ما هو الإيمان الذي للخلاص - خدمات ليجونير
في البدء…
۳ أبريل ۲۰۲۳
ما الذي كان قبل الله؟
۱۱ أبريل ۲۰۲۳
في البدء…
۳ أبريل ۲۰۲۳
ما الذي كان قبل الله؟
۱۱ أبريل ۲۰۲۳

ما هو الإيمان الذي للخلاص

الإيمان أمر جوهريّ في المسيحية. يدعو العهد الجديد الناس مرارًا إلى الإيمان بالربّ يسوع المسيح. هنالك محتوى مُحدّد يجب الإيمان به، وهو جزء لا يتجزّأ من نشاطاتنا الدينيّة. في عصر الإصلاح، حدث نقاش حول طبيعة الإيمان الذي يُخلّص. ما هو الإيمان المُخلِّص؟ بالنسبة إلى كثير من الناس، توحي فكرة التبرير بالإيمان وحدَه كما لو أنّه نوع مُقنّع من نظريّة اللاناموسيّة أو ضدّ الناموسيّة(antinomianism)، والتي تقول إنّه يُمكن للبشر أن يسلكوا كما يحلو لهم، طالما هم يؤمنون بالعقائد الصحيحة. أمّا يعقوب، فقد كتب في رسالته: "مَا ٱلْمَنْفَعَةُ يَا إِخْوَتِي إِنْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّ لَهُ إِيمَانًا وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ، هَلْ يَقْدِرُ ٱلْإِيمَانُ أَنْ يُخَلِّصَهُ؟... ٱلْإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ" (2: 14، 17). وقال لوثر إنّ نوع الإيمان الذي يُبرّر هو fides viva، أي هو"إيمان حيّ" الذي يُنتِج حتمًا وبالضرورة، وحالًا، ثمر البرّ. التبرير هو بالإيمان فقط، ولكن ليس بإيمان يبقى وحده. الإيمان الذي لا ينتج عنه برّ، ليس إيمانًا حقيقيًّا.

بالنسبة إلى كنيسة روما الكاثوليكيَّة، الإيمان مع الأعمال يساوي التبرير؛ وبالنسبة لأتباع "ضدّ الناموس"، الإيمان بدون أعمال يساوي التبرير؛ أمّا بالنسبة إلى المُصلِحين البروتستانتيِّين، فإن الإيمان يساوي التبرير زائد الأعمال. بمعنى آخر، الأعمال هي الثمار الضروريَّة للإيمان الحقيقيّ. لا تؤخَذ الأعمال في الحسبان من جهة حُكم الله بأنّنا أبرارٌ في نظرِه؛ أي أنّها ليست جزءًا من الأُسُس اللازمة لكي يُصدر الله حُكمًا بأنّنا أبرار.

ما هي العناصر التي يتكوّن منها الإيمان الذي للخلاص؟ أقرَّ المصلِحون البروتستانتيّون أنّ الإيمان الكتابيّ له ثلاثة عناصر أساسيَّة، هي: المحتوى (notitia)، والقبول (assensus)، والثقة (fudicia).

يُشير عنصر "المحتوى" إلى ما يتضمّنه الإيمان، أي الأمور التي نؤمن بها. نحن مطالَبون بالإيمان بأشياء معيّنة عن المسيح، وعلى وجه التحديد كونه ابن الله، وأنّه مُخلِّصنا، وأنه قد دبَّر كفّارة، وغيرها من الأشياء الأخرى.

ويُشير عنصر "القبول" إلى إيقاننا بصحّة محتوى إيماننا. يُمكن للإنسان أنْ يعرفَ عن الإيمان المسيحيّ، ومع ذلك، يؤمن بأنّه ليس إيمانًا صحيحًا. قد يمتزج إيمانُنا ببعض الشكوك، لكن لا بدّ من وجود مستوى معيّن من القبول العقليّ والقناعة إنْ أردنا أنْ نَخلُص. فقبل أنْ يتمكَّن أحدٌ من الإيمان بيسوع المسيح، عليه أنْ يؤمنَ بأنّ المسيح هو المخلِّص، وأنّه بالفعل كما قال عن نفسه. الإيمان الحقيقي يعترف بأنّ "المحتوى" صحيحٌ.

أما عنصر "الثقة" فهو يُشير إلى الثقة الشخصيَّة والاعتماد. معرفة محتوى الإيمان المسيحيّ والإيمان به ليس كافيًا، لأنّ الشياطينَ قادرون على ذلك أيضًا (يعقوب 2: 19)؛ لكن، لا يُصبحُ الإيمان فعّالًا إلّا عندما يضع الإنسان ثقتَه الشخصيَّة في المسيح لخلاصه. إنّ قبولنا العقليّ لتصريح ما، يختلف تمامًا عن وضع ثقتنا الشخصيَّة فيه. نستطيع أنْ نقولَ إنّنا نؤمن بالتبرير بالإيمان وحده، ونظلّ مع ذلك مُعتقدين أنّنا سنذهب إلى السماء بإنجازاتنا الشخصيَّة، أو بأعمالنا، أو بجهادنا. من السهل إدخال عقيدة التبرير بالإيمان إلى داخل عقولنا، لكن من الصعب أنْ نجعلَها تسري في دمائنا، بحيث نتعلَّق بالفعل بالمسيح وحده للخلاص.

هنالك عنصر آخر داخل عنصر الثقة، وهو عنصر المشاعر. إنّ الشخص الذي لا يختبر الولادة الثانية، لن يُقبِل البتّة إلى يسوع، لأنه لا يريده. فهو، ذهنيًّا وقلبيًّا، في عداوة تامّة مع أمور الله. وطالما بقي الإنسان في عداوة مع المسيح، فلن يكنَّ له أيّة مشاعر. والشيطان نفسه هو أفضل مثال على هذا. يعرف الشيطان الحقّ، لكنّه يبغض الحقّ. لديه نفور كامل نحو عبادة الله لأنّه لا يحبّ الله. ونحن بالطبيعة مثلُه تمامًا. نحن أموات في الذنوب والخطايا، سالكين بحسب قوّى هذا العالم، غارقين في شهواتِ الجسد. إن لم يغيِّرنا الروح القدس، ستبقى قلوبنا حجريَّة. إنّ القلبَ الذي لم يختبر الولادة الثانية، هو قلبٌ خالٍ من أيَّة مشاعر إيجابيَّة نحو المسيح؛ فهو بدون حياة، وخالٍ من المحبّة. لكنّ الروح القدس يُغيّر ميول قلوبنا، لكي نقدر أن نرى حلاوة المسيح، ونَقبَله. لا أحد منّا يُحِبّ المسيح محبّة كاملة، لكنّنا لا نقدر أنْ نحبَّه على الإطلاق ما لم يغيِّر الروح القدس قلوبَنا الحجريَّة، ويحوِّلها إلى قلوب لحميَّة.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

آر. سي. سبرول
آر. سي. سبرول
د. آر. سي. سبرول هو مؤسس خدمات ليجونير، وهو أول خادم وعظ وعلّم في كنيسة القديس أندرو في مدينة سانفورد بولاية فلوريدا. وأول رئيس لكلية الكتاب المقدس للإصلاح. وهو مؤلف لأكثر من مئة كتاب، من ضمنها كتاب قداسة الله.