شهادة يوحنا - خدمات ليجونير
شهادة لوقا
۱۷ نوفمبر ۲۰۲۲
إنجيل الأناجيل
۲٤ نوفمبر ۲۰۲۲
شهادة لوقا
۱۷ نوفمبر ۲۰۲۲
إنجيل الأناجيل
۲٤ نوفمبر ۲۰۲۲

شهادة يوحنا

ملاحظة المُحرِّر: المقالة 5 من سلسلة "الأناجيل"، بمجلة تيبولتوك.

انتهيتُ لتوي من قراءة إنجيل يوحنا بأكمله مرة أخرى. وهو حقًّا سفر رائع على جميع الأصعدة. فقراءته ممتعة ومشوِّقة على الصعيد الأدبي. والمرادفات المستخدَمة فيه بسيطة إلى حد كبير، لكنه مليء أيضًا بالتكرار لتعبيرات متشابهة (على سبيل المثال، تصريحات "أنا هو"). ورغم عدم وجود اقتباسات صريحة من العهد القديم في هذا الإنجيل، هو يعج بموضوعات وأفكار من العهد القديم، وبتلميحات إليه (مثل فكرة "الراعي"، و"الخبز"، و"الحية المرفوعة"). كذلك، يوجد به الكثير من المفارقات (على سبيل المثال: الأعمى "يبصر" يسوع، بينما الذين "يبصرون" عجزوا عن ذلك، كما جاء في يوحنا 9؛ وكانت نبوة قيافا عن موت يسوع صحيحة بدرجة لم يكن هو نفسه يعلمها، يوحنا 11: 50). وفي كثير من الأحيان، أصابت أقوال يسوع مستمعيه الأصليين بالحيرة، في حين أمكن للقارئ أن يفهمها (على سبيل المثال: "انْقُضُوا هذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ"، يوحنا 2: 19). ويحوي هذا السفر حبكة مثيرة للاهتمام تشمل يسوع، والرسل المرتبكين في بعض الأحيان، و"اليهود" والفريسيين المقاومين.

فضلًا عن الصعيد الأدبي، تعجَّبتُ أيضًا من تركيز يوحنا الشديد على ربِّنا يسوع المسيح. ففي كلِّ مقطع في الإنجيل تقريبًا، يدرك القارئ ليس فقط قوة المسيح القديرة، بل تحنُّنه على الخطاة أيضًا. فبالحقيقة، تتجلَّى روعة يسوع مخلِّصنا في إنجيل يوحنا.

وبوجه عام، المخطط العام لإنجيل يوحنا شبيه بالأناجيل القانونية الأخرى. تركِّز كل الأناجيل على يسوع، وتشير إلى يوحنا المعمدان، وإلى خدمة يسوع كشخص بالغ، ثم تتضمن جزءًا كبيرًا عن أحداث الأسبوع الأخير في أورشليم، التي تشمل الفصح، ومحاكمة المسيح، وموته. لكن من ناحية أخرى، المخطط العام لإنجيل متى، وإنجيل مرقس، وإنجيل لوقا متشابهًا أكثر من تشابُهه مع مخطط إنجيل يوحنا. وفيما يلي تقسيم مختَصَر لإنجيل يوحنا:

  • المقدمة: 1: 1-18
  • يوحنا المعمدان: 1: 19-51
  • خدمة المسيح العلنية: 2: 1-12: 50
  • أحداث العلية وحتى القيامة: 13 :1-20: 29
  • الغرض من السفر: 20: 20-31
  • بطرس في الجليل: 21: 1-25

يسوع هو "الابن"

من بين كلِّ أسفار الكتاب المقدس، كان إنجيل يوحنا هو أشد الأسفار تركيزًا على شخص يسوع. لكن، ينبغي أيضًا ألا نبالغ. فإن الكتاب المقدس بأكمله، سواء العهد القديم أو العهد الجديد، يتحدَّث عن يسوع (لوقا 24: 44-47؛ يوحنا 1: 45، 5: 39؛ 1 كورنثوس 2: 2). كذلك، تركز الأناجيل الثلاثة الأخرى على شخص يسوع وعمله. ومع ذلك، سيكون من الصواب أن نقول إن إنجيل يوحنا هو الأشد تركيزًا على شخص المسيح.

في إنجيل يوحنا، كان الجانب الذي حظي بأشد تركيز في شخص يسوع هو كونه الابن. في بعض الأحيان، دُعِي يسوع ببساطة "الابن" (يوحنا 3: 35-36)، أو "ابن الله" (1: 34؛ 11: 4؛ 20: 31)، أو "الابن (ابن الله) الوحيد" (1: 14؛ 3: 16-18). وتلك التعبيرات عن البنوة متصلة جميعها بوضوح بألوهية يسوع (في إطار فهم ثالوثي) كما هو مؤكَّد في يوحنا 1: 1-3، 18؛ 5: 18؛ 10: 30؛ 20: 28.

