خمس حقائق عن الروح القدس - خدمات ليجونير
هل يُعاقبنا الله على خطايا آبائنا؟
۳۰ مايو ۲۰۲۳
سياقات مهمّة لفهم اللاهوت المُصلَح
٦ يونيو ۲۰۲۳
هل يُعاقبنا الله على خطايا آبائنا؟
۳۰ مايو ۲۰۲۳
سياقات مهمّة لفهم اللاهوت المُصلَح
٦ يونيو ۲۰۲۳

خمس حقائق عن الروح القدس

قال يسوع: "أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ" (يوحنا 16: 7). لا أريد أنْ أقدِّمَ معلومات غير ضروريَّة مألوفة لديك بالفعل، لذا اسمح لي أنْ أذكرَ بإيجاز بعض المعلومات الأساسيَّة عن هذه الآية. أنت تعلم أنّ الكلمة اليونانيَّة المُترجمة هنا "الْمُعَزِّي" هي باراكليتوس. وهي مصطلح تقني، له بعد قانونيّ، ويشير إلى الشخص الذي سيصبح محاميًا. في السياق الأوسع، يشير المصطلح إلى التعزية، والحماية، والمشورة، والإرشاد. كما تحدَّث يسوع أيضًا عن الروح القدس المُعزِّي في يوحنا 14 وقدَّمه بصفته "روح الحق" (14: 17؛ 16: 13).

أعتقد أنّه من الأفضل بالنسبة إليّ أنْ أذكرَ ببساطة عددًا من الأشياء المتعلِّقة بهُويَّة هذا المُعزِّي مع القليل من التوضيح.

  1. الروح القدس هو شخص فريد.

أولًا، علينا أنْ نلاحظَ أنّ الروح القدس هو شخص فريد وليس مجرَّد قوَّة أو تأثير. يتم التحدُّث عنه بصيغة العاقل وليس بصيغة غير العاقل. هذه مسألة مهمّة، لأنّك إنِ انتبهتَ جيّدًا لحديث الناس، حتّى داخل كنيستك، فقد تسمع أنّه يتمّ الإشارة للروح القدس بصيغة غير العاقل. يمكنك حتّى أنْ تجدَ نفسك تقع في هذا الخطأ. إنْ فعلت هذا، أتمنى أنْ تعضَّ لسانك حالًا. علينا أنْ نفهمَ أنّ روح الله، الأقنوم الثالث في الثالوث، هو شخص عاقل. ولأنّه شخص، فقد يحزن (أفسس 4: 30)، ويُطفأ من حيث ممارسة إرادته (1 تسالونيكي 5: 19)، وقد يتمّ مقاومته (أعمال الرسل 7: 51).

  1. الروح القدس هو واحد مع الآب ومع الابن.

ثانيًا، الروح القدس هو واحد مع الآب والابن. إنْ أردنا قول هذا بمصطلحات لاهوتيَّة، نقول إنّه مساوٍ لهما في الجوهر وفي السرمديَّة. عندما نقرأ حديث العُليَّة بكامله، نكتشف أنّ كلًّا من الآب والابن هما مَن سيرسلان الروح القدس (يوحنا 14: 16؛ 16: 7)، وأنّ الروح القدس أتى وعمل —إنْ جاز القول— من أجلهما. لذا فإنّ عمل الروح القدس لا يُعطى لنا في الكتاب المقدّس إطلاقًا بمعزلٍ عن شخص المسيح وعمله، أو بمعزلٍ عن إرادة الآب الأزليَّة. أيّ محاولة للتفكير في عمل الروح القدس بطرقٍ صوفيَّة تمامًا ومنفصلة عن الكتاب المقدّس، ستقودنا إلى كلّ أشكال الطرق الجانبيَّة التي تؤدّي في النهاية إلى طريق مسدود.

  1. كان الروح القدس عاملًا في الخلق.

ثالثًا، كان الروح القدس عاملًا في الخلق. في قصّة الخلق في بداية الكتاب المقدّس، نقرأ: "فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ" (تكوين 1: 1-2). إنّ الكلمة العبريَّة المُترجمة "روح" هنا هي رواح، والتي يمكن أنْ تعني أيضًا "نَفَس". إنّ رواح إلوهيم، أي "نَفَس القدير"، هو العامل في الخلق. ليس المقصود هنا الجانب غير الماديّ للروح القدس، بل بالأحرى قدرته وطاقته. فالصورة هنا هي صورة طاقة الله وهي تتنفَّس بالخليقة، إنْ جاز القول، حيث نطق بالعالمين إلى حيِّز الوجود، ووضع النجوم في السماء. وبالتالي، عندما نقرأ إشعياء 40: 26 ويُطرح السؤال: "مَنْ خَلَقَ هذِهِ؟" نجد الإجابة في تكوين 1: 2 —الروح القدس هو القوَّة التي لا تُقاوم والتي من خلالها يُـتمِّم الله مقاصده.

