المحاضرة 9: ضِدُّ الْمَسِيحِ

الْيَوْمَ، سَنَتَكَلَّمُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ أَكْثَرِ الْمَوَاضِيعِ إِذْهَالًا وَإِثَارَةً لِلْجَدَلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالأَيَّامِ الأَخِيرَةِ، وَهُوَ مَوْضُوعُ هُوِيَّةِ ضِدِّ الْمَسِيحِ. وَفِي الْوَاقِعِ، نَحْنُ نَضَعُ السُؤَالَ الْمُهِمَّ جَانِبًا عِنْدَمَا نَتَكَلَّمُ عَنْ ضِدِّ الْمَسِيحِ، لأَنَّ أَحَدَ الأَسْئِلَةِ الَتِي تُطْرَحُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ ضِدِّ الْمَسِيحِ هُوَ "هَلْ ضِدُّ الْمَسِيحِ وَاحِدٌ، أَمْ هُنَاكَ الْعَدِيدُ مِنْ أَضْدَادِ الْمَسِيحِ؟ هَلْ ضِدُّ الْمَسِيحِ مُفْرَدٌ أَمْ جَمْعٌ؟". وَالسُؤَالُ الثَانِي الَذِي نُوَاجِهُهُ هُوَ "هَلْ ضِدُّ الْمَسِيحِ شَخْصٌ أَمْ مُؤَسَّسَةٌ؟". وَالسُؤَالُ الأَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ هُوَ أَنَّ الْعَهْدَ الْجَدِيدَ يَتَكَلَّمُ عَنْ ضِدِّ الْمَسِيحِ فِي رَسَائِلِ يُوحَنَّا وَيَتَكَلَّمُ عَنْ إِنْسَانِ الْخَطِيَّةِ أَوْ إِنْسَانِ الإِثْمِ فِي رَسَائِلِ بُولُسَ. وَفِي سِفْرِ الرُؤْيَا، يُخْبِرُنَا يُوحَنَّا عَنِ الْوَحْشِ الْمَعْرُوفِ بِالرَقْمِ 666. هُنَا نَسْأَلُ مَرَّةً أُخْرَى: "هَلْ نَتَعَامَلُ مَعَ ثَلاثَةِ مَوَاضِيعَ مُخْتَلِفَةٍ: إِنْسَانِ الْخَطِيَّةِ، وَضِدِّ الْمَسِيحِ، وَالْوَحْشِ؟" أَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَفَاهِيمَ الثَلاثَةَ كُلَّهَا مُتَرَابِطَةٌ وَمُتَدَاخِلَةٌ وَهِيَ تَلْتَقِي فِي هُوِيَّةٍ وَاحِدَةٍ؟

هَذِهِ بَعْضُ الأَسْئِلَةِ الَتِي سَنَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا بِالإِضَافَةِ إِلَى السُؤَالِ الأَهَمِّ وَهُوَ "مَنْ هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ أَوْ مَا هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ، وَكَيْفَ يُفْتَرَضُ بِنَا أَنْ نُمَيِّزَهُ؟" وَكَمَا قُلْتُ، الْعَالَمُ مُنْشَغِلٌ الْيَوْمَ، وَهُوَ فِي الْوَاقِعِ مُنْهَمِكٌ بِمَفْهُومِ ضِدِّ الْمَسِيحِ. هَذَا الأَمْرُ يَسْتَقْطِبُ اهْتِمَامَ الْجَمِيعِ فِي عَالَمِ السِحْرِ وَالتَنْجِيمِ. فَنَحْنُ شَاهَدْنَا الْفِيلْمَ الَذِي لَقِيَ نَجَاحًا كَبِيرًا بِعُنْوَانِ "طِفْلِ رُوزْمَارِي" (Rosemary’s Baby)، الَذِي ارْتَبَطَ بِمَفْهُومِ ضِدِّ الْمَسِيحِ. وَالْمُتَنَبِّئَةُ الشَهِيرَةُ فِي الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ جِينْ دِيكْسُون (Jean Dixon) تَنَبَّأَتْ مُنْذُ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ بِأَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ قَدْ وُلِدَ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ فِي مَرْحَلَةِ النُمُوِّ لِيَبْلُغَ سِنَّ النُضُوجِ وَسَوْفَ يُعْلِنُ عَنْ نَفْسِهِ قَرِيبًا. هَذِهِ بَعْضُ الأُمُورِ الَتِي نُوَاجِهُهَا عِنْدَمَا نَتَطَرَّقُ إِلَى مَسْأَلَةِ ضِدِّ الْمَسِيحِ.

