ما هو الاختلاف الذي تحدثه عصمة الكتاب المقدس؟ - خدمات ليجونير
ما هو الشيء العظيم في عقيدة الفساد الكلي؟
۱ فبراير ۲۰۲۱
بيان ناشفيل
٦ فبراير ۲۰۲۱
ما هو الشيء العظيم في عقيدة الفساد الكلي؟
۱ فبراير ۲۰۲۱
بيان ناشفيل
٦ فبراير ۲۰۲۱

ما هو الاختلاف الذي تحدثه عصمة الكتاب المقدس؟

هل يهم ما إذا كان الكتاب المُقدَّس معصومًا أو غيرَ معصومٍ، أو منزَّهًا عن الخطأ أو غيرَ منزَّهٍ عن الخطأ، أو مُوحىً به أو غيرَ مُوحٍ به؟ ما كل هذا العناء حول عقيدة عصمة الكتاب المُقدَّس؟ لماذا يناقش المسيحيُّون هذه المسألة؟ ما هو الاختلاف الذي تحدثه عصمة الكتاب المُقدَّس؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال، يجب أن نفكر في الطريقة التي لا تحدث بها العصمة فرقًا. ينص بيان شيكاغو عن عصمة الكتاب المقدس على ما يلي:

نُؤكِّدُ أن الاعتراف بالسلطة التامة للكتاب المقدس، وبتنزيهه عن الخطأ، وبعصمته هو أمر حيوي لأجل فهم صحيح للإيمان المسيحي بكامله. كما نُؤكِّدُ أيضًا أن هذا الاعتراف لا بد أن يؤدي إلى مشابهة متزايدة لصورة المسيح. نُنكِرُ أن يكون هذا الاعتراف ضروريًّا للخلاص. ولكننا نُنكِرُ أيضًا إمكانية رفض العصمة دون أن يؤدي هذا إلى عواقب وخيمة، سواء على الفرد أو على الكنيسة (البند 19).

هذا البند يحقِّق توازنًا دقيقًا. فهو يؤكِّد أن عقيدة عصمة الكتاب المُقدَّس "أمر حيوي لأجل فهم صحيح للإيمان المسيحي بكامله" وأن إنكارها يؤدِّي إلى عواقب وخيمة، سواء على الفرد أو على الكنيسة. ومع ذلك، يوضِّح هذا البند أيضًا أن الإيمان بالعصمة ليس ضروريًّا للخلاص. فمع أن عصمة الكتاب المُقدَّس هي أمر حيوي لفهم الإيمان المسيحي و"للمشابهة المتزايدة لصورة المسيح"، إلا أنه ليس على الشخص أن يتمسَّك به ليكون مسيحيًّا.

سلطة المسيح:

ولكن ما هو الاختلاف الذي تحدثه عصمة الكتاب المُقدَّس؟ لماذا يعد الأمر مهم؟ هناك العديد من الطرق التي يكون فيها الأمر مهمًّا للغاية. لكن في النهاية، عصمة الكتاب المُقدَّس ليست عقيدة عن كتاب. بل الأمر المعني هو شخص المسيح وعمله.

اسمحوا لي أن أوضِّح الأمر. منذ سنوات مضت كنت أتحدَّث في فيلادلفيا حول مسألة سلطة الكتاب المُقدَّس. بعد المحاضرة التي ألقيتها نزلت إلى مقدمة الكنيسة، ورأيت رجلًا يقترب منِّي. على الفور تعرَّفت على وجهه، على الرغم من مرور حوالي عشرين عامًا منذ أن قابلته آخر مرة. كان اسمه تشارلي. وكنَّا رفقاء سكن في الجامعة وشركاء في الصلاة. مشينا عبر الحشود واحتضننا بعضنا البعض.

اعتزلنا عن المؤتمر وخرجنا لتناول العشاء. قال لي تشارلي أثناء جلوسنا: "قبل أن نبدأ في الحوار، هناك شيء يجب أن أخبرك به". فقلت له: "ما هو هذا الشيء؟" فقال لي: "أنا لم أعد أؤمن بما كنت أؤمن به عن الكتاب المُقدَّس عندما كنَّا في الجامعة معًا. آنذاك كنت أؤمن بالعصمة، ولكنني التحقت بكليَّة اللاهوت وتعرَّضت لدراسة النقد الأعلى. لم أعد أؤمن أن الكتاب المُقدَّس معصومًا. أردت أن أوضِّح الأمر قبل المضي قدمًا في حديثنا". فأجبته: "حسنًا يا تشارلي، لكن دعني أسألك هذا: ما الذي ما زلت تؤمن به من أيام القدم؟" فأجاب تشارلي مبتهجًا: "ما زلت أؤمن أن يسوع المسيح هو مخلصي وربي". كنت سعيدًا بسماع ذلك، ثم بدأت في طرح أسئلة جعلت تشارلي غير مرتاح.