بشكل عرضيّ، يتعلَّق أحد أسئلة دراسات العهد القديم بمدى قدرتنا على اكتشاف شخصيَّة الله الروح القدس المُميَّزة من العهد القديم. بمعنى آخر، هل يمكننا أنْ نفهمَ طبيعة أقنوميَّته في العهد القديم وحده؟ عندما نقرأ سفر التكوين الإصحاح 1، ليس من الصعب أنْ نرى ما نجده في الآية الثانية، وبالتأكيد في ضوء ما تمّ إعلانه لاحقًا، وهو إشارة واضحة ومميَّزة إلى الأقنوم الثالث من الثالوث.

في كتابه بعنوان "الروح القدس"، كتب سنكلير فيرجسون أنّه إنْ تعرَّفنا على الله الروح القدس في تكوين 1: 2، فإن هذا يقدِّم ما يشير إليه البعض على أنه الحلقة المفقودة في تكوين 1: 26، حيث قال الله: "نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا". لاحَظَ فيرجسون أنّ هذه إشارة سابقة وواضحة لروح الله العامل في تكوين 1: 1-2.

بالمناسبة، تذكِّرنا هذه المسألة أنّه من المفيد قراءَة كتابنا المُقدَّس من الخلف إلى الأمام. فعندما نقرأ من الخلف إلى الأمام، نكتشف صحّة المبدأ التفسيريّ الكلاسيكيّ المنسوب إلى أوغسطينوس: "إنّ [العهد] الجديد موجود في [العهد] القديم بشكلٍ مخفيّ، والقديم موجود في الجديد بشكلٍ مُعلن". بعبارة أخرى، نكتشف المعاني المُتضمّنة لهذه التعاليم والأحداث التي وردت في وقتٍ سابق في الكتاب المقدّس.

  1. الروح القدس هو العامل في الولادة الجديدة.

رابعًا، ليس الروح القدس عاملًا في الخلق فحسب، بل أيضًا عاملًا في خليقة الله الجديدة في المسيح. فهو صانع الميلاد الجديد. نرى هذا في يوحنّا 3، في اللقاء الكلاسيكي بين يسوع ونيقوديموس، حين قال يسوع: "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ" (الآية 5). هذه الحقيقة، بكلّ تأكيد، ورادة في باقي الأسفار المُقدَّسة.

  1. الروح القدس هو كاتب الكتاب المقدّس.

خامسًا، الروح القدس هو كاتب الكتاب المقدّس. تقول رسالة 2 تيموثاوس 3: 16: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ..." الكلمة اليونانيَّة وراء هذا التعبير هي ثيوبنوستوس، والتي تعني "مُتنفَّسٌ به من الله". في الخلق، نجد الروح القدس وهو يتنفَّس بطاقته، ويُطلق قوَّة الله في عمل الخلق. لدينا الشيء نفسه في عمل الفداء، ونراه مرّة أخرى في العمل الإلهيّ المختصّ بإعطائنا سجلّ الكتاب المقدّس نفسه. ترتبط عقيدة الوحي كليًّا بعمل الله الروح القدس. يؤكِّد بطرس هذا الرأي، حيث كتب: "لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2 بطرس 1: 21). إنّ الرجال الذين كتبوا الأسفار الكتابيَّة لم يخترعوا أشياءً. كذلك لم يكونوا آلات أوتوماتيكيَّة. لقد كانوا أشخاصًا حقيقيِّين في أزمنة تاريخيَّة حقيقيَّة بحمض نوويّ حقيقيّ يكتبون بحسب سياقهم التاريخي وبحسب شخصيّاتهم. ولكن، كانت كتابة الكتاب المقدّس عملًا مزدوجًا. على سبيل المثال، كان إرميا والله معًا، لأنّ إرميا حُمل وسيق. في الواقع، في حالة إرميا، قال الله: "هَا قَدْ جَعَلْتُ كَلاَمِي فِي فَمِكَ" (1: 9). لقد فعل ذلك بدون انتهاك شخصيَّة إرميا المُميَّزة، ثمّ كتب كلمة الله ذاتها. لهذا ندرس الكتاب المقدّس، لأنّه كتاب موجود نتيجة وحي الروح القدس.

فيما يتعلَّق بهُويَّة المُعزِّي، يمكننا الاستمرار في الحديث إلى ما لا نهاية، ولكن يجب أنْ نكونَ انتقائيِّين وليس شاملين. فهُويَّته هي "مُعزيًّا آخر". الكلمة التي تُرجمت "آخر" هنا هي ألوس وليست هيتيروس. لقد وعد يسوع بمُعزيًّا من النوع نفسه، وليس من نوع مختلف. إنّ الروح القدس هو الباراكليتوس، الذي جاء لمساندتنا. قال يسوع إنّه "يَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ... مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ" (يوحنا 14: 16-17). بعبارة أخرى، خدمته دائمة وشخصيَّة.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

أليستير بيج
أليستير بيج
الدكتور أليستير بيج هو الراعي الرئيسي لكنيسة باركسايد (Parkside Church) في مدينة كليفلاند، بولاية أوهايو، ومضيف برنامج "الحق من أجل الحياة" (Truth For Life). وهو مُؤلِّف كتاب "يد الله" (The Hand of God).