وَأَوَّلُ أَمْرٍ أُرِيدُ الْقِيَامَ بِهِ هُوَ إِلْقَاءُ نَظْرَةٍ عَلَى مَا يَقُولُهُ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ تَحْدِيدًا عَنْ ضِدِّ الْمَسِيحِ، لأَنَّ الْمَكَانَ الْوَحِيدَ الَذِي نَجِدُ فِيهِ مَعْلُومَاتٍ مُبَاشِرَةً عَنْ ضِدِّ الْمَسِيحِ هُوَ رِسَالَةُ يُوحَنَّا الأُولَى. فَلْنَذْهَبْ إِلَى رِسَالَةِ يُوحَنَّا الأُولَى الأَصْحَاحِ 2 ابْتِدَاءً مِنَ الآيَةِ 18. كَتَبَ يُوحَنَّا هَذِهِ الْكَلِمَاتِ: "أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ". لاحِظُوا الإِشَارَةَ لِلأُطُرِ الزَمَنِيَّةِ الَتِي يَسْتَخْدِمُهَا يُوحَنَّا:

أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. مِنَّا خَرَجُوا، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لَكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا.

مِنَ الْوَاضِحِ أَنَّهُ فِي هَذَا السِيَاقِ يَتَكَلَّمُ يُوحَنَّا عَنْ أَضْدَادِ الْمَسِيحِ الَذِينَ أَتَوْا فِعْلًا، وَهُوَ يَصِفُ أَضْدَادَ الْمَسِيحِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ عَلَى أَنَّهُمْ مَنِ ارْتَكَبُوا خَطِيَّةَ الارْتِدَادِ عَنِ الإِيمَانِ، أَيْ أَنَّهُ سَبَقَ لَهُمْ أَنِ اعْتَرَفُوا بِإِيمَانِهِمْ بِالْمَسِيحِ ثُمَّ تَرَكُوا الْمُجْتَمَعَ الْمَسِيحِيَّ وَأَنْكَرُوا إِيمَانَهُمْ. إِذَنْ، هُنَا يَرْبِطُ يُوحَنَّا ضِدَّ الْمَسِيحِ بِالارْتِدَادِ.

ثُمَّ فِي الآيَةِ الأُولَى مِنَ الأَصْحَاحِ الرَابِعِ، يُعْطِينَا يُوحَنَّا الْمَزِيدَ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ فَيَقُولُ:

أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالَمِ. بِهَذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهَذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ.

هُنَا هُوَ يَتَكَلَّمُ عَنْ مَجِيءِ ضِدِّ الْمَسِيحِ، وَيَتَكَلَّمُ عَنْ أَضْدَادِ الْمَسِيحِ، وَيَتَكَلَّمُ عَنْ رُوحِ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَذِي يَأْتِي، بَلْ إِنَّهُ الآنَ فِي الْعَالَمِ. إِذَنْ، هُنَاكَ أَمْرٌ وَاضِحٌ فِي وَصْفِ يُوحَنَّا لِضِدِّ الْمَسِيحِ، وَهُوَ أَنَّهُ وَبِحَسَبِ مَفْهُومِهِ لِضِدِّ الْمَسِيحِ يَتَكَلَّمُ عَنْ أَمْرٍ يُشَكِّلُ خَطَرًا حَاضِرًا وَوَاضِحًا عَلَى كَنِيسَةِ الْقَرْنِ الأَوَّلِ.

