ مِنَ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ نَعِيشَ حَيَاةً بِلَا خَطِيَّةٍ. نَعْرِفُ الْمَبْدَأَ الشَهِيرَ الْقَائِلَ "إِيرُورِي إِسْتْ هِيُومَانُومْ" (Errore est humanum) - "الْخَطَأُ سِمَةُ الْبَشَرِ، وَالْغُفْرَانُ سِمَةُ الْإِلَهِ". وَحَتَّى أَكْثَرُ الْإِنْسَانَوِيِّينَ تَفَاؤُلًا سَيَتَّفِقُ عَلَى أَنَّ لَا أَحَدَ كَامِلٌ. وَعِنْدَمَا نَقُولُ إِنَّ لَا أَحَدَ كَامِلٌ، فَالسُؤَالُ الَذِي يَطْرَحُ نَفْسَهُ هُوَ "لِمَاذَا؟" لِمَ لَسْنَا نَجِدُ أَمْثِلَةً لِأُنَاسٍ عَاشُوا حَيَاةً خَالِيَةً مِنَ الْعُيُوبِ وَالْخَطَايَا؟ يَقُولُ أُوغُسْطِينُوسْ إِنَّهُ بِسَبَبِ طَبِيعَتِنَا السَاقِطَةِ كَبَشَرٍ، لَمْ يَعُدْ بِإِمْكَانِنَا أَنْ نَعِيشَ بِلَا خَطِيَّةٍ.

قَطْعًا، هَذَا وَضَعَهُ فِي صِدَامٍ مَعَ بِيلَاجْيُوسْ، لِأَنَّ بِلَاجْيُوسْ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ فَقَطْ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَعِيشَ الْبَشَرُ حَيَاةً كَامِلَةً مِنَ الْبِرِّ، بَلْ فِي الْوَاقِعِ، الْبَعْضُ مِنْهُمْ أَمْكَنَهُ، وَلَا يَزَالُ بِإِمْكَانِهِ، بُلُوغُ الْكَمَالِ. لَمْ يَكُنْ هَذَا رَأْيَ أُوغُسْطِينُوسْ. وَإِنْ أَمْكَنَنِي صِيَاغَةُ وَصْفِهِ لِحَالَةِ الْخَطِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ بِمُفْرَدَاتٍ لَاهُوتِيَّةٍ أَكْثَرَ حَدَاثَةً، أَقُولُ إِنَّنَا صِرْنَا فِي حَالَةٍ مِنَ الْعَجْزِ الْأَخْلَاقِيِّ. يَعْنِي ذَلِكَ أَنَّنَا نَفْتَقِرُ، بِإِمْكَانِيَّاتِنَا الشَخْصِيَّةِ، إِلَى الْقُدْرَةِ الْأَخْلَاقِيَّةِ عَلَى الْمَيْلِ نَحْوَ أُمُورِ اللَّهِ.

سَأُكَرِّرُ مَا قُلْتُ. يَعْنِي الْعَجْزُ الْأَخْلَاقِيُّ أَنَّنِي أَفْتَقِرُ، مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، إِلَى الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْ أَخْتَارَ اللَّهَ، لِأَنَّنِي لَا أُرِيدُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي أَنْ أَخْتَارَ اللَّهَ. وَدُونَ وُجُودِ الرَغْبَةِ أَوْ الْمَيْلِ، لَنْ أَخْتَارَ الْبَتَّةَ مَا لَا أُرِيدُهُ.