بالإضافة إلى كون هذا التركيز على "الابن" يُظهِر ألوهية الابن، ويتوافق معها، هو يفسِّر أيضًا العلاقة الوثيقة من المحبة بين الله الآب والله الابن. فكما على المستوى البشري يحب الآباء عادة أبناءهم، هكذا بالأكثر بين الثالوث توجد محبة كاملة بين الآب والابن. "اَلآبُ يُحِبُّ الابْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ" (3: 35)؛ "وَلكِنْ لِيَفْهَمَ الْعَالَمُ أَنِّي أُحِبُّ الآبَ، وَكَمَا أَوْصَانِي الآبُ هكَذَا أَفْعَلُ" (14: 31). ففي إنجيل يوحنا، توجد عدة فقرات مطوَّلة فيها يناقش يسوع جانبًا معيَّنًا من جوانب علاقته بالآب، والعمل الذي أعطاه الآب إياه (5: 19-24؛ 8: 16-29؛ 10: 24-29؛ 14: 6-13؛ 17: 1-26). كذلك، توجد فيه العديد من النصوص التي تشير إلى العلاقة بين الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس (14: 16-17، 26؛ 15: 26؛ 16: 13-15).

شخص يسوع وعمله

واحد من الجوانب الأخرى للعلاقة بين الله الآب والله الابن هو أن يسوع وُصِف من نواح معينة بأنه مساو للآب، بينما من نواحٍ أخرى، وُصِف على أنه تابع وخاضع له. يستخدم اللاهوتيون المصطلح "أنطولوجي" (أي مساوٍ في الجوهر)، و"تدبيري" (أي تابع وخاضع من حيث دوره وعمله) للتمييز بين هذين النوعين من النصوص. فمن حيث ألوهية الله الابن، هو مساوٍ تمامًا للآب في الجوهر، والقدرة، والمجد (الثالوث الأنطولوجي). يبيِّن يوحنا ذلك، على سبيل المثال، في افتتاحيته العظيمة لإنجيله، التي يعلن فيها أن الكلمة (يسوع) كان "عِنْدَ اللهِ"، "وَكَانَ ... اللهَ" في الوقت ذاته (يوحنا 1: 1-2). يتجلَّى ذلك أيضًا في ذروة الإنجيل (قبيل التصريح بالغرض من كتابته مباشرة)، حين هتف توما: "رَبِّي وَإِلهِي!" (يوحنا 20: 28).

أما عندما كان يسوع بصدد وصف إرساليته وعمله على الأرض، كان يحسب نفسه تابعًا وخاضعًا للآب (الثالوث التدبيري). ومن الأمثلة على ذلك: "لأَنِّي [أنا يسوع] لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً ... فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هكَذَا أَتَكَلَّمُ" (يوحنا 12: 49-50؛ انظر أيضًا يوحنا 5: 30؛ 8: 29؛ 14: 28). هذه العلاقة الثالوثية، التي بموجبها يكون الأقانيم الثلاثة في الثالوث متساوين في الجوهر، لكن لديهم دور مختلف، نراها ممثَّلة في الكنيسة. فجميع المؤمنين متساوون في نظر الله، لكن لديهم مواهب مختلفة وسلطات مختلفة داخل الكنيسة.

بالإضافة إلى تركيز إنجيل يوحنا على ألوهية يسوع، ووجوده الأزلي، وقدرته الكلية، يُعلن هذا الإنجيل أيضًا بشرية يسوع في جرأة. ففي الافتتاحية، نقرأ الكلمات الشهيرة القائلة إن "الْكَلِمَةُ [يسوع] صَارَ جَسَدًا" (يوحنا 1: 14). وتتجلَّى بشرية يسوع في صلبه وموته (يوحنا 19: 30). وقد ظلَّ بشرًا حتى بعد القيامة، وهو ما يتجلَّى في طلبه بأن يمس توما يديه وجنبه (يوحنا 20: 27). فحقًّا، إن يسوع هو الله بالكامل وإنسان كامل، وهو سيظل كذلك إلى الأبد. يعبِّر دليل وستمنستر المختصر لتعليم الإيمان عن طريق السؤال والجواب عن ذلك الأمر في إجابته عن السؤال 21 قائلًا: " إن الفادي الوحيد لمختاري الله هو الرب يسوع المسيح، الذي مع كونه الابن الأزلي لله، صار إنسانًا، ومن ثَمَّ، فهو كان وسيظل هو الله وإنسان ذات طبيعتين متمايزتين، في شخص واحد، إلى الأبد". ما أروع وأعجب مخلِّصنا هذا!