فَلْنُكَرِّسْ بَعْضَ الْوَقْتِ لِدِرَاسَةِ مُصْطَلَحِ "ضِدِّ الْمَسِيحِ". الأَمْرُ اللافِتُ هُوَ اسْتِعْمَالُ كَلِمَةِ "ضِدِّ" الَتِي تَأْتِي مُبَاشَرَةً مِنَ الأَصْلِ الْيُونَانِي "أَنْتِي" (anti)، وَهِيَ تَحْمِلُ مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَي اللُغَةِ الْيُونَانِيَّةِ. عَادَةً، وَفِي أَغْلَبِ الأَحْيَانِ، يَحْمِلُ الْمُصْطَلَحُ "أَنْتِي" مَعْنَى "ضِدِّ"، لَكِنْ أَحْيَانًا تَعْنِي الْبَادِئَةُ "أَنْتِي" فِي الْيُونَانِيَّةِ "بَدِيلًا عَنْ". إِنْ كَانَتْ تَحْمِلُ مَعْنَى الضِدِّ فَحَسْبُ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَعْرِيفُ ضِدِّ الْمَسِيحِ عَلَى أَنَّهُ مُعَارِضٌ لِلْمَسِيحِ. وَهُوَ يَقِفُ مُضَادًّا لِلْمَسِيحِ. لَكِنْ إِنْ وَرَدَ الْمُصْطَلَحُ فِي إِطَارِ مَعْنَاهُ الثَانَوِيِّ، فَإِنَّهُ يَعْنِي شَخْصًا يُخَرِّبُ، وَيَسْعَى إِلَى أَنْ يَحُلَّ مَحَلَّ الْمَسِيحِ كَبَدِيلٍ مُزَيَّفٍ. إِنَّهُ بَدِيلٌ، أَيْ مَسِيحٌ مُزَيَّفٌ. لَيْسَ عَلَيْنَا أَنْ نَخْتَارَ بِالضَرُورَةِ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ أَوِ التَرْجَمَتَيْنِ الْمُحْتَمَلَتَيْنِ لِكَلِمَةِ "أَنْتِي" فِي الْيُونَانِيَّةِ، لأَنَّهُ مِنَ الْوَاضِحِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْعَى إِلَى أَنْ يَحْتَلَّ مَرْكَزَ الْمَسِيحِ الْحَقِيقِيِّ كَمَسِيحٍ مُزَيَّفٍ، فَهُوَ بِذَلِكَ يَعْمَلُ ضِدَّ الْمَسِيحِ. إِذَنِ، الْفِكْرَةُ الَتِي تَتَّضِحُ هُنَا هِيَ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ هُوَ شَخْصٌ يَعْمَلُ ضِدَّ الْمَسِيحِ وَيُحَاوِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ بَدِيلًا عَنِ الْمَسِيحِ، أَيْ إِلَهًا مُزَيَّفًا أَوْ مَسِيحًا مُزَيَّفًا.

بِالإِضَافَةِ إِلَى تَعْلِيمِ يُوحَنَّا الَذِي اسْتَخْدَمَ تَحْدِيدًا عِبَارَةَ "ضِدِّ الْمَسِيحِ"، لَدَيْنَا تَعْلِيمُ الرَسُولِ بُولُسَ فِي رِسَالَتِهِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَسَالُونِيكِي. فِي رِسَالَةِ تَسَالُونِيكِي الثَانِيَةِ، الأَصْحَاحِ 2 وَالآيَاتِ 3–11. دَعُونَا نُلْقِي نَظْرَةً عَلَى هَذَا النَصِّ لَوْ سَمَحْتُمْ. 2 تسالونيكي 2: 3-11 يَبْدَأُ بُولُسُ فَيَقُولُ:

لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَا، لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الْعِصْيَانُ أَوَّلًا، وَيُسْتَعْلَنَ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلَهًا أَوْ مَعْبُودًا حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلَهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلَهٌ. أَمَا تَذْكُرُونَ أَنِّي وَأَنَا بَعْدُ عِنْدَكُمْ، كُنْتُ أَقُولُ لَكُمْ هَذَا؟ وَالآنَ تَعْلَمُونَ مَا يَحْجِزُ حَتَّى يُسْتَعْلَنَ فِي وَقْتِهِ. لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي يَحْجِزُ الآنَ، وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ. الَّذِي مَجِيئُهُ بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ، وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا. وَلأَجْلِ هَذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ.

 إِنَّ السِيَاقَ الَذِي يَتَحَدَّثُ فِيهِ بُولُسُ عَنْ سِرِّ الإِثْمِ وَإِنْسَانِ الْخَطِيَّةِ وَابْنِ الْهَلاكِ جَاءَ فِي إِطَارِ التَعْلِيقِ عَلَى الْمَشَاكِلِ الَتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي مُجْتَمَعِ تَسَالُونِيكِي، وَالَتِي تَحَدَّثَ عَنْهَا بُولُسُ فِي بِدَايَةِ رِسَالَتِهِ الثَانِيَةِ إِلَى تَسَالُونِيكِي حِينَ قَالَ: لَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَسْتَاؤُوا بِسَبَبِ التَقَارِيرِ الَتِي يُزْعَمُ أَنَّهَا وَصَلَتْكُمْ مِنِّي. فَلَقَدْ كَانَ أَحَدُهَا يَنْشُرُ شَائِعَاتٍ مَغْلُوطَةً فِي الْكَنِيسَةِ زَاعِمًا أَنَّهَا صَدَرَتْ عَنْ لِسَانِ بُولُسَ. وَتَقُولُ إِحْدَى تِلْكَ الشَائِعَاتِ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ جَاءَ. وَهَا إِنَّ بُولُسَ يَكْتُبُ لَهُمُ الآنَ لِتَصْحِيحِ سُوءِ الْفَهْمِ هَذَا، وَلِيُذَكِّرَهُمْ بِمَا كَانَ قَدْ قَالَهُ لَهُمْ حِينَ كَانَ فِي وَسَطِهِمْ، وَهُوَ أَنَّهُ لا بُدَّ مِنْ أَنْ تَحْدُثَ أُمُورٌ مُعَيَّنَةٌ قَبْلَ مَجِيءِ الرَبِّ يَسُوعَ. مِنَ الْوَاضِحِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَقَّعُونَ أَنْ يَظْهَرَ الْمَسِيحُ سَرِيعًا، حَتَّى إِنَّ الْبَعْضَ مِنْهُمْ صَدَّقَ الشَائِعَةَ الَتِي تَقُولُ إِنَّهُ عَادَ فِعْلًا. لَكِنَّ بُولُسَ قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ. فَقَبْلَ أَنْ يَحْدُثَ ذَلِكَ، يَجِبُ أَنْ يَظْهَرَ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ.