وَالسُؤَالُ الْبَدِيهِيُّ الَذِي يُثَارُ فِي الْحَالِ، وَالَذِي طَرَحَهُ بِيلَاجْيُوسْ، هُوَ: "مَهْلًا، إِذَا كُنْتُ أُولَدُ فِي حَالَةٍ لَا تَسْمَحُ لِي إِلَّا بِأَنْ أُخْطِئَ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُحَاسِبَنِي اللَّهُ عَلَى خَطِيَّتِي، إِنْ كَانَ مِنْ صَمِيمِ طَبِيعَتِي أَنْ أُخْطِئَ؟" أَلَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الْمُعْضِلَةُ؟ فَكَيْفَ يُحَاسِبُ اللَّهُ الْبَشَرَ بِنَاءً عَلَى مِقْيَاسٍ مِنَ الْبِرِّ يَعْجِزُونَ عَنْ بُلُوغِهِ؟ يَبْدُو هَذَا، لِلْوَهْلَةِ الأُولَى، ظُلْمًا بَيِّنًا. وَبِحَسَبِ رَأْيِ بِيلاجْيُوسَ، هَذَا إِهَانَةٌ لِعَدْلِ اللهِ. قَالَ أُوغُسْطِينُوسْ، وَيَقُولُ الْكِتَابُ الْمُقَدَّسُ بِوُضُوحٍ، إِنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ السَاقِطَةَ، الَتِي تُنْشِئُ هَذَا الْمَيْلَ نَحْوَ الْخَطِيَّةِ، هِيَ عُقُوبَةٌ عَلَى الْخَطِيَّةِ. وَسَبَبُ سُقُوطِ آدَمَ، وَكُلِّ ذُرِّيَّتِهِ، فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، هُوَ أَنَّ آدَمَ كَانَ مُمَثِّلًا لَنَا، أَيْ كَانَ رَأْسَ الْجِنْسِ الْبَشَرِيِّ بِأَكْمَلِهِ. وَبِإِخْفَاقِهِ فِي الامْتِحَانِ، يَقُولُ الْكِتَابُ الْمُقَدَّسُ إِنَّهُ "بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ ... وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ". فَعِنْدَمَا سَقَطَ آدَمُ، سَقَطَ مَعَهُ الْجِنْسُ الْبَشَرِيُّ، نَتِيجَةَ دَيْنُونَةِ اللهِ عَلَى جِنْسٍ مِنَ الْمَخْلُوقاتِ ازْدَرَوْا بِسُلْطَانِهِ.

وَسَنَتَحَدَّثُ فِي الْمُحَاضَرَةِ الْمُقْبِلَةِ عَنْ آرَاءِ أُوغُسْطِينُوسْ يَبْدُو هَذَا، لِلْوَهْلَةِ الْأُولَى، ظُلْمًا بَيِّنًا. وَبِحَسْبِ رَأْيِ بِيلَاجْيُوسْ، هَذَا إِهَانَةٌ لِعَدْلِ اللَّهِ. قَالَ أُوغُسْطِينُوسْ، وَيَقُولُ الْكِتَابُ الْمُقَدَّسُ بِوُضُوحٍ، إِنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ السَاقِطَةَ، الَتِي تُنْشِئُ هَذَا الْمَيْلَ نَحْوَ الْخَطِيَّةِ، هِيَ عُقُوبَةٌ عَلَى الْخَطِيَّةِ. وَسَبَبُ سُقُوطِ آدَمَ، وَكُلِّ ذُرِّيَّتِهِ، فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، هُوَ أَنَّ آدَمَ كَانَ مُمَثِّلًا لَنَا، أَيْ كَانَ رَأْسَ الْجِنْسِ الْبَشَرِيِّ بِأَكْمَلِهِ. وَبِإِخْفَاقِهِ فِي الِامْتِحَانِ، يَقُولُ الْكِتَابُ الْمُقَدَّسُ إِنَّهُ "بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ... وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ". فَعِنْدَمَا سَقَطَ آدَمُ، سَقَطَ مَعَهُ الْجِنْسُ الْبَشَرِيُّ، نَتِيجَةَ دَيْنُونَةِ اللَّهِ عَلَى جِنْسٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ ازْدَرَوْا بِسُلْطَانِهِ.

وَسَنَتَحَدَّثُ فِي الْمُحَاضَرَةِ الْمُقْبِلَةِ عَنْ آرَاءِ أُوغُسْطِينُوسْ بِمَزِيدٍ مِنَ التَفْصِيلِ.