وسألته: "يا تشارلي، كيف يكون يسوع ربًا على حياتك؟" فأجاب: "ما الذي تقصده؟" فقلت: "حسنًا، الرب هو الشخص الذي يمارس السلطة عليك، وهو يعطيك أوامر بالمسيرة، ولديه القدرة على إجبارك على الطاعة، ويطلب منك الخضوع للفروض والواجبات. إن كان المسيح هو ربك، ألا تقول إن لديه سلطة سياديَّة عليك؟"  فأجاب: "نعم".

ثُمَّ تعمَّقت أكثر فسألت: "كيف يمارس المسيح هذه السيادة عليك؟ كيف تحصل منه على أوامر المسيرة؟ يبدو أنه ليس من الكتاب المُقدَّس". فكَّر تشالي للحظة ثُمَّ قال: "أحصل عليها من الكنيسة". فقلت: "حسنًا، أي كنيسة؟ هل نهضة القداسة؟ أم الأسقفيَّة؟ أم الكاثوليكيَّة، أم المشيخيَّة؟" فأجاب: "الكنيسة المشيخيَّة". ثُمَّ سألته: "الكنيسة المشيخيَّة في مدينة ويتشيتا؟ أم الكنيسة المشيخيَّة في مدينة سينسيناتي؟ أم الكنيسة المشيخيَّة في مدينة فيلادلفيا —أي كنيسة؟" فأجابني: "المحفل العام". فسألته: "أي محفل عام؟" ثُمَّ اعترف أخيرًا قائلًا: "حسنًا، عندي بعض المشاكل التي لم أتوصَّل إلى حلٍ لها بعد". فقلت: "بالتأكيد عندك مشاكل لم تتوصل إلى حلٍ لها بعد. فأنت تريد أن تؤكِّد على ربوبيَّة المسيح، ولكن ربك ضعيف. فهو ليس لديه وسيلة لإخبارك بأي تكليف لك على الإطلاق، ذلك لأنك تقف فوق وصايا المسيح المُسجَّلة في الكتاب المُقدَّس. أنت تضع نفسك فوقها بحكمك النقدي".

استقامة المسيح:

عند هذه اللحظة، تحوَّل حديثنا من مسألة السلطة إلى مسألة الخلاص. فسألت تشارلي: "ما الذي يتطلَّبه يسوع ليُخلِّصك؟ إذا أخطأ يسوع، فهل يمكنه أن يخلِّص نفسه؟ وهل يمكنه أن يخلِّصك؟" فأقرَّ تشارلي أنه إن كان يسوع خاطئًا، لا يقدر أن يخلِّص نفسه، ناهيك عن تشارلي وعنِّي. ولكن بعد ذلك سأل تشارلي: "ما هو الاختلاف الذي يحدث إذا كنَّا نؤمن بالعصمة أم لا؟ وما علاقة كون يسوع بلا خطيَّة بوجهة نظرك؟" فقلت: "يا تشارلي، لأن يسوع علَّم بعصمة الكتاب المُقدَّس".

أوضح حديثي مع تشارلي ظاهرة مثيرة للاحتمام. اتفق تشارلي، مثل العديد من علماء الكتاب المُقدَّس المعاصرين الذين ينكرون العصمة، على أن يسوع الناصري آمن وعلَّم بما نسميه اليوم عقيدة العصمة. في الوقت نفسه، مثل العديد من علماء الكتاب المُقدَّس المعاصرين الذين ينكرون العصمة، اعترف تشارلي بيسوع ربًّا ومُخلِّصًا. ولكن يوجد تناقض هنا، وأردت أن أوضِّح ذلك لصديقي. فسألته قائلًا: "حسنًا، أنت الآن لا تختلف معي في الرأي أو مع بي بي وارفيلد أو مع تشارلز هودج من كلية برينستون القديمة. أنت الآن تتصارع مع يسوع والرسل والأنبياء. هل كانوا مخطئين؟" فقال: "نعم، لقد كانوا مخطئين". فقلت: "حسنًا، فكر بجديَّة في الأمر. ما هي الآثار المترتبة على خطأ يسوع فيما يتعلَّق بتعاليمه عن الكتاب المُقدَّس؟" قال تشارلي، وهو عالم لاهوت ماهر: "انظر يا أر. سي. ما هو الاختلاف الذي يحدث إن كان يسوع على خطأ؟ ليس على يسوع أن يكون كلي العلم حتى يكون مُخلِّصي". اتفقت معه قائلًا: "ليس عليه".

ومع ذلك، فإن القضية في حديثنا لم تكن المعرفة الكليَّة. عندما نذكر المعرفة الكليَّة، نقصد صفة من صفات الله. أي أن الله يعلم كل شيء. كانت وجهة نظر تشارلي أن يسوع —فيما يختص بطبيعته البشريَّة— لم يكن يعلم كل شيء. ثم ذهب مباشرةً إلى الكتاب المُقدَّس ليثبت ذلك، مشيرًا على سبيل المثال إلى أن يسوع لا يعلم يوم وساعة عودته (متى 24: 36). ولكن الحوار الذي أجريه مع تشارلي لم يكن في الحقيقة حول المعرفة الكليَّة. كان الأمر في الواقع يتعلَّق بعدم الخطيَّة.

فيما يختص بطبيعة المسيح البشريَّة، لم يكن على المسيح أن يكون كلي المعرفة ليكون مُخلِّصي. ومع ذلك، كان عليه أن يكون بلا خطيَّة. سيُحصى يسوع بين الآثمين إن كان يُعلِّم تعاليم خاطئة. لقد أعلن أنه يتحدَّث على أساس سلطة أبيه (يوحنا 8: 28؛ 14: 10). كما أنه صرَّح قائلًا: "أَنَا هُوَ... الْحَقُّ". هذا أسمى وأعظم إعلان عن سلطة التعليم على الإطلاق. إن كان الإنسان الذي يعلن أنه هو الحق وأنه لم يقل شيئًا الا بسلطة إلهيَّة يُعلِّم تعاليم خاطئة، فهذه خطيَّة. وإن أخطأ خطية واحدة، فلا يوجد مُخلِّص إذن. هذا ما هو على المحك هنا.

عندما أوضحت ذلك لتشارلي، قال لي: "لدي مشكلة". فأجبته: "نعم، لديك مشكلة. أنت تريد التخلُّص من وجهة نظر يسوع عن الكتاب المُقدَّس والتمسُّك به كمخلِّصك وربك. أنت تقف على أسس هشَّة للغاية، إن أردت أن تكون متسقًا". كان تشارلي يعيش في نسيمٍ مبهج من التناقض المناسب له. ولكن هل ترى ما هي المسألة هنا؟ إنها استقامة المسيح.

تشارلي هو مثال جيد للشخص الذي يمكنه إنكار عصمة الكتاب المُقدَّس ومع ذلك يظل يؤمن بيسوع ربًّا ومُخلِّصًا. لكن هذا ممكن فقط إن كان المرء غير متسق في أفكاره. من دواعي السرور أن الله لا يُطالب بالاتساق الكامل في لاهوتنا من أجل الخلاص. إن كان هذا هو الحال، فلا يمكن أن يخلص أي خاطئ، لأنه لا يوجد خاطئ يتمسَّك بلاهوت كامل. ومع ذلك، لا يعني هذا أننا يجب أن نرضى بالتناقض أو عدم الاتساق. ففي نهاية المطاف، لا تنفصل عصمة الكتاب المُقدَّس عن الكريستولوجي (العقيدة عن شخص المسيح وعمله). إن لم يُعلِّم يسوع وجهة النظر هذه عن الكتاب المُقدَّس، فإن الجدل سينتهي. المسألة ليست قدسيَّة كتاب، أو "بابا من الورق"، أو عبادة الكتاب المُقدَّس. القضية التي على المحك هي استقامة شخص المسيح وعمله. فهو قادر أن يُخلِّصنا فقط إذا كان بلا خطية، وهو بلا خطية فقط إن كانت كل تعاليمه —بما في ذلك ما علَّمه عن الكتاب المُقدَّس— صحيحة.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

آر. سي. سبرول
آر. سي. سبرول
د. آر. سي. سبرول هو مؤسس خدمات ليجونير، وهو أول خادم وعظ وعلّم في كنيسة القديس أندرو في مدينة سانفورد بولاية فلوريدا. وأول رئيس لكلية الكتاب المقدس للإصلاح. وهو مؤلف لأكثر من مئة كتاب، من ضمنها كتاب قداسة الله.