فَلْنُرَاجِعْ مَا قَالَهُ "لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ العِصْيَانُ أَوَّلًا". فَهُوَ يُشِيرُ هُنَا إِلَى الارْتِدَادِ، هَذَا هُوَ مَعْنَى الْعِصْيَانِ، رَفْضُ الإِيمَانِ الْحَقِيقِيِّ. تَذَكَّرُوا الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَثَنِيَّةِ وَالارْتِدَادِ: الْوَثَنِيُّ هُوَ إِنْسَانٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ لَمْ يُعْلِنْ إِيمَانَهُ يَوْمًا، أَمَّا الْمُرْتَدُّ فُهَو إِنْسَانٌ أَعْلَنَ إِيمَانَهُ ثُمَّ أَنْكَرَهُ وَتَرَاجَعَ عَنْهُ لاحِقًا. وَبِالتَالِي، فَلا يُمْكِنُ لِلْمُرْتَدِّ أَنْ يَكُونَ إِلَّا شَخْصًا دَاخِلَ جَمَاعَةِ الْعَهْدِ، وَضِمْنَ الْكَنِيسَةِ الْمَنْظُورَةِ. بِينْجَامِين وُورْفِيلد مُقْتَنِعٌ بِأَنَّ بُولُسَ فِي هَذَا النَصِّ لا يَتَحَدَّثُ عَنِ الارْتِدَادِ الَذِي سَيَتِمُّ فِي آخِرِ الأَيَّامِ حِينَ يَنْتَشِرُ الشَرُّ وَالانْحِرَافُ الأَخْلَاقِيُّ دَاخِلَ الْكَنِيسَةِ الْمَسِيحِيَّةِ، بَلْ إِنَّهُ يَتَحَدَّثُ عَنِ ارْتِدَادِ الْيَهُودِ فِي الْقَرْنِ الأَوَّلِ، وَالَتِي كَانَتْ مُشْكِلَةً كَبِيرَةً فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ. فَقَدْ جَاءَ الْمَسِيحُ إِلَى خَاصَّتِهِ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَكَانَ بُولُسُ مُثْقَلًا جِدًّا بِأَنْسِبَائِهِ بِحَسَبِ الْجَسَدِ، أَيْ إِسْرَائِيلَ. كَمَا أَنَّ كَاتِبَ الْعِبْرَانِيِّينَ يُحَذِّرُ الْجِيلَ الْحَالِيَّ مِنَ الشَعْبِ الْيَهُودِيِّ مِنْ خَطَرِ إِهْمَالِ الْخَلَاصِ الْعَظِيمِ الَذِي وَصَلَ إِلَيْهِمْ. وَبِالتَالِي فَإِنَّ ارْتِدَادَ الْيَهُودِ أَوِ ارْتِدَادَ إِسْرَائِيلَ مُرْتَبِطٌ بِذَلِكَ الْجِيلِ مِنَ الْيَهُودِ الَذِينَ رَفَضُوا الْمَسِيحَ الَذِي ظَهَرَ فِي وَسَطِهِمْ. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى عِصْيَانٍ كَبِيرٍ.

لَكِنَّ بُولُسَ يُتَابِعُ قَائِلًا: "لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الْعِصْيَانُ أَوَّلًا، وَيُسْتَعْلَنَ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلَهًا أَوْ مَعْبُودًا". أَحَدُ الأَسْبَابِ الَتِي دَفَعَتْ عُلَمَاءَ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ وَالْمُفَسِّرِينَ إِلَى الاعْتِقَادِ بِأَنَّ بُولُسَ يَصِفُ هُنَا الأَمْرَ نَفْسَهُ الَذِي يَتَكَلَّمُ عَنْهُ يُوحَنَّا فِي رِسَالَتِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمُصْطَلَحِ "ضِدِّ الْمَسِيحِ" هُوَ أَنَّ بُولُسَ يَصِفُ إِنْسَانَ الْخَطِيَّةِ بِطَرِيقَتَيْنِ أَسَاسِيَّتَيْنِ. أَوَّلًا، إِنَّهُ مُقَاوِمٌ لِلْمَسِيحِ، إِنَّهُ عَدُوٌّ لِلْمَسِيحِ، إِنَّهُ ضِدُّ الْمَسِيحِ. ثَانِيًا، إِنَّهُ مُرْتَفِعٌ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلَهًا وَيَدَّعِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ. إِذَنْ، فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ أَوْ إِنْسَانُ الإِثْمِ هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ بِالْمَعْنَيَيْنِ لِكَلِمَةِ "أَنْتِي" اللَذَيْنِ ذَكَرْتُهُمَا مُنْذُ قَلِيلٍ.

مَا الَذِي قَالَهُ بُولُسُ أَيْضًا عَنْ إِنْسَانِ الْخَطِيَّةِ؟ إِنَّهُ "الْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلَهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلَهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلَهٌ". فَهُوَ يَصِفُ إِنْسَانَ الْخَطِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ جَالِسٌ فِي الْهَيْكَلِ. إِنْ أَخَذْنَا هَذِهِ الْكَلِمَاتِ بِحَرْفِيَّتِهَا فَلَدَيْنَا خِيَارٌ مِنِ اثْنَيْنِ، إِمَّا أَنَّ الأَمْرَ حَدَثَ فِيمَا كَانَ الْهَيْكَلُ الْهِيرُودُسِيُّ لا يَزَالُ قَائِمًا، أَوْ أَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدَثٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ يَسْتَلْزِمُ إِعَادَةَ بِنَاءِ الْهَيْكَلِ. لِذَا يَعْتَقِدُ كَثِيرُونَ الْيَوْمَ وَبِشَكْلٍ خَاصٍّ التَدْبِيرِيُّونَ بِأَنَّ الأَمْرَ سَيَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَلَّا يَعُودَ الْيَهُودُ إِلَى أَرْضِ فِلَسْطِينَ فَحَسْبُ، بَلْ يَجِبُ إِعَادَةُ بِنَاءِ الْهَيْكَلِ وَتَأْسِيسُ نِظَامِ الذَبَائِحِ لِكَيْ يَظْهَرَ ضِدُّ الْمَسِيحِ بِشَكْلٍ نِهَائِيٍّ وَيَجْلِسَ حَرْفِيًّا فِي الْهَيْكَلِ. إِنَّ مَسْأَلَةَ تَدْنِيسِ دِيَانَةِ إِسْرَائِيلَ وَهَيْكَلِ اللهِ تَرْبِطُ أَيْضًا وَصْفَ بُولُسَ لإِنْسَانِ الْخَطِيَّةِ بِحَدِيثِ يَسُوعَ عَلَى جَبَلِ الزَيْتُونِ عِنْدَمَا تَحَدَّثَ يَسُوعُ عَنْ رِجْسَةِ الْخَرَابِ الْمُرْتَبِطَةِ بِتَدْنِيسِ أَحَدِهِمْ لِلْمُقَدَّسَاتِ وَبِالتَجْدِيفِ عَلَى اللهِ. وَقَدْ تَطَرَّقَ يَسُوعُ إِلَى ذَلِكَ حِينَ تَنَبَّأَ بِالْعَلاماتِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى جَبَلِ الزَيْتُونِ.

ثُمَّ يُتَابِعُ بُولُسُ قَائِلًا: "أَمَا تَذْكُرُونَ أَنِّي وَأَنَا بَعْدُ عِنْدَكُمْ، كُنْتُ أَقُولُ لَكُمْ هَذَا؟ وَالآنَ تَعْلَمُونَ مَا يَحْجِزُ حَتَّى يُسْتَعْلَنَ فِي وَقْتِهِ. لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ". مِثْلَمَا يَقُولُ يُوحَنَّا إِنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ مَوْجُودٌ فِي الْعَالَمِ وَهُوَ يَعْمَلُ، هَكَذَا أَيْضًا، يَصِفُ بُولُسُ إِنْسَانَ الإِثْمِ، ذَاكَ الإِنْسَانَ الْغَامِضَ، عَلَى أَنَّهُ يَعْمَلُ الآنَ. لَكِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهُ فِي الْوَقْتِ الْحَالِيِّ، إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ مُحْتَجَزٌ. أَحَدُ أَعْظَمِ الأَلْغَازِ فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ لا يَتَعَلَّقُ بِهُوِيَّةِ إِنْسَانِ الْخَطِيَّةِ وَبِهُوِيَّةِ ضِدِّ الْمَسِيحِ فَحَسْبُ، بَلْ أَيْضًا بِهُوِيَّةِ ذَاكَ الَذِي يَحْجِزُ أَوْ بِالْمُحْتَجِزِ.

وَاحِدَةٌ مِنْ أَكْثَرِ الْحُجِجَ الْمُثِيرَةِ، وَأَعْتَقِدُ بِصَرَاحَةٍ أَنَّهَا غَرِيبَةٌ، يُقَدِّمُهَا الْعُلَمَاءُ التَدْبِيرِيُّونَ لِتَأْيِيدِ وُجْهَةِ نَظَرِهِمْ حَوْلَ حُدُوثِ الاخْتِطَافِ قَبْلَ الضِيقَةِ الْعَظِيمَةِ، أَيِ الرَأْيِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْكَنِيسَةَ سَتُخْطَفُ مِنَ الْعَالَمِ قَبْلَ الضِيقَةِ الأَخِيرَةِ. وَهَذِهِ الْحُجَجُ الَتِي قَرَأْتُهَا هِيَ كَالآتِي: الْوَحِيدُ الَذِي يَقْدِرُ أَنْ يَحْجِزَ الشَرَّ فِي هَذَا الْعَالَمِ هُوَ الرُوحُ الْقُدُسُ. لِذَا، فَإِنَّ الافْتِرَاضَ الأَوَّلَ هُوَ أَنَّ الْمُحْتَجِزَ، الَذِي نَقْرَأُ عَنْهُ فِي الأَصْحَاحِ الثَانِي مِنْ رِسَالَةِ تَسَالُونِيكِي الثَانِيَةِ، هُوَ الرُوحُ الْقُدُسُ. ثُمَّ يَأْتِي التَخْمِينُ كَالتَالِي: بِمَا أَنَّ الرُوحَ الْقُدُسَ سَاكِنٌ فِي الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ الطَرِيقَةَ الْوَحِيدَةَ لِكَيْ يُرْفَعَ الرُوحُ الْقُدُسُ، الطَرِيقَةَ الْوَحِيدَةَ لإِزَالَةِ قُوَّةِ الرُوحِ الْقُدُسِ الَتِي تَحْجِزُ الشَرَّ عَنِ الأَرْضِ، تَكُونُ بِإِزَالَةِ كُلِّ مُؤْمِنٍ عَنِ الأَرْضِ. إِذَنْ، فَهُمْ يَعْتَبِرُونَ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ تَعْلِيمٍ مُقْنِعٍ عَنِ الاخْتِطَافِ قَبْلَ الضِيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَهُوَ فِي رَأْيِي تَخْمِينٌ لا مُبَرِّرَ لَهُ.

نَحْنُ لا نَعْلَمُ مَنْ هُوَ الْمُحْتَجِزُ. رُبَّمَا اللهُ هُوَ الَذِي يَحْجِزُ الشَرَّ. لَكِنْ بِمَا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ عَنْ شَخْصٍ مُحَدَّدٍ، اقْتَرَحَ الْبَعْضُ أَنَّ الْقُوَّةَ الْمُحْتَجِزَةَ هُنَا تَتَمَثَّلُ فِي مُؤَسَّسَةٍ مِثْلِ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ الرُومَانِيَّةِ، أَوِ اقْتَرَحَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الَذِي كَانَ يَعْمَلُ بِنَشَاطٍ عَلَى تَقْيِيدِ إِنْسَانِ الْخَطِيَّةِ فِي تِلْكَ الْمَرْحَلَةِ مِنَ الزَمَنِ هُوَ بُولُسُ نَفْسُهُ. هَذَا أَيْضًا مُجَرَّدُ تَخْمِينٍ، لأَنَّنَا لا نَعْلَمُ مَا هُوَ الَذِي يَحْجِزُ أَوْ مَنْ هُوَ الَذِي يُقَيِّدُ إِنْسَانَ الْخَطِيَّةِ. كُلُّ مَا قِيلَ لَنَا هُوَ الآتِي: "لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي يَحْجِزُ الآنَ، وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ". وَيُتَابِعُ قَائِلًا: "الَّذِي مَجِيئُهُ بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا. وَلأَجْلِ هَذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ". يَبْدُو هُنَا أَنَّ إِنْسَانَ الْخَطِيَّةِ سَيَتَمَتَّعُ بِقُوًى فَائِقَةٍ لِلطَبِيعَةِ تَصْنَعُ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةً، وَهُوَ سَيَعْمَلُ بِالتَعَاوُنِ مَعَ الشَّيْطَانِ. وَعَنَاصِرُ وَصْفِ إِنْسَانِ الْخَطِيَّةِ الَذِي يَعْمَلُ الآنَ تَتَوَافَقُ بِشَكْلٍ مَلْحُوظٍ مَعَ وَصْفِ الْوَحْشِ فِي سِفْرِ الرُؤْيَا الَذِي سِمَتُهُ الْعَلامَةُ 666.

لِذَلِكَ، مَا سَأَفْعَلُهُ فِي مُحَاضَرَتِنَا الْمُقْبِلَةِ هُوَ التَرْكِيزُ عَلَى الْوَحْشِ فِي سِفْرِ الرُؤْيَا. لَكِنْ قَبْلَ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ، دَعُونِي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الدِرَاسَةَ التَمْهِيدِيَّةَ الَتِي أَجْرَيْنَاهَا تُشِيرُ بِقُوَّةٍ، عَلَى مَا أَعْتَقِدُ، وَبِحَسَبِ أَغْلَبِيَّةِ الدِرَاسَاتِ لِلْعُلَمَاءِ الْمَسِيحِيِّينَ عَبْرَ التَارِيخِ، إِلَى أَنَّ شَخْصِيَّةَ ضِدِّ الْمَسِيحِ وَإِنْسَانِ الْخَطِيَّةِ وَالْوَحْشِ فِي سِفْرِ الرُؤْيَا، تُشِيرُ كُلُّهَا إِلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ. إِذَنْ، أَيُّ أَمْرٍ يُمْكِنُ أَنْ نَعْرِفَهُ عَنْ ضِدِّ الْمَسِيحِ يُعَلِّمُنَا شَيْئًا عَنْ إِنْسَانِ الْخَطِيَّةِ. أَيْضًا، كُلُّ مَا نَقْدِرُ أَنْ نُمَيِّزَهُ بِشَأْنِ مَعْنَى إِنْسَانِ الْخَطِيَّةِ يَكْشِفُ لَنَا أُمُورًا عَنْ ضِدِّ الْمَسِيحِ. كَذَلِكَ، فَإِنَّ إِنْسَانَ الْخَطِيَّةِ يَكْشِفُ لَنَا أُمُورًا عَنْ ذَلِكَ الْوَحْشِ الْغَامِضِ الَذِي نَقْرَأُ عَنْهُ فِي السِفْرِ الرُؤْيَوِيِّ، سِفْرِ الرُؤْيَا. لَكِنْ أَيْضًا، يَبْقَى أَمَامَنا السُؤالُ: "هَلْ هُوَ شَخْصٌ أَمْ مُؤَسَّسَةٌ؟ هَلْ تَمَّ الأَمْرُ فِي الْقَرْنِ الأَوَّلِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَإِلَى الأَبَدِ، أَمْ أَنَّهُ ظَهَرَ نَمُوذَجٌ أَوَّلِيٌّ مِنْ هَذَا الشَخْصِ أَوْ هَذِهِ الْمُؤَسَّسَةِ فِي الْقَرْنِ الأَوَّلِ وَيُمْكِنُنَا تَوَقُّعُ ظُهورٍ أَكْمَلَ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ مِنَ التَارِيخِ؟" هَذِهِ بَعْضُ الأَسْئِلَةِ الَتِي تَظَلُّ مَطْرُوحَةً لِلْمُنَاقَشَةِ بَيْنَمَا نُحَاوِلُ أَنْ نَفْهَمَ مَعْنَى ضِدِّ الْمَسِيحِ.