إنجيل الأناجيل - خدمات ليجونير
شهادة يوحنا
۲۲ نوفمبر ۲۰۲۲
الاستسلام التام
۲۹ نوفمبر ۲۰۲۲
شهادة يوحنا
۲۲ نوفمبر ۲۰۲۲
الاستسلام التام
۲۹ نوفمبر ۲۰۲۲

إنجيل الأناجيل

ملاحظة المُحرِّر: المقالة 6 من سلسلة "الأناجيل"، بمجلة تيبولتوك.

أجب سريعًا. ما هي الأناجيل؟ انتهى الوقت. هل أجبتَ قائلًا: "الأناجيل هي سيرة حياة يسوع المسيح"؟ عندما نقرأ الأناجيل فقط على أنها سيرة حياة، فإننا ننظر إليها في الأساس مثلما ننظر إلى أشجار بمعزل عن الغابة الأكبر التي هي فيها. لكن توجد طريقة أفضل لقراءتها والاستماع إليها. فالأناجيل هي سيرة حياة، لكنها أيضًا التفسيرات اللاهوتية لحياة يسوع المسيح، بغرض الإعلان عن مجيء ملك إسرائيل، وافتتاح وبدء ملكوته على كلِّ الأرض.

عند قراءة الأناجيل بهذه الطريقة، سنتمكَّن من قراءة بشارة الإنجيل في الأناجيل، بصفته الإعلان عن تتميم وعود الأنبياء. فمن بين وعود هؤلاء الأنبياء، كان الوعد بمجيء ملك إلى إسرائيل، مثلما وعد الرب أبرام (تكوين 17: 6)، ويهوذا (تكوين 49: 10)، وداود (2 صموئيل 7: 12-13)، وشعب الله من خلال نشيد سليمان (مزمور 72)، ومن خلال نبوة زكريا (زكريا 9: 9). وعندما يأتي هذا الملك، سيفتتح ملكوتًا من السلام لجميع الأمم (إشعياء 2: 2-4؛ 9: 1-7). ونرى هذا الملك الآتي وملكوته بألوان زاهية ونابضة بالحياة في روايات الإنجيل.

يتجلَّى دخول الملك وملكوته إلى هذا العالم في قصة ميلاد ربِّنا يسوع. ففي سلسلة نسب يسوع، يوصَف يسوع بأنه "ابن داود" (متى 1: 1). فإن الأجيال الأربعة عشر من إبراهيم وحتى داود تحرَّكت صوب الملك العظيم وملكوت إسرائيل (متى 1: 2-6)، فيما تحرَّكت الأجيال الأربعة عشر من داود وحتى سبي بابل بعيدًا عن ملكوت ذلك الملك المجيد (متى 1: 7-11). لكن بمجيء يسوع، أصبحت الأجيال الأربعة عشر التالية من بابل وحتى المسيح بمثابة الاسترداد والاستعادة لحُكم داود ومملكته (متى 1: 12-16). وتتجلَّى الهوية الحقيقية لهذا الصبي الصغير في ارتحال "مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ" (متى 2: 1)، في سبيل العثور على "الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ" ليسجدوا له (متى 2: 2).

بعد ذلك، نادى يوحنا بمجيء هذا الملك كارزً بأنه " قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ" (متى 3: 2)، في حين اتسمت كرازة ربنا يسوع في المجمع بالإعلان عن مجيء ملكوته هذا (متى 4: 17). وطوال مدة خدمته، كرز يسوع "بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ" (متى 4: 23؛ 9: 35؛ لوقا 16: 16)، وهي العبارة التي تعني أن الملكوت هو موضوع البشارة. وقد نطق ربُّنا يسوع بأمثاله كي يُعلِم تلاميذه عن "أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ" (متى 13: 11؛ انظر أيضًا الآيات 19، 24، 31، 33، 38، 41-45، 47، 52). واستخدم يسوع هويته بصفته ملكًا كي يحيِّر الفريسيين، سائلًا إياهم: "«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ»" (متى 22: 42)؛ ثم أشار يسوع إلى أنه في المزمور 110، "يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا؟ قَائِلًا: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي..." (متى 22: 43-44أ). وكانت الاستنتاجات التي استخلصها يسوع من ذلك بارعةً، الأمر الذي ترك الفريسيين عاجزين عن النطق: " فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟" (متى 22: 45).

بل وإن رواية أحداث الآلام والصلب نفسها تركِّز على الملك وملكوته، وليس على النهاية المحزنة لأيَّة سيرة حياة. فعندما استجوب قيافا، رئيس الكهنة، يسوع، قال له: " أَسْتَحْلِفُكَ بِاللهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ؟»" (متى 26: 63)؛ فأجابه يسوع قائلًا: "أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ" (متى 26: 64). لكن، كان من شأن هذا الملك أن يقاسي أولًا سخرية واستهزاء، إذ قيل له: "السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!"، بعدما أُلبِس رداءً قرمزيًّا، ووُضِع على رأسه تاج من الشوك، وقصبة في يمينه (متى 27: 28-29). بل وفوقه أيضًا، عُلِّقت لافتة مكتوب عليها: "هذَا هُوَ يَسُوعُ مَلِكُ الْيَهُودِ" (متى 27: 37). لكن، كما هو موضَّح في إنجيل يوحنا، من خلال اتضاع ربنا يسوع، اختبر الرفعة والتمجيد: "وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ" (يوحنا 12: 32).

ومن المؤكَّد أن قيامة ربِّنا يسوع من بين الأموات هي أقوى دليل على مُلكه وعلى بشارة الملكوت: "دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ" (متى 28: 18). يرجع السبب في ذلك، كما قال يعقوب في مجمع أورشليم، إلى أن القيامة كانت بمثابة إقامةٍ لخيمة داود الساقطة (أعمال الرسل 15: 13-18؛ انظر عاموس 9: 11-12). فقد أتى الملك وأسَّس ملكوته، تمامًا مثلما تنبأ الأنبياء.

كيف ينبغي أن تؤثر فينا هذه الطريقة لقراءة الأناجيل؟ أولًا، ينبغي أن تدفعنا هذه الطريقة إلى أن نقرأ الأناجيل بمزيد من الشعور بالأهمية والإلحاح، وذلك لأن الملك جاء وملكوته قد اقترب. وتبيِّن لنا الكلمة التي تَميَّز بها إنجيل مرقس، وهي "للوقت"، أهمية قراءة هذا الإنجيل وفهم رسالته (مرقس 1: 12، 18، 21، 23، 29، 42). ثانيًا، بما أن الأناجيل ليست مجرد سيرة حياة، ينبغي ألا تُقرأ من بعيد، وكأنها مجرد قصص تروي ما حدث "منذ وقت طويل جدًا وبعيد جدًا"، بل علينا أن نشترك في هذه القصص بالإيمان: "وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ" (يوحنا 20: 30-31). ثالثًا، على الوعاظ أن يعظوا من الأناجيل لا على أنها تحف فنية عريقة، أو مبادئ لازمة لعيش الحياة المسيحية المنتصرة، أو على أنها مجرد زخارف تزيِّن خدمات أسبوع الآلام، بل بالأحرى على أنها روايات مُلحة ومهمة عن بدء وافتتاح ملكوت أبدي، أسَّسه ملكنا في هذا العالم. فعلى الخدام ألا يحولوا الأناجيل إلى نواميس وشرائع جديدة، بل أن يكرزوا منها ببشارة الإنجيل.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

دانيال هايد
دانيال هايد
القس دانيال هايد هو راعي كنيسة أوشنسايد المتحدة المُصلحة (Oceanside United Reformed Church) في مدينة أوشنسايد، بولاية كاليفورنيا، وهو مؤلف للعديد من الكتب، بما في ذلك "النعمة التي تستحق القتال من أجلها: استعادة رؤية نعمة الله في إقرارات دورت" (Grace Worth Fighting For: Recapturing the Vision of God’s Grace in the Canons of Dort).