تحدثتُ أعلاه بشكل أساسي عن "شخص" يسوع، أي "مَن" كان ومن يكون. لكن ماذا عن "عمله"؟ من الواضح أن عمل يسوع الأساسي في إنجيل يوحنا هو أن يكون فادي مختاري الله، الأمر الذي بلغ ذروته في موته وقيامته. لكن عمل يسوع الذي حظي بتركيز أقل، رغم كونه يمثل أهمية، هو عمله بصفته الخالق. تبدأ افتتاحية إنجيل يوحنا بتصريحات عن طبيعة يسوع الإلهية (يوحنا 1: 1-2)؛ ثم بعد ذلك مباشرة، نقرأ أن يسوع (مع الآب والروح القدس) هو خالق الكون (وحافظه): " كُلُّ شَيْءٍ بِهِ [بيسوع] كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ" (يوحنا 1: 3). وعندما نمضي قدمًا في هذه الافتتاحية، نجد تلك الملاحظة المؤسفة التي مفادها أن يسوع رُفِض بوجه عام من العالم الذي خَلَقه. "كَانَ [يسوع] فِي الْعَالَمِ، وَ[مع أنه] كُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ" (يوحنا 1: 10). هذا التركيز في الافتتاحية على يسوع بصفته الخالق يَكمُن أيضًا في خلفية العديد من المعجزات التي صنعها يسوع طوال إنجيل يوحنا. (للاطلاع على نصوص أخرى من العهد الجديد يظهر فيها يسوع بصفته الخالق، انظر 1 كورنثوس 8: 6؛ كولوسي 1: 15-18؛ عبرانيين 1: 1، 10-12).

علاقتنا بيسوع على نمط العلاقة بين الآب والابن

في إنجيل يوحنا، كانت هناك قطعًا علاقة فريدة من نوعها ربطت بين الآب والابن. من ناحية أخرى، وعلى نحو يبدو كما لو كان تناقُضًا، تتبع علاقة المؤمن بيسوع جزئيًا نمط العلاقة الفريدة بين الآب والابن. "كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ [أنا يسوع] وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا [المؤمنون] هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا" (يوحنا 17: 21). فإن العلاقة الوثيقة والحميمية (التي تعبِّر عنها كلمة "فيَّ") بين الآب والابن هي نمط ونموذج لشكل العلاقة بين المؤمنين وإلههم. ويعكس حديث الكرمة الحقيقية هذه الوحدة (يوحنا 15: 1-11).

ثمة العديد من الآيات التي تربط المحبة الفريدة بين الآب والابن بالمحبة بيننا وبين الابن. "كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ [المؤمنين] أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ" (يوحنا 15: 9-10؛ انظر أيضًا يوحنا 14: 21؛ 17: 26). بالإضافة إلى ذلك، تتبع المحبة بين المؤمنين بعضهم بعضًا نمط محبة يسوع لنا (يوحنا 13: 34).

وإن الكيفية التي "يعرف" بها يسوع وخرافه بعضهم بعضًا تتبع نمط المعرفة الوثيقة بين الآب والابن. "أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي، كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ" (يوحنا 10: 14-15).

ومن بين معاني أن تكون مؤمنًا هو أن تُرسَل إلى هذا العالم لتعمل أعمالًا صالحة باسم يسوع. "كَمَا أَرْسَلْتَنِي [الآب أرسل يسوع] إِلَى الْعَالَمِ أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى الْعَالَمِ" (يوحنا 17: 18؛ 20: 21). "أُرسِل" يسوع، وكان لديه "عمل" ينبغي أن يعمله. وإن إتمام يسوع لعمله هذا هو نموذج جيد لنا كي نتمِّم عملنا.

أخيرًا، يصير معنى الوحدة بين المؤمنين أكثر وضوحًا عندما ندرك أنها تتبع نمط الوحدة بين الآب والابن. "لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ" (يوحنا 17: 11ب). لنقل إذن ما هو بديهي وأكيد، وهو إن إنجيل يوحنا سفر مذهل ورائع. اقرأه كلَّه دفعة واحدة، وتأمَّل في يسوع بصفته "الابن"، انظر كيف تتبع علاقتك بيسوع جزئيًا نمط العلاقة بين الآب والابن.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

روبرت ج. كارا
روبرت ج. كارا
د. روبرت ج. كارا هو العميد، وكبير المسؤولين الأكاديميين، وأستاذ العهد الجديد بكلية اللاهوت المصلَحة بمدينة شارلوت، ولاية نورث كارولينا. وهو مؤلف الكتاب بعنوان Cracking the Foundation of the New Perspective on Paul ("زعزعة أساس المنظور الجديد عن بولس")، بالإضافة إلى كتاب تفسير للرسالة إلى العبرانيين لم يصدر بعد.