إقرارات الإيمان والعضوية الكنسية - خدمات ليجونير
إقرارات الإيمان والقيادة الكنسية
۱۹ يناير ۲۰۲۳
إقرارات الإيمان وإرسالية الكنيسة
۲۳ يناير ۲۰۲۳
إقرارات الإيمان والقيادة الكنسية
۱۹ يناير ۲۰۲۳
إقرارات الإيمان وإرسالية الكنيسة
۲۳ يناير ۲۰۲۳

إقرارات الإيمان والعضوية الكنسية

ملاحظة المُحرِّر: المقالة 6 من سلسلة "الكنيسة الملتزمة بقوانين وإقرارات الإيمان التاريخي المصلَح"، بمجلة تيبولتوك.

تخيَّل معي واعظًا يتميَّز بأنه خطيب بليغٌ، بمعنى أن تعليمه واضحٌ ومُلهِم، كما أنه قائد موهوب. فإن فيه ما يجذب الآخرين إلى اتباعه. ثم تلقَّى هذا الرجل دعوةً للتحدُّث في أحد المؤتمرات، وأمكنك أن تتعرَّف عليه وعلى عائلته، فصرتَ على قناعة بأن كنيسته هي الكنيسة الأمثل لك. ثم ذهبتَ وسألتَ هذا الراعي عن الكيفية التي يمكن أن تنضم بها إلى هذه الكنيسة؛ لكن، كان الأمر مبهَمًا بعض الشيء بالنسبة لك، إذ سمعتَ منه الكثير من الحديث عن مجتمع الكنيسة، وعن كيف يمكن أن نكون صادقين بعضنا مع بعض. لكن عندما سألتَه: "بمَ تؤمن هذه الكنيسة؟" قدَّم لك ملخَّصًا مؤلَّفًا من ثمانية بنود، يحوي فقط أساسيات الإيمان الإنجيلي. ثم قال لك: "نحن في هذا المكان نجعل الأساسيات أولوية، ولا نتوقف عند المسائل الثانوية". بدا كلُّ هذا إيجابيًا للغاية. لكن أثار قلقك وأرَّقك السؤال التالي: ما الذي يمكن أن يحدث عندما تسوء الأحوال؟ ما الذي يمكن أن يحدث عندما تنشأ صعوبات في حياة الكنيسة، وتبرز حاجةٌ إلى التأديب؟ بمَ تؤمن هذه الكنيسة فعليًّا بشأن الفرائض، أو بشأن دور الدولة؟ فثمة الكثير من القضايا التي لا يتطرق إليها ملخَّص مكوَّن من ثمانية بنود.

بحسب الفكر الإصلاحي، يُعد التأديب الكنسي واحدًا من علامات الكنيسة؛ ومع ذلك، فإنه واحد من الجوانب العظيمة من حياة الكنيسة التي تتعرَّض لإهمال كبير في يومنا هذا. لا أحد في كامل قواه العقلية يمكن أن يظن أنه يستطيع أن يربِّي أولاده دون أيِّ تأديب؛ ومع ذلك، فإن الكنيسة الإنجيلية اليوم أهملت ذلك إلى حدٍّ كبير. تَكمُن الصعوبة بالنسبة لأية كنيسة ملتزمة بإقرار إيمان مختَصَر ومبسَّط في أنه إن وُجد لديها أيُّ تأديب كنسي على الإطلاق، سيضطر القادة في كثير من الأحيان عند ممارسة هذا التأديب أن يرتجلوا القواعد بحسب الموقف. وللأسف، يُمكن أن ينتهي الحال بهم إلى تأديب البعض على أمور لا تستحق التأديب. فمع أن هذه البنود الثمانية للعقيدة قد تكون صحيحة، لكنها ليست تفصيلية بما يكفي للتعامل مع الأزمات التي تواجهها الكنيسة في حياتها.

ففي الكنيسة الملتزمة بإقرار إيمان مُختَصَر ومبسَّط، تتوقف الحالة الصحية لأعضاء الكنيسة بالكامل إلى حد كبير على الحالة الصحية الروحية للقائد. في العقد الماضي، شهدنا حالات مأساوية من سقوط قادة، وانهيار الكنائس التي قادوها في أعقاب رحيلهم عنها.

يسعى إقرار الإيمان الأكثر تفصيلًا إلى اكتساب فهم واضح لكلمة الله، والتعبير عنه. فإن الله يعلن عن ذاته بوضوح في الكتاب المقدس. وعندما يقارَن النص الكتابي بنص كتابي آخر، تصير العقيدة الأساسية واضحة، وبالتالي يصير من المُمكن تلخيص البنود الرئيسية للتعليم الكتابي بطريقة رائعة ومترابطة. فإننا في هذه الإقرارات نتوصَّل إلى ما يُعَلِّمه الكتاب المقدس بشكل أساسي.

يلعب إقرار الإيمان عددًا من الأدوار لأجل أعضاء الكنيسة. فهو، أولًا، يبقي علينا أمناء وصادقين. لدى كلِّ كنيسة إقرار إيمان؛ لكن السؤال هو: هل قامت هذه الكنيسة بتدوين إقرار إيمانها أم لا؟ فسواء كان هذا الإقرار هو إقرار إيمان وستمنستر، أو إقرار إيمان لندن المعمداني لعام 1689، أو وثائق الوحدة الثلاث، فإن وجود إقرار إيمان يُظهِر بوضوح ما تؤمن به الكنيسة، ولا يفسح المجال للتملُّص منه. فعلى قادة الكنيسة أن يقرأوا إقرار إيمان الكنيسة بانتظام على مسامع أعضاء كنيستهم، حتى يصيروا، على حد تعبير بولس، طائعين "مِنَ الْقَلْبِ صُورَةَ التَّعْلِيمِ الَّتِي تَسَلَّمْتُمُوهَا" (رومية 6: 17). فثمة "نموذج من التعليم الصحيح" ينبغي أن نطمح إليه (2تيموثاوس 1: 13).

يجب أن يكون للكنيسة الملتزمة بقوانين وإقرارات الإيمان شكلٌ واضحٌ تسعى إلى أن يشاكله أعضاؤها. أحد الجوانب الرائعة لإقرارات الإيمان القديمة هو أنها نجحت في اجتياز اختبار الزمن. فهي لا تترك الناس تحت رحمة البدع اللاهوتية، أو القادة دائمي التغيُّر. فإنه ثمة نوعٍ من النضج اللاهوتي في إقرارات الإيمان، الذي يعطينا لقاحًا واقيًا ضد بعض الضلالات اللاهوتية التي تحيط بنا.

ثانيًا، يمدُّ إقرار الإيمان أعضاء الكنيسة بالحماية. فهو يحدد ما هو مطلوب لأجل الانضمام إلى عضوية الكنيسة، ويوضح الحالة التي تستلزم أو لا تستلزم التأديب الكنسي، ويعطي المعايير التي يمكن من خلالها إخضاع الشيوخ للمساءلة، ويرسم حدود التفكير اللاهوتي. كذلك، يصير إقرار الإيمان وسيلةً للتعبير عن الاهتمام الرعوي. فهو يوجِّهنا في مسار النضج اللاهوتي، وبالتالي يمكِّن الرعاة والشيوخ من رعاية وتشجيع الأعضاء في أثناء سيرهم عبر مسار التلمذة هذا، لكنه يفسح المجال أيضًا للتوبيخ والإنذار عندما يحيد هؤلاء الأعضاء عن المسار.

ثالثًا، التمسك بإقرار إيمان يتيح لنا أن نتمتَّع بوحدة هادفة مع الكنائس المشابهة لنا في الفكر في كلِّ أنحاء العالم وعبر التاريخ. فمع أن إقرارات الإيمان المُصلَحة قد تختلف بعضها عن البعض من حيث طريقة تعبيرها عن محتواها، لكن عقائد النعمة الرئيسية المُعلنة فيها واحدة لا تتغير.

رابعًا، يمد إقرار الإيمان الأعضاء بالأدوات اللازمة ليعيشوا في مجتمع يتزايد عداؤه للإنجيل يومًا فيوم، وكذلك ليفكِّروا في هذا المجتمع وينقدوه. فالأسئلة التي تُطرح علينا اليوم تتطلَّب أن يكون لدينا فكر لاهوتيٌّ أكثر تكاملًا وعمقًا. وعندما نلجأ إلى إقرارات الإيمان المُصلَحة، التي تلخص تعاليم الكتاب المقدس، سنجد أنفسنا مستعدين أكثر فأكثر للمجاوبة عن سبب الرجاء الذي فينا.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

بول ليفاي
بول ليفاي
القس بول ليفاي هو راعي الكنيسة المشيخية الدولية بمقاطعة إيلنغ غرب